Flag Counter

Flag Counter

Wednesday, December 30, 2015

هل تساهم المشكلة الديمغرافية في تعزيز الفوارق الإقتصادية والسياسية بين الولايات المتحدة وأوروبا؟

الولايات المتحدة عبارة عن أمَّة حديثة التأسيس ولكنها في أقل من 200 سنة إنحدرت بحسب أراء الكثيرين إلى مستوى غير مقبول من كافة النواحي بالتعارض مما كان يأمله الأباء المؤسسون خصوصا من قاموا بوضع وثيقة الإستقلال. في مقال بعنوان(الأباء لايعرفون الأفضل دائما - Father's don't know always the best) للكاتب مارك كيرلنسكي نشرته صحيفة لوس أنجلوس تايمز سنة 2006 حيث يتحدث الكاتب أن الولايات المتحدة لديها أسوأ برنامج للرعاية الصحية في العالم, أحد أسوأ أنظمة المدارس العمومية وأسوأ نظام تعويضات للعمال. في الوقت الذي يتم فيه تضييق الهوة بين الأغنياء والفقراء في أوروبا فإن تلك الهوة قد إزدادت إتساعا في الولايات المتحدة ومن بين كل الديمقراطيات فإن الولايات المتحدة تستخدم القوة العسكرية بشكل أكثر إفراطا وتظهر إحتراما أقل للقانون الدولي. وقد تكون الولايات المتحدة تمتلك أسوأ نظام لتعويض العمال ولكن نسبة البطالة بالتأكيد أقل من أوروبا حيث تتراوح نسبتها 10% كما أن الولايات المتحدة قد نجحت في خفض الإنبعاثات الضارة حتى وإن لم تنضم لمعاهدة كيوتو بينما فشلت دول أوروبية إنضمت للمعاهدة في ذالك.
في أوروبا هناك هواجس عودة الحركات النازية والفاشية مما أدى إلى الحروب بين الدول الأوروبية حيث كان الهدف الأساسي من قيام الإتحاد الأوروبي هو جعل الحروب بين الدول الأوروبية ليس صعبة بل مستحيلة. إن ذالك الهاجس كان واضحا وتمثل بتحذير رئيس الوزراء الهولندي المواطنين من التصويت بإجابة (لا) على دستور الإتحاد الأوروبي في إستفتاء سنة 2005 خصوصا أنه هو نفسه قام بزيارة معسكرات الإعتقال النازية مثل أوشفت(Auschwitz) والتي تذكره بقدرة الحركات المتطرفة مثل النازية على إحداث المجازر والأعمال الوحشية. في النهاية فإن الهولنديين والفرنسيين صوتوا بإجابة(لا) على إستفتاء الدستور الأوروبي سنة 2005.
هناك عدد من الفروقات بين الولايات المتحدة وأوروبا بشكل عام تتجاوز الخلاف حول غزو العراق من أجل إسقاط الرئيس العراقي صدام حسين سنة 2003 حيث وصل الصدام بين الطرفين إلى مطالبة المواطنين الأمريكيين بتغيير إسم البطاطا المقلية من (French Fries) إلى إسم أخر بسبب حالة العداء مع فرنسا.
أحد تلك الفروقات وهو جوهري له علاقة بالمشكلة الديمغرافية. الأمر ليس له علاقة بنسبة المسلمين إلى العدد الكلي للسكان في الدول الأوروبية مقارنة بالولايات المتحدة بل بنظام الحياة في أمريكا الذي يعتبر بوتقة ينصهر فيها الجميع ولديهم فرصة ليكونوا مواطنين أمريكيين بينما على العكس في أوروبا. وأنا هنا لا أقول أنه لايوجد عنصرية في الولايات المتحدة فحتى الوطن العربي مليئ بالعنصرية والقبلية والعشائرية ولكن الولايات المتحدة تعني مواطن واحد وهوية واحدة بينما أوروبا مواطن واحد وهوييتين. في الولايات المتحدة فإنك أمريكي حتى لو كنت مسلما بينما في أوروبا فمن الممكن أن تكون مسلما ومواطنا أوروبيا, يسمونه تعدد الثقافات وهو ما أثبت فشله فلا يمكن تعايش ثقافتين تعاديين بعضهما البعض بجانب بعضهما البعض بدون حصول تصادم. بإختصار فإن سياسة الدمج للمهاجرين في الولايات المتحدة أنجح منها في أوروبا.
لمن يبحث عن أسباب المعارضة الفرنسية لغزو العراق سنة 2003 فعليه أن يسأل عن نسبة المسلمين الفرنسيين إلى العدد الكلي للسكان؟ أقرأ من مصادر متعددة منها جريدة لوموند سنة 2007 أن عدد المسلمين في فرنسا يبلغ 5-6 ملايين بينما وزارة الداخلية الفرنسية تذكر 4.5 مليون. مصادر أخرى ذكرت أن 33% من المسلمين في فرنسا يمارسون الشعائر الدينية.
في أخر أسفار الكتابا لمقدس وهو سفر الرؤيا الذي ينسب ليوحنا تلميذ يسوع المسيح فقد ذكر الفرسان الأربعة وهم رموز لأربعة كوارث سوف تحل بالأرض قبل يوم الدينونة وهم على الترتيب: الموت, المجاعة, الحرب والنصر. بإسقاط تلك الرمزية الإنجيلية على الوضع الأوروبي الراهن فإن الموت يعني إنقراض الجنس الأوروبي بسبب إنخفاض معدلات المواليد. المجاعة تعني إنتهاء نمط الحياة الأوروبية الباذخ مثل ساعات العمل المنخفضة وإمتيازات التقاعد المرتفعة. الحرب هي عبارة عن إضطرابات داخلية بسبب عوامل ديمغرافية وإقتصادية. النصر عبارة عن إعادة إستعمار أوروبا من قبل المسلمين. إن تلك الأخيرة تمثل كابوسا للمفكرين الأوروبيين واليمين المتطرف حيث مايزالون في إسبانيا يخرجون راية الموحدين التي غنموها إثر معركة العقاب وهزيمة جيوش الموحدين ويطوفون فيها في الشوارع حيث كانوا يعلمون علم اليقين انه لولا هزيمة جيوش المسلمين في معركة بلاط الشهداء(بواتييه) لما توقفت المد الإسلامي حتى أتى على أوروبا بأكملها. والسؤال هو هل إقترب يوم الدينونة الأوروبية خصوصا مع وجود 50 مليون مسلم في أوروبا يضاف إليهم مئات الألوف من اللاجئين المسلمين من الشبان الصغار في السن؟
الكثير من الأوروبيين يتهكمون على لقب رجل أوروبا المريض والذي كان يطلق على الإمبراطورية العثمانية حيث يطلق على القارة الأوروبية الأن لقب القارة العجوز بسبب زيادة نسبة الكبار في السن وإنخفاض معدل المواليد.
من الواضح أن أوروبا تسير بخطى متسارعة نحو أن تصبح تلك القارة العجوز حيث هناك 17 بلدا متوسط مجموع النسبة المئوية للولادات إنخفض إلى 1.3%. أحد أشهر الأفلام الوثائقية يحذر من تحول أوروبا إلى قارة إسلامية بحلول سنة 2050 ولكن ذالك التاريخ قد يتم تقديمه حاليا خصوصا مع تزايد اللاجئين لأوروبا وأغلبهم من صغار السن من الذكور. الأوروبيون يمارسون الإنقراض الذاتي بملئ إرادتهم حيث أنه وفي سنة 2050 سوف يكون عدد سكان الولايات المتحدة قد إزداد 100 مليون بينما نقص عدد سكان أوروبا 100 مليون. في سنة 1970 كان هناك 4.6 مليون إيطالي أعمارهم تحت الخمس سنوات بينما في سنة 2004 بلغ ذالك العدد 2.6 مليون.
إيطاليا تعد مثالا على الإنقراض الذاتي الذي يمارسه الأوروبيون بملئ إرادتهم ولكن المشكلة ليست محصورة في إيطاليا. في إنتخابات 2005 في ألمانيا كان خيار الناخبين بين غيرهارد شرودر(Gerhard Schröder) أو إنجيلا ميركل( Angela Merkel) وكلاهما بدون أطفال.
في أوروبا ينتشر الإلحاد وخصوصا في الدول الإسكندنافية وقد يكون ذالك له علاقة بمعدل المواليد وفي الولايات المتحدة يزداد معدل المواليد في الولايات الجنوبية التي تعتبر الأكثر محافظة من الناحية الدينية حيث يعتبر إنجاب الأطفال واجبا مقدسا عن معدل المواليد في الولايات الأخرى. كما أنه هناك أقليات دينية في الولايات المتحدة مثل المورمن والأميش تعتبر التأخر في الزواج وإنجاب الأطفال يتعارض مع التعاليم المسيحية. في الولايات المتحدة يبلغ معدل المواليد 1.61% بدون حساب الهجرة من أمريكا اللاتينية خصوصا المكسيك حيث سوف تبلغ في تلك الحالة 2.11% وهو الحد الأدني لكي تحمي أي حضارة نفسها من الإنقراض.
السبب الرئيسي لقيام الإتحاد الأوروبي هو منع قيام الحروب بين الدول الأوروبية والإزدهار والرخاء الإقتصادي ولكن في إستطلاع للرأي بمناسبة حلول الذكرى الأولى لأحداث سيبتمبر في الولايات المتحدة فأن 61% من الأمريكيين يعدون متفائلين بالمستقبل, 43% من الكنديين, 42% من البريطانيين, 29% من الفرنسيين, 23% من مواطني روسيا و15% من الألمان.
إن نسبة كبيرة من الأوروبيين يؤمنون بحتمية تحول أوروبا خصوصا بسبب المشكلة الديمغرافية والسؤال ليس عن التوقيت ولكن عن الكيفية التي سوف يتم بها ذالك التحول. الحياة بالنسبة للأوروبي تعد نزهة مفتوحة حيث ساعات عمل قليلة, رواتب مرتفعة, رعاية صحية مجانية, تعليم مجاني وإمتيازات تقاعد مرتفعة ولكن المشكلة من سوف يدفع من أجل إستمرار نظام الرفاه الإجتماعي إذا كان عدد الداخلين إلى سوق العمل يتناقص جيلا بعد جيل بسبب تناقص معدل المواليد؟
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية
النهاية

Sunday, December 27, 2015

القصة الكاملة للعملة الأوروبية الموحدة (اليورو) - الجزء الثالث

هناك دول لم تنضم للوحدة النقدية الأوروبية وإن كانت عضوة في الإتحاد الأوروبي ومنها السويد والدانيمرك وبريطانيا حيث تم رفض اليورو عند عرض القضية في إستفتاء شعبي وبريطانيا تهدد حاليا بالإنسحاب من الإتحاد الأوروبي في حال عدم إدخال إصلاحات إقتصادية وإصلاحات في مجال الهجرة. إن الشكوك التي تبديها تلك الدول بخصوص الوحدة النقدية الأوروبية المتمثلة باليورو قد تكون مزيجا بين الكبرياء القومي, نوعا من عقلية التفكيرة المحافظة في طبيعتها أو مجرد تحيز لعملتها الوطنية.
ولكن هل تعد معارضة تلك الدول للوحدة النقدية ممثلة باليورو مجرد حالة من الرهاب أو مجرد شكوك من الناحية العملية؟ هل منافع الوحدة النقدية مثل الشفافية ومنطقة تجارة أوروبية موحدة تعادل خسارة السلطة الحكومية المنفردة على السياسة المالية والإقتصادية؟
ألية أسعار صرف العملات الأوروبية(ERM) التي تم بواسطتها التمهيد للوحدة النقدية الأوروبية ممثلة باليورو كمحطتها النهائية كانت السبب في الكثير من الأزمات الإقتصادية خصوصا أزمة الكساد بين سنتي 1990-1992 حيث إرتفعت نسبة البطالة في الدول الصناعية. هناك الكثير من الشعور القومي في الدول الأوروبية خصوصا التي يعارض مواطنوها العملة الأوروبية الموحدة(اليورو) ولكن الكثير من الإنتقادات لها مصداقية إذا تم النظر إليها بطريقة عملية. قياس واحد للجميع(One Fits all) تعتبر سياسة خاطئة من وجهة نظر الكثيرين حيث أنه في المرحلة التي سبقت إقرار اليورو رسميا وأثناء العمل بألية أسعار الصرف فقد تم ربط أسعار صرف العملات الأوروبية المختلفة بالمارك الألماني المرتفع القيمة المتأثر بقوة ومتانة الإقتصاد الألماني مما يعني أسعار فائدة مرتفعة وتم تجاهل تلك السلبيات وتم العمل بالوحدة النقدية على الرغم من كل تلك التحذيرات.
أزمة الديون السيادية اليونانية هي أحد نتائج تجاهل السلبيات والتقليل من شأنها حيث أن إنخفاض أسعار الفائدة في السنين التي تلت تطبيق الوحدة النقدية الأوروبية قد أدى إلى توفر سيولة نقدية في بلدان ذات إقتصاد هامشي غير صناعي يعتمد على الزراعة والسياحة وبدون أي أجندات إقتصادية إصلاحية مما أدى لتوجيه تلك السيولة ليس في بناء قاعدة صناعية وتنويع مصادر الدخل القومي بل في أمور كمالية وهامشية كشراء الأصوات من قبل أحزاب سياسية فاسدة عن طريق وعود بوظائف ورفع غير مبرر لمعاشات التقاعد وتقليل ساعات العمل الأسبوعية مما أدى إلى إنخفاض الإنتاجية.
هناك مشكلة عدم ثقة تراكمت بسبب مايظنه الكثير من المواطنين الأوروبيين المعارضين ليس فقط للوحدة النقدية بل لفكرة الإتحاد الأوروبي بالمجمل أنه مجرد مؤامرة لسلب بلدانهم قرارها الوطني. الكثير من التصريحات من قبل مسؤولين أوروبيين تساهم في تعزيز مبدأ عدم الثقة. رئيس سابق للمفوضية الأوروبية كريس باتن(Chris Patten) صرح لصحيفة فاينانشيال تايمز بتاريخ 3\يونيو\2010 بأن إقرار سياسات غير شعبية في الإتحاد الأوروبي تتم بإتخاذ خطوات صغيرة بدون إثارة الضجة حولها ولا يتم ملاحظتها من قبل الناخبين ويتم لاحقا إتخاذ القرارات في مرحلة لاحقة وبشكل علني حيث لايتمكن جمهور الناخبين من تغييرها حتى عن طريق الديمقراطية والإنتخابات.
كان هناك حملة إعلامية ترويجية للوحدة النقدية الأوروبية حيث إستخدمت أساليب ضغط إعلامي في محاولة لدفع قطار اليورو خصوصا في البلدان المعارضة له. وزير الشؤون الأوروبية في مجلس الوزراء الإيطالي بيرون فاسينو(Piero Fassino) قد صرح سنة 1997 بأن الدول التي تنضم لليورو سوف تحجز لها مقعدا في دوائر صنع القرار الأوروبية وسوف يكون لها صوت مؤثر بينما الدول التي لم تقبل الإنضمام فسوف تفقد تأثيرها وتبقى على الهامش. وفي نفس السنة فقد صرح رئيس المفوضية الأوروبية (Jacques Santer) بأن الدول التي لم تقبل بالإنضمام للفريق الرابح عليها أن تفكر مليا في الثمن السياسي الذي سوف تتكبده لرفضها. حملة الضغط قد وصلت لذروتها بتلك التصريحات للذين كان يمهم أن يسير قطار اليورو في موعده دون تأخير على الرغم من كل المعوقات التي كانت تلوح في الأفق وتنذر بالأزمة التي وصلت ذروتها سنة 2010 ومازالت مستمرة حتى وقتنا الحالي.
أحد الوعود التي تم الترويج لها في إطار الحملة الإعلامية هي أن الدول التي تقبل بالعملة الأوروبية الموحدة(اليورو) سوف تكون جزاء من قوة إقتصادية عظمى, عملاق إقتصادي ومنطقة إقتصادية سوف تتجاوز في حجمها منطقة الدولار الأمريكي. بعد مرور عشرة سنوات على دخول اليورو رسميا حيز التنفيذ فقد تجاوز حجم إقتصاد الصين إقتصاديات ألمانيا, فرنسا وبريطانيا مجتمعة وإحتلت الإقتصاد الصيني المركز الثاني بعد الولايات المتحدة ويتوقع انه في سنة 2016 سوف يتجاوز الإقتصاد الأمريكي لتصبح الصين صاحبة أكبر إقتصاد على وجه الكرة الأرضية.
الكثيرون يعتقدون بل ومتأكدين من كون الغاية من إنشاء العملة الأوروبية الموحدة(اليورو) هي غاية نبيلة وفكرة جيدة لو أن تطبيقها كان بطريقة سيئة بل سيئة جدا حيث تم تجاهل تأثير الوحدة النقدية على الإقتصاديات الأضعف في الإتحاد الأوروبي وتلك كانت أخطاء تسببت لاحقا بمشاكل تضخمت بسبب عدم إيجاد حلول جذرية والإكتفاء بالترقيع.
حتى تتحقق الوحدة النقدية الأوروبية فلابد من حد أدنى من المعايير تتفق عليه مبدئيا الدول المشاركة في الإتحاد النقدي. تلك المعايير تتمثل بخمسة نقاط:
  • أن لا يتجاوز عجز ميزانية 3% من الناتج الإجمالي المحلي الإجمالي
  • أن لايتجاوز الدين العام(ليس السيادي) مانسبته 60% من الناتج المحلي الإجمالي
  • نسبة تضخم لاتتجاوز 1.5 مقارنة بالبلدان التي تمتلك أقل ثلاثة نسب تضخم بين دول الإتحاد
  • أسعار الفائدة طويلة المدى لاتتجاوز 2% من أقل أسعار الفائدة لثلاثة دول أعضاء في الإتحاد
  • أسعار صرف تتماشى مع نسب التقلب التي حددتها ألية أسعار الصرف التي مهدت لتطبيق الوحدة النقدية الأوروبية رسميا
المتفائلون بنجاح الوحدة النقدية الأوروبية يستندون في تفائلهم إلى أنها العملة الموحدة سوف تقضي على التلاعب بأسعار صرف عملات الدول التي تقبل باليورو وذالك في محاولة لإكتساب أفضلية إقتصادية على الدول الأخرى كما أنها سوف تؤدي إلى التحسن في إنسيابية البضائع بين الدول المشاركة مما سوف يؤدي إلى تقليص النفقات وزيادة الأرباح.
المشكلة أن الدول التي أثارت القلق في الفترة الإنتقالية التي سبقت تطبيق اليورو رسميا وأيضا في الفترة اللاحقة هي إيطاليا وبلجيكا ولاحقا ألمانيا وفرنسا خصوص في الفترة 2003-2004.
إن البرتغال واليونان كانتا تمتلكان نسبة عجز تجاري 7% و 3% على التوالي وعلى الرغم من ذالك فقد تم قبولهما بالإتحاد الأوروبي من دون أجندات إصلاحية واضحة في كلتا البلدين لتقليص نسبة العجز بما يتماشى مع قوانين الإنضمام للإتحاد الأوروبي والعملة الموحدة(اليورو).
بتاريخ 3\مايو\1998 تم الحكم من قبل الإتحاد الأوروبي بأن اليونان لم تسوفي شروط الإنضمام للوحدة النقدية الأوروبية حيث ذكر في تعليل القرار تضخم العجز في القطاع الحكومي. وبتاريخ 10\نوفمبر\1999 فقد قامت المفوضية الأوروبية بنقض القرار السابق وحكمت بأن اليونان يحق لها الإنضمام للوحدة النقدية الأوروبية لأنها إستوفت الشروط المطلوبة وهو القرار الذي لقي التأييد في الشهر اللاحق من قبل مجلس الوزراء الأوروبي. بتاريخ مارس 2000 أعلنت الحكومة اليونانية تقدمها بطلب رسمي للإنضمام إلى المرحلة الثالثة والنهائية من الوحدة الإقتصادية والنقدية الأوروبية حيث بدأ كل من المفوضية الأوروبية والبنك المركزي الأوروبي بتحليل البيانات التي قدمتها الحكومة اليونانية لتقرير المستوى الذي وصلت إليه الجهود الحكومية في إستيفاء الشروط المطلوبة. كما قامت نفس الجهات بإعادة تقييم طلب السويد الذي حكم سابقا بأنه غير مستوفي للشروط المطلوبة في الموجة الأولى لضم الدول للوحدة النقدية والتي بدأت في 1\يناير\1999. قرار المفوضية الأوروبية الذي صدر خلال الشهرين التاليين وأرفق به تقرير البنك المركزي الأوروبي الذي تم إعتماده بتاريخ 27\أبريل\2000 حيث أوصت المفوضية الأوروبية بأن اليونان إستوفت الشروط المطلوبة لإنضمامها للدول التي تعتمد اليورو ورفع تقريره لمجلس الوزراء الأوروبي بخصوص عدم وفاء اليونان بشروط الوحدة الإقتصادية والإصلاحات المالية المطلوبة. المفوضية الأوروبية أوصت بإستثناء اليونان من تلك الشروط في المرحلة الحالية بداية من تاريخ 1\يناير\2001. البرلمان الأوروبي صادق على تقرير المفوضية الأوروبية بتاريخ 18\مايو\200.
الحقائق بدأت تتضح لاحقا حيث أن إعتراض المفوضية الأوروبية حصريا كان على الفقرة المتعلقة بالدين العام لليونان الذي تجاوز 60% من الناتج المحلي الإجمالي ولكنه تم الإستعانة بالفقرة 104C-B من إتفاقية ماستريخت والتي لاتشترط بلوغ الدين العام للدول الراغبة في الإنضمام للإتحاد الأوروبي النسبة المطلوبة لحظة الموافقة على إنضمامها بل إمتلاكها خطة واضحة لتخفيضه في المستقبل القريب. إن ذالك يؤكد أن القبول بإنضمام اليونان للإتحاد الأوروبي هو ليس إلا قرار سياسي وليس إقتصادي.
إن الحقائق حول نسبة العجز التجاري الخاصة باليونان لم تبدأ بالظهور حتى إنتخابات 2009 حيث أعلن حزب (Pasok) والذي كان رئيسه (George Papandreou) يشغل منصب رئيس الوزراء بأن النسبة الحقيقية للعجز في الميزانية مقارنة بالناتج المحلي الإجمالي هي في الحقيقة 12% وليس 6% كما تم التصريح حين تقديم اليونان طلبا للإنضمام إلى الإتحاد الأوروبي وكان ذالك البداية الحقيقية للأزمة.
الحكومة اليونانية قامت بتقديم بيانات مضللة متعلقة بميزانيتها ونسبة العجز مقارنة بالناتج المحلي الإجمالي ولم تكن مضطرة لتقديم بيانات الموازنة السنوية للهيئات المالية المركزية الأوروبية للموافقة عليها كما أصبح من المطلوب في مرحلة لاحقة من أجل ضمان إلتزام الدول العضوة في الإتحاد بشروط الوحدة النقدية.
في تمام الساعة 12 صباحا سنة 2002 فقد تم رسميا إطلاق اليورو للتداول وأصبح متوفرا بين أيدي المواطنين الأوروبيين وفي ماكينات الصراف الألية للبنوك المختلفة في 12 بلدا أوروبيا. سكان جزيرة (Reunion) الفرنسية في المحيط الهادي هم اول من تمكن من تداول اليورو ثم فنلندا واليونان في أوروبا وباقي الدول الأوروبية العضوة في الإتحاد النقدي الأوروبي بفرق ساعات قليلة حيث تمت عملية بداية التداول بنجاح وسلاسة وإرتفعت قيمة اليورو مقابل الدولار بمجرد أن زالت المخاوف من تعقيدات من المحتمل أن  تواكب عملية إطلاق العملة الأوروبية الموحدة.
الإحتفالات عمت أنحاء أوروبا خصوصا أمام مكاتب البنك المركزي الأوروبي في مدينة فرانكفورت وأصبح تاريخ 01\01\2002 إلى رمزية تاريخية في كتب التاريخ كونه كان اليوم الذي شهد خطوة رئيسية نحو عملية التكامل الأوروبي والوحدة الأوروبية فهل سوف يحافظ اليورو على مكانته خصوصا مع ظهور تكتلات عالمية جديدة بالتأكيد لن يكون اليورو عملتها الإحتياطية ولا الدولار الذي يفقد مركزه تدريجيا؟
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية
النهاية










Thursday, December 24, 2015

الحكاية من نقطة الصفر...ليست سرية للغاية

في أحد حلقات برنامج سري للغاية والتي تمت إذاعتها سنة 2006 على قناة الجزيرة وهي الوكيل الإعلاني الحصري حتى هذه اللحظة لتنظيم الإخوان المسلمين وتفرعاته من قاعدة وجيش حر وتنظيمات مثل جبهة النصرة وخراسان و داعش, فقد توعد أبو مصعب السوري بدخول التنظيم بلاد الشام سنة 2010. أبو مصعب السوري(للتمييز بينه وبين أبو مصعب الزرقاوي) قد شرح بالتفصيل الممل مرحلة بمرحلة مايعرف بدستور تنظيم القاعدة في إدارته للصراع مع الحكام ومع الشعوب التي تشمل كل من يرفض أجندات التنظيم وفق رؤية زعيم التنظيم حسن البنا ومنظر التنظيم التكفيري سيد قطب.
تنظيم الإخوان المسلمين كان حاضرا منذ اللحظة الأولى لأحداث في سوريا حيث تهدد التنظيم وتوعد الأقليات في سوريا خلال المظاهرات التي قادها أعضاء بارزون في التنظيم مثل عبد الباسط الساروت بالويل والثبور وعظائم الأمور وفرمهم كما توعد رجل الدين عدنان العرعور على قناة وصال. عدنان العرعور ظهر لاحقا على نفس القناة في برنامج الشعب السوري ماذا يريد ردا على إتصال من المعارض السوري وحيد صقر مطمئنا الأقليات في سوريا على مصيرها.
تنظيم الإخوان المسلمين كان حاضرا وبكل قوة في أحداث تونس حيث تم إستخدام حادثة إحراق البوعزيزي كقميص عثمان{رضي الله عنه} ولم تكن الأحداث وليدة الصدفة بل كان هناك أجندات جاهزة للتنفيذ وتنتظر اللحظة المناسبة حيث أحرق عشرات الشبان أنفسهم في الفترة السابقة لأحداث تونس وفي الفترة اللاحقة لها وفي دول مختلفة من العالم ولم تقم فيها ثورات ولا مظاهرات ومر الخبر في وسائل الإعلام المختلفة ومنها الجزيرة والعربية مرور الكرام.
راشد الغنوشي أمين فرع تونس للتنظيم الدولي للإخوان المسلمين سارع لتقديم أيات الشكر والولاء لأسياده في لوبيات الضغط الغربية على مختلف توجهاتها وكما سارع في سبيل توضيد أركان حكم دولته الإسلامية الراشدة إلى تجنيد ميليشيات(رابطات حماية الثورة) تقوم بتنفيذ الأجندات بإغتيال كل من يعترض طريقه من مناضلين قوميين ويساريين وعلمانيين وخصوصا المناضل شكري بلعيد وتنفيذ إعتدائات على دور العرض السينمائي والمسرحي ومحاربة كل نشاط تنويري ونشر الجهل حيث لوحظ إنتشار محلات تمارس الدجل والنصب على السذج تحت مسمى علاج بالأعشاب والرقية الشرعية وبسطات لبيع بول البعير أمام المكتبات ومعارض الكتب وإلقاء ماء النار على أوجه عدد من التونسيات المقاومات لنشاطات الغنوشي وعصاباته تحت مزاعم بعدم إرتدائهم الحجاب.
في ليبيا قامت الجزيرة ببث فيديو لمظاهرة زعمت فيها أنه تم إطلاق النار على متظاهرين سلميين معارضين للرئيس الليبي معمر القذافي رحمه الله ثم تبين فيما بعد أنها كانت مظاهرة مؤيدة له وليس معارضة تم بثها على قناة الجزيرة بعد فبركة الأصوات وإضافة بعض المؤثرات الصوتية وخصوصا قناصة مجهولين كانت كاميرات طرف ثالث, تبين أنه فيما بعد ليس إلا قناة الجزيرة والتي لا تبث تلك النوعية من الفيديوهات المكذوبة إلا على شاشتها, تصورة تلك المشاهد في تناغم عجيب وغريب تكرر في كل من مصر وسوريا وقبلها تونس حيث تم القبض على أجانب يحملون بنادق قنص زعم المؤيدون للغنوشي على شبكة الإنترنت أنهم كانوا يحملون ترخيصا لصيد الخنازير البرية. تخيلوا أنه وبعد شهر من الإضطرابات مازال أولئك الصيادين موجودين في تونس يجولون في المدن المزدحمة التي تعاني إنهيارا أمنيا يحملون معهم بنادق قنص.
في مصر تكررت نفس الحكاية وخصوصا القناصة وغزوة الجمل التي قامت بها الميليشيات الإخوانية وقتل كل من يعترض طريقهم حيث تستر الفرع المصري للتنظيم الدولي للإخوان المسلمين وراء منظمات ومؤسسات مثل حركة 6 أبريل والبلاك بلوك والألتراس وهي عبارة عن مجموعات فوضوية من مؤيدي فرق القدم المختلفة تم إستخدامها من قبل تنظيم الإخوان المسلمين في مصر لإحداث الفوضى في المباريات وسقوط عدد كبير من القتلى نتيجة الشغب والتدافع وإلقاء اللوم على الأجهزة الأمنية والحكومية المختلفة.
هناك من يقول أن الجريمة الكاملة مصطلح غير موجود وأن المجرم سوف يسقط في النهاية وفي عالم الجريمة يقوم المجرم بمحاولة محي الأدلة وأهمها البصمات وتزداد العملية صعوبة كلما إزداد عدد الشركاء في الجريمة وليس أسهل من إخفاء مجرم منفرد لبصماته وعدم ترك أدلة تقود إليه. ولكن فرصة القبض على مرتكبي الجرائم تزداد بإزدياد عددهم حيث تزيد إحتمالية إرتكاب الأخطاء والتي سوف تقود في النهاية للقبض عليهم. أحد أهم الأساليب التي يتم إستخدامها من قبل التنظيمات الإجرامية هي القيام بعدد من العمليات الصغيرة هناك وهناك ضد أهداف صغيرة وسهلة لتشتيت جهود الأجهزة الأمنية وتشتيت إنتباهها عن العملية الحقيقية. التنظيمات الإجرامية التي تمتهن تهريب المخدرات هي أشهر من يستخدم تلك الأساليب حيث يصطادون ضحاياهم في البلدان المختلفة من السياح خصوصا من النساء بنصب شباك مواعيد غرامية والدعوة لإجازات مدفوعة الأجر حيث يتم وضع كمية من المخدرات في أمتعة الضحية بدون علمها للقبض عليها في المطار بعد أن يتم التبليغ عنها بالطبع ومقابل كل 1 كيلوغرام من المخدرات يتم تحريزها من أجهزة الجمارك, يتم تمرير كميات كبيرة مع ضحايا أخرين بسبب حالة الإرتباك وفقدان التركيز التي تصيب الضباط والمفتشين. هي نوع من حالات الإثارة نستطيع أن نقول بسبب ضبط كمية مخدرات قياسية بدون أخذ العلم ان الكميات الأخرى التي تم تمريرها تتجاوز الكمية المضبوطة بمئات المرات.
يريد أبو مصعب السوري أن يدخل بلاد الشام سنة 2010 فهو لم يتكلم عن تونس او مصر أو ليبيا أو الجزائر على أنها أهداف رئيسية له بل هدفه الرئيسي بلاد الشام وعلى رأسها سوريا وعاصمتها دمشق حيث سوف ينزل عيسى إبن مريم على مئذنة أحد جوامعها ويعقد فسطاط المسلمين في غوطتها حسب أحاديث الملاحم وأخر الزمان التي دخل فيها اليهود بخرافاتهم وأساطيرهم فأشبعوها نخرا.
المضحك المبكي أن فسطاط المسلمين في الغوطة معقود هذه الأيام لصبي كانت مهنته لها علاقة بصناعة الأراجيل وهو زهران علوش ينافسه في ذالك زعيم تنظيم جبهة النصرة أبو محمد الجولاني الذي يسعى للإستحواذ على الفسطاط قبل أن يسبقه إليه زعيم تنظيم داعش الخليفة البغدادي الذي يهدد بقطع رأس الجولاني وعلوش واصفا إياهم بالصحوات والعملاء.
الإعلام الرسمي السوري ومنذ البداية إستخدم مصطلح تنظيمات مسلحة أو عصابات مسلحة فسمح بذالك لميليشيات الإخوان المسلمين أن تتخذ واجهات مختلفة بأسماء مختلفة هي في حقيقتها تتبع جهة واحدة وعلى رأس قادتها فاروق طيفور وكان من الأولى تسمية الأمور بأسمائها ومحاصرة التنظيم في سوريا إعلاميا ومنعه حتى من التنفس حيث أن الحقيقة كون تنظيم الإخوان المسلمين هو تنظيم إرهابي أدرج على لوائح الإرهاب في مصر وفي بريطانيا حيث تراجع الحكومة موقفها من التنظيم وفي دول أخرى حيث أثيرت الأسئلة عن العلاقة بين التنظيم والإرهاب وقنوات تمويله حول العالم.
التنظيم الدولي للإخوان المسلمين هو الراعي الاول للإرهاب في العالم وتمر عبره كافة قنوات تمويل العمليات الإرهابية حيث تم التحقيق قبل ذالك مع أحد رموزه يوسف ندا والذي كان رئيسا لبنك التقوى الذي تم إتهامه صراحة بدعم الإرهاب من قبل الرئيس الأمريكي جورج بوش الإبن سنة 2001 وأمر بتجميد كافة أمواله وأصوله. كما أن التنظيم يقيم علاقات مالية وإقتصادية مهمة عبر عدة قنوات غربية تستفيد ماليا من دخولها في مشاريع مشتركة وقامت بتقديم التغطية السياسية للتنظيم في أوروبا حماية لمصالحها المشتركة معه وإلا كيف يمكن السماح للتنظيم وتفرعاته الأوروبية خصوصا حزب التحرير بالعمل في أوروبا على الرغم من أجنداتهم التكفيرية ودعواتهم لأسلمة البلدان الغربية وتبنيهم لمبدأ الغاية تبرر الوسيلة.
لايوجد أي تبرير منطقي معترف به ومتفق عليه لمصطلح ثورة حيث يختلف الكثيرون على أدق التفاصيل التي تدخل في تعريف ذالك المصطلح. هل الثورة تعتبر عملية ديمقراطية؟ ماهي أدنى الشروط المتواجب توافرها في أي حراك إجتماعي ليتحول إلى ثورة؟ هل يشترط إشتراك ميليشيات مسلحة لتحقيق شروط الثورة؟ هل الثورة تتحقق في حال إشتركت فيها أغلبية الشعب أم أن إشتراك الأقلية وفرض رأيها هو الثورة؟ وماذا إذا كانت أغلبية الشعب في أي بلد لا على التعيين معجبة بنظام حكمها على الرغم من ديكتاتوريته وفساده وتوصله للحكم بإنتخابات شرعية وشفافة فهل يحق لأقلية لايعجبها ذالك النظام أن تستخدم العنف لتغييره؟
يحاول القائمون على الأحداث في سوريا أن يمارسوا الإبتزاز الإعلامي في حملة تم إطلاق إسم حكيها_صح وخصوصا تسمية الغزو الخارجي الذي تتعرض له سوريا بالثورة وعلم الإحتلال الفرنسي على أنه علم الثورة على الرغم من عدم واقعية تلك التسميات حيث أن الأحداث في سوريا هي غزو خارجي من ميليشيات متعددة الجنسيات مصادر تمويلها وتسليحها لاتحتاج إلى تعريف وعلم الإحتلال الفرنسي لسوريا ليس بحاجة أيضا إلى تعريف ولكن القائمين على تمويل الأحداث في سوريا أو على الأقل في شقها الإعلامي يتجاهلون كل الحقائق التي سبق ذكرها فأهل مكة أدرى بشعابها وهم ادرى بمن يمولهم ويدفع لهم وعندما سأل أحدهم عن أسباب إطلاق أسماء إسلامية على المظاهرات الأسبوعية في سوريا فكانت الإجابة بأنه إن لم نفعل ذالك لن يأتي لنا تمويل. المظاهرات مدفوعة الأجر يوم الجمعة والتي تخرج حصريا من المساجد ويتم تضخيم اعداد المشاركين فيها لايمكن أن تشكل مرتكزا لأي ثورة وليس إلا عبارة عن حراكات طائفية وتلك التسمية الأصح لها.
الحل الأمثل للإنتهاء من الأزمة في سوريا هو حل العسكري فميليشيات الإخوان المسلمين لاتفهم إلا لغة القوة ولاتنفع معهم المفاوضات ولا المصالحات لأنهم متلونون سوف يغدرون مع أول فرصة يستردون فيها بعضا من أنفاسهم ليس لهم ولاء لبلدهم بل لمصالح تنظيمهم الدولي حيث تم تقسيم عدد من البلدان مثل السودان والصومال عندما وصل اعضاء في تنظيم الإخوان إلى الحكم وتم تقسيم العراق بسبب حرب طائفية ترأستها ميليشيات إخوانية تعمل بمسميات مختلفة ونجا عدد من البلدان ولو في هذه المرحلة من التقسيم وإن كانوا لم يخرجوا من دائرة الإستهداف.
منذ ثمانينيات القرن العشرين ومستشار البيت الأبيض لشؤون الشرق الأوسط برنارد لويس يتحدث عن مخططات تقسيم الوطن العربي أو سايكس-بيكو(2) وهو الكلام الذي أعاد التأكيد عليه زيغنيو بريجنسكي مستشار البيت الأبيض لشؤون الأمن القومي وهو غني عن التعريف وذكرته كوندوليزا رايس وزيرة الخارجية الأمريكية التي تكلمت عن الشرق الأوسط الجديد والفوضى الخلاقة ولمح له باراك أوباما في خطابه الذي ألقاه في جامعة القاهرة.
يقول المثل أن التكرار يعلم الحمار وبعد كل ذالك يأتي لك حمير الربيع العربي والفوضى الخلاقة ليتحدثوا عن الثورات والحرية والديمقراطية وهو يرون بأم أعينهم حال البلدان التي نعمت بتلك الحرية والديمقراطية بداية من السودان والصومال والأن تونس, ليبيا, مصر وسوريا وماخفي كان أعظم.
وبعد حمير الربيع العربي يأتي حمير الجزيرة ليخرجوا لك برنامج إسمه سري للغاية يستعرضون فيه معلومات من المعلوم بالضرورة فأين السرية؟
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية
النهاية

Monday, December 21, 2015

القصة الكاملة للعملة الأوروبية الموحدة (اليورو) - الجزء الثاني

إن الشروط الواجب توافرها في مساحة جغرافية معينة تتألف من عدة بلدان وتستخدم عملة موحدة يمكن تلخيصها على الشكل التالي:
  • مرونة في إنسيابية القوى العاملة بين الدول الأعضاء
  • أسواق إنتاج وخدمات إقتصادية مرنة
  • تكامل إقتصادي بين الدول التي تشكل منطقة العملة الموحدة
  • التنوع وتعدد الأنشطة الإقتصادية
  • حكومة مركزية قوية وسياسات مالية معقولة
  • نسب تضخم متماثلة
  • التركيز على النمو الإقتصادي
النقطة المهمة المتعلقة هي أنه يجب توافر جميع تلك الشروط السابقة وأفضل مثال هو الولايات المتحدة التي تتوفر فيها كل الشروط السابقة وخصوصا حكومة مركزية قوية, مرونة في أسواق العمل وإنسيابية في حركة القوى العاملة.
هناك أربعة خصائص تمت مناقشتها والتركيز على أهميتها لأنها متعلقة بمنطقة العملة الموحدة حيث هناك إختلاف حول أي منها له الأولوية وهي:
  • إزدياد مساهمة التجارة في إجمالي الناتج للدول الأعضاء
  • تماثل في الأزمات المالية والدورات الإقتصادية
  • درجة إنسيابية الأيدي العاملة
  • المشاركة في تحمل المخاطرة بين الدول الأعضاء
إن قانون باريتو تمت تسميه على إسم الإقتصادي الإيطالي فيلفريدو باريتو(Vilfredo Pareto) ويمكن تلخيصه بتحقيق التكامل بين الدول التي تشكل منطقة عملة موحدة عن طريق التخصص في المجال الذي تكون لها فيه الأفضلية بدلا من تشتيت الجهود والكفائات ورؤوس الأموال. على سبيل المثال فاليونان من الممكن أن تتخصص في الزراعة والسياحة والشحن, ألمانيا في الصناعات الثقيلة والبضائع الإستهلاكية.
المشكلة أن العديد من الدول التي إنضمت للإتحاد الأوروبي لم تكن تتمتع حتى بالحد الأدني من الشروط الواجب توافرها في منطقة العملة الموحدة. على سبيل المثال فقد أدى تدفق الأموال على اليونان وتسهيل الشروط الإئتمانية بعد إنضمامها إلى منطقة اليورو وعدم مراعاة التنوع الإقتصادي إلى أزمة ديون سيادية تكاد تهدد الإتحاد الأوروبي بالتفكك. أغلب تلك القروض والأموال قد تم إنفاقها في مشاريع إستهلاكية وليس في تأسيس بنية صناعية ذات عائد مجزي على المدى الطويل.
إن تجاهل أسباب فشل ألية أسعار الصرف التي تم إقرارها في الفترة التي سبقت إقرار الإتحاد الأوروبي قد أدى إلى عدد من الأزمات المزمنة منها أزمة الديون السيادية في عدد من الدول الأعضاء. في شهر سيبتمبر\1992 أجبر الجنيه الإسترليني على الخروج من الإتفاقية, وتلاه الليرة الإيطالية في نفس الشهر. في شهر نوفمبر خرجت البيزيتا الإسبانية والإسكودو البرتغالية من الإتفاقية. في كانون الثاني 1993 تم إجراء تخفيض على قيمة الجنيه الإيرلندي بنسبة 10% وفي مارس تم إجراء تخفيض على قيمة صرف الإسكودو والبيزيتا مرة أخرى. في شهر أغسطس\1993 إتخذ وزراء الإقتصاد الأوروبيون قرار برفع الهامش الذي يسمح بتقلب أسعار الصرف من خلاله بنسبة 15%. مضاربون من أمثال الملياردير جورج سوروس حققوا أرباحا هائلة من خلال المضاربة على أسعار صرف العملات المختلفة والتباين في أسعار صرفها بين دولة وأخرى.
المشكلة أنه بعد 14 عاما من العمل بموجب ألية أسعار الصرف(ERM) التي من المفترض أن يكون دورها التقريب بين الدول المشاركة فيها بغرض الوصول للهدف النهائي وهو الوحدة النقدية(اليورو), فقد فشلت في تحقيق تلك الغاية ورغم ذالك فقد تم إخراج اليورو لحيز الوجود.
تم عقد إجتماع تمهيدي من أجل إقرار مجموعة بنود منها الوحدة النقدية في مدينة ماستريخت الهولندية بتاريخ ديسمبر\1991 حيث تقع تلك المدينة في منطقة حدودية مشتركة مع كل من ألمانيا وبلجيكا حيث كان المتاجر تقبل بالدفع بخيار من أي من عملات البلدان الثلاثة وهي الجلدر, الفرنك البلجيكي والمارك الألماني. تم توقيع الإتفاقية بتاريخ فبراير 1992 والتي مهدت الطريق من أجل خروج اليورو إلى حيز الوجود.
منذ البداية فقد لقي تسويق مشروع الوحدة النقدية الأوروبية معارضة شعبية وبرلمانية في الدول المشاركة. إرتفاع تكلفة قضاء الإجازات في الدول التي إنضمت للإتفاقية مثل اليونان وإسبانيا كان أحد أثارها السلبية مما لم يسعد الكثير من المواطنين وخصوصا الألمان الذي كانت عملتهم(المارك) تتمتع بأفضلية مقارنة بالعملات الأخرى. حزب المحافظين البريطاني أصبح منقسما على نفسه وفي النهاية لم تنضم بريطانيا للوحدة النقدية وبقيت محافظة على عملتها الوطنية(الجنيه الإسترليني-الباوند) رغم كونها عضوا في الإتحاد الأوروبي حيث يتم تداول اليورو جنبا إلى جنب مع الجنيه الإسترليني. الدانيمرك رفضت اليورو في إستفتاء شعبي سنة 1992 ومرة أخرى في إستفتاء سنة 2000. فرنسا وهي من الدول المؤسسة للإتحاد الأوروبي وافقت على الوحدة النقدية في إستفتاء وبهامش ضئيل 50.7% ولكن المشكلة أن الإستفتاء على اليورو لم يتم تطبيقه في جميع الدول الأوروبية. في ألمانيا كانت هناك معارضة قوية حيث أنه بتاريخ فبراير\09\1998 فقد نشر 155 إقتصادي ألماني رسالة مفتوحة أنه مازال مبكرا إقرار اليورو رسميا حتى أن أربعة من الأكاديميين الألمان قاموا برفع دعوى قضائية أمام المحكمة الدستورية بخصوص إنضمام ألمانيا للوحدة النقدية الأوروبية. وفي سنة 2010 قام نفس الأشخاص برفع دعوى قضائية بخصوص حزمة الإنقاذ التي تم تقديمها لليونان حيث أن ذالك يخالف قوانين الوحدة النقدية الأوروبية ومعاهدة ماستريخت.
في سنة 1995 فقد كانت فكرة اليورو تتمتع بتأييد 33% من الألمان ومعارضة 45% بينما بعد إطلاقة رسميا سنة 1999 فإن نسبة التأييد لليورو لم تزد عن 55% حتى بعد وعود الإزدهار والرخاء الإقتصادي التي يتأمل أنها سوف تحل على أوروبا بعد وحدتها النقدية. المشكلة أنه في تلك الفترة فقد كان من المتوقع أن يكون اليورو بشكل عام أضعف من المارك الألماني أو أي عملة أوروبية رئيسية وكان تخلي ألمانيا عن عملتها التي تعد الأقوى أوروبيا هو الثمن الذي كان يجب عليها أن تدفعه من أجل إقناع الأخرين بالإنضمام للوحدة النقدية وإزالة مخاوفهم من النتائج السلبية لذالك. المشكلة أنه بدون وحدة سياسية حقيقة فإن الوحدة النقدية لن تكون ناجحة على المدى الطويل حيث بدأت الإنقسامات مؤخرا تظهر في أوروبا بخصوص مشكلة اللاجئين, إنفصال بريطانيا عن الإتحاد الأوروبي, الإستفتاء المتعلق بإنفصال إسكتلندا عن بريطانيا, مقاطعات إسبانية منها الباسك ترغب بالإنفصال عن الوطن الأم إسبانيا وغير ذالك مما يهدد الإستقرار السياسي للإتحاد الأوروبي وبالتالي وحدته النقدية.
الكثير من التفائل كان سائدا بأن الوحدة النقدية الأوروبية سوف تؤدي إلى مزيد من الإصلاحات مماسوف يؤدي بالتالي لزيادة مرونة النظام النقدي الأوروبي حيث سوف تكون النتيجة إستجابة سريعة للمسؤولين الأوروبيين والمضي قدما بتنفيذ تلك الأجندات الإصلاحية. ولكن لاتجري الرياح دائما بما تشتهي أشرعة السفن حيث كانت النتيجة أنه بدلا من المضي في تلك الإصلاحات الإقتصادية والنقدية فقد تم ترك الوضع على ماهو عليه لأنه كان مخالفا للمعتقدات الأساسية لما كان أولئك المسؤلون يؤمنون به. حزمات الإنقاذ وتجاوز الدين السيادي لنسبة متفق عليها مقارنة بالناتج المحلي الإجمالي هي أمور تم التغاضي عنها لقبول إنضمام دول جديدة للإتحاد الأوروبي. الهدف من الوحدة النقدية كان نبيلا ولكن أليات التطبيق والتغاضي عن الكثير من التجاوزات قد أدى إلى نتائج سلبية مازال الإتحاد الأوروبي يعاني منها حتى وقتنا الحالي.
أول رئيس للبنك المركزي الأوروبي(ECB) ويم ديزنبرغ(Wim Duisenberg) قد صرح بأن اليورو لايعتبر مجرد عملة نقدية بل يعتبر رمزا لعملية التكامل بين الدول الأوروبية بكل ماتحمله الكلمة من معنى. إن ذالك التصريح  وغيره لمسؤولين أوروبيين أخرين يعد جوهر المشكلة حيث ينظر لليورو وأهميته من وجهة نظر سياسية وليست إقتصادية.
خلال التسعينيات وفي ذروة النقاش حول الوحدة النقدية الأوروبية(اليورو) فقد كانت هناك عدد من وجهات النظر المختلفة منها وجهة النظر الألمانية والهولندية التي كانت ترى أنه لاحاجة لتنفيذ أجندات إصلاحية والتكامل الإقتصادي قبل تبني اليورو. الإيطاليون كان مصرين على المضي قدما في الجدول الزمني لإنجاز الوحدة النقدية حتى لو لم تكتمل الإصلاحات الإقتصادية الضرورية حيث أن القوانين المنظمة لعمل الإتحاد الأوروبي سوف تؤدي في النهاية لإنجاز الإصلاحات المطلوبة. المفوضية الأوروبية كانت ترغب في وحدة نقدية أوروبية كاملة ولكنها عجزت عن ضمان التعاون الكامل من رؤساء الدول. جاكويز ديلورس(Jacques Delors) الذي كان رئيسا للمفوضية الأوروبية وهو المسؤول عن المسودة الرئيسية لإتفاقية ماستريخت أن العملة الموحدة يجب أن تكون مسبوقة بإصلاحات مالية واسعة.
جون بالمر(John Palmer) عضو لجنة السياسات في مركز السياسات الأوروبي ذكر في تصريح له أن الأكثر حماسة للعملة الأوروبية الموحدة والذين كانوا مؤيدين لإصلاحات مالية متزامنة مع الوحدة النقدية قد واجهوا معارضة من الدول المؤسسة وعلى رأسها ألمانيا.
وبين هاذا الرأي وذاك فقد تم تمرير الرأي المؤيد للإلتزام بالجدول الزمني المعلن للمضي في الوحدة الأوروبية والعملة الموحدة على الرغم من كل السلبيات التي جعلت الكثير من الخبراء من المؤيدين للتأجيل.
ولكن أي من الطرفين جانب الصواب وأيهم جانب الخطأ؟
سؤال أظن أنه قد أجابت عليه الأيام
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية
النهاية

Thursday, December 17, 2015

القصة الكاملة للعملة الأوروبية الموحدة (اليورو) - الجزء الأول

إن اليورو ليس شأنا إقتصاديا على الإطلاق. إنه خطوة سياسية مطلقة...الميزة التاريخية لليورو هي قيام إقتصاد عالمي ثنائي القطب. أقطابه هي الدولار واليورو. إن ذالك هو المعنى السياسي للعملة الأوروبية الموحدة. إنها خطوة سوف يكون ورائها خطوات أخرى. اليورو ليس عبارة إلا عن مقدمة.
روماني برودي - رئيس المفوضية الأوروبية في حديث لمحطة السي إن إن
1\1\2002

بتاريخ 9 مايو 1950 قام وزير الخارجية الفرنسي روبرت شومان(Robert Schuman) بإلقاء خطاب في مجموعة من الزعماء الأوروبيين يحوي مجموعة نقاط متعلقة بالتعاون الإقتصادي الأوروبي ومنع الحروب بين الدول الأوروبية حيث سمي بإعلان شومان(Schuman) ويمكن تلخيص أهدافه بالنقاط التالية:
  • الحروب بين الدول الأوروبية يجب أن تكون ليس فقط غير وارد التفكير فيها ولكن من المستحيل ماديا القيام بها
  • لتشجيع السلام العالمي
  • عملية توحيد أوروبا بما فيها أوروبا الشرقية يجب أن تتم خطوة بخطوة
  • إنشاء وكالة معنية بمنع قيام التكتلات الإحتكارية على المستوى العالمي
  • قيام سوق أوروبي موحد
في سنة 1951 قامت ستة دول أوروبية وهي فرنسا, ألمانيا الغربية, اللوكسمبورغ,هولندا, إيطاليا وبلجيكا  بتأسيس مجموعة الفحم والصلب والتي كانت نوعا من توحيد السياسة التي تحكم المصادر الطبيعية المتوفرة في تلك البلدان وإستخدامها للمنفعة الجماعية بدلا من الحروب حيث أن الفحم والصلب من أهم الموارد اللازمة لإنتاج الأسلحة.
الهدف من مجموعة الفحم والصلب كان إنشاء لبنة صلبة يتم البناء عليها فيما بعد لتأسيس الولايات المتحدة الأوروبية بعملة واحدة وحكومة واحدة. إن مصداقية المزاعم التي تم بناء عليها تأسيس الإتحاد الأوروبي مازالت موضوع نقاش وجدال كما ان الحاجة الحقيقية لعملة موحدة تعد أمرا مشكوكا فيه خصوصا بعد توسع الإتحاد الأوروبي من 6 دول إلى 27 دولة في العقد الأول من الألفية الجديدة.
في سنة 1957 تم إطلاق المجموعة الإقتصادية الأوروبية خلال إجتماع روما بين الدول الستة التي سبق لها تأسيس مجموعة الفحم والصلب حيث تم الإعلان عن المبادئ الأولية للسوق الحرة الأوروبية وحرية تنقل الأشخاص بين دول الإتحاد الأوروبي. تلك المبادئ تم تعزيزها سنة 1987 بإصدار القانون الأوروبي الموحد الذي أصبح واقعا في 01\كانون الثاني\1993 بإطلاق السوق الأوروبية الموحدة والتي مكنت الشركات الأوروبية من التعامل مع جميع دول الإتحاد كأنهم سوقهم الوطني وذالك بإلغاء ثلاثة قيود وهي: الحواجز الغير جمركية, الضوابط الجمركية المادية, المعايير التقنية المختلفة والمستويات الضريبية.
تقرير الإتحاد الأوروبي لسنة 2002 ذكر أن إرتفاع مستوى التجارة في مجال الخدمات بلغ 362 مليار يورو مقارنة بمبلغ 194 مليار يورو في الفترة التي سبقت سنة 1993. كما ان التجارة والصناعة قد إرتفعت من 670 مليار يورو إلى 1تريليون يورو تقريبا خلال نفس الفترة الزمنية. نفس التقرير ذكر مجموعة من العقبات والحواجز خصوصا في المجال الإقتصادي مازالت قائمة وأوصى برفع تقرير بخصوصها لإتخاذ الإجرائات اللازمة.
وزير الخارجية الفرنسي روبرت شومان ذكر في خطابه أن إكتمال عقد الإتحاد الأوروبي وتحوله إلى واقع يتطلب إزالة الخلاف التقليدي بين ألمانيا وفرنسا وهما أكبر قوتين في الإتحاد الأوروبي. الدولتان سبق أن خاضتا ثلاثة حروب, إثنتان منهما تحولتا لحرب عالمية حيث تم إحتلال فرنسا من قبل الجيش الألماني خلال الحرب العالمية الثانية.
الخلاف بين ألمانيا وفرنسا بقي متجذرا بطريقة أو بأخرى حتى لو كان من خلال الساحات الدبلومساية وليس ساحات المعارك حيث أنكر قصر الإليزيه الفرنسي سنة 2010 في ذروة الإختلاف حول أزمة الديون السيادية اليونانية تصريحات للرئيس الفرنسي نيكولاي ساركوزي بخصوص إنهاء جميع الروابط مع ألمانيا وحتى الإنسحاب من الإتحاد الأوروبي وتشكيل تحالف أوثق مع دول مثل إسبانيا وإيطاليا.
بحلول سنة 1970 تحولت ألمانيا إلى أكبر قوة صناعية وتصديرية في أوروبا متجاوزة بريطانيا التي خسرت أغلب مستعمراتها السابقة وباتت تواجه مشاكل داخلية متعلقة بإيرلندا وإنخفاض قيمة الجنيه الإسترليني والكساد الإقتصادي.
المطالبات التي قامت عليها الأسس والقواعد الراسخة والتي ساهمت في إخراج اليورو إلى حيز الوجود ظهرت واضحة خلال معاهدة ماستريخت(Maastricht) سنة 1991 ولكن ذالك ليس وليد اللحظة حيث صرح وزير الخارجية الفرنسي روبرت شومان بضرورة الوحدة النقدية الأوروبية كما أن الإقتصادي الفرنسي البارز (Jacques Rueff) بأن الإتحاد الأوروبي سوف يكون من خلال الوحدة النقدية أو لن يكون أبدا.
بداية سنة 1960 بدأت الخطوات الفعلية نحو الوحدة النقدية الأوروبية ولكن كان هناك عقبات حيث كان العمل بموجب إتفاقية بريتون وودز مازال ساري المفعول وكانت هناك تشريعات تحد من حرية حركة رأس المال بين الدول الأوروبية. وحتى لو تم إخراج اليورو إلى حيز الوجود في الفترة الزمنية التي سبقت سنة 1970 لكان مصيره الإنهيار حيث أن الدولار الأمريكي مرتبطا بالمعيار الذهبي ومعترف به كعملة إحتياطية عالمية.
مدينة Hague الهولندية شهدت سنة 1969 مؤتمرا أوروبيا أقر لأول مرة وبشكل رسمي الخطوط العريضة لوحدة إقتصادية ونقدية أوروبية خصوصا مع إشتداد حرب فيتنام وتضعضع مركز الدولار الأمريكي وإنخفاض قيمته. الخطة كانت مدتها عشرة سنين ولكنها تعرضت لمجموعة صعوبات في تنفيذها خصوصا بسبب حرب سنة 1973 والحظر النفطي الذي تلاه إرتفاع هائل في أسعار كافة السلع والخدمات. سنة 1971 حيث تم رسميا إلغاء إرتباط الدولار الأمريكي بالذهب وبالتالي إلغاء إتفاقية بريتون وودز فإن حصول جولة جديد في من التقلبات في أسعار العملات وقف أيضا عائقا حيث إرتفعت قيمة الدوتشمارك(Deutschmark) أو المارك الألماني في مقابل الفرنك الفرنسي والجنيه الإسترليني.
الأفعى(The Snake) هي التسمية التي أطلقت على محاولة تنظيم أسعار الصرف بهامش 2.25% في الدول التي من المفترض أنها سوف تشكل الإتحاد الأوروبي عند الإعلان عنه رسميا حيث إنضمت أيرلندا, بريطانيا والدانيمرك للوحدة النقدية والأوروبية المفترضة. السبب الرئيسي لمحاولة تنظيم أسعار الصرف هو إلغاء أي منافسة غير عادلة تكتسبها مكاتب تصديرية وصناعية أو أفرع لها يتم تأسيسها في الدول الأوروبية الصغيرة لإكتساب أفضلية تصديرية بسبب فرق سعر صرف العملة. ولكن مع حلول سنة 1977 وإنسحاب عدد من الدول من محاولة تنظيم أسعار الصرف للعملات(الأفعى) حيث تحول الإتحاد الأوروبي إلى منطقة سيادة شبه مطلقة للمارك الألماني.
النظام النقدي الأوروبي خرج إلى حيز الوجود سنة 1978 على إثر إجتماع بين المستشار الألماني هيلموت شميت والرئيس الفرنسي فاليري جيسكار ديكسان والذي شمل ألية تضمن التقليل من التقلبات في أسعار الصرف وتضييق هامش المناورة في الفروقات بين أسعار صرف العملات لمنع التلاعب والمضاربات. ولكن إنتخاب فرتنسوا ميتران في فرنسا سنة 1981 قد وضع إستمرار تلك الإتفاقية على المحك حيث أن الرئيس الفرنسي الجديد تم إنتخابه بناء على أجندات إشتراكية وحكومته كان تحتوي أعضاء فاعلين في الحزب الشيوعي الفرنسي حيث ساهمت السياسات التي تم إقرارها في تلك الفترة بتقييد الحركة التجارية وإضعاف الإقتصاد.
برنارد كونولي(Bernard Connolly) العضو السابق في المفوضية الأوروبية إنتقد السياسة النقدية الأوروبية بمرارة ووصفها بكونها ألية مسؤولة عن أزمات مالية متفرقة وتقلبات في أسعار الصرف لايمكن التنبئ بعواقبها. الكثيرون توقعوا أنه مع إستمرار السياسات المالية الخاطئة فإن ذالك سوف يؤدي إلى تفكك الإتحاد الأوروبي خصوصا مع أزمة ديون سيادية في أكثر من بلد أوروبي مثل اليونان, إسبانيا, إيطاليا وإيرلندا والسؤال هو عن حجر الدومينو الذي سوف يكون السبب في تساقط باقي الأحجار؟
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية
النهاية

Tuesday, December 15, 2015

هل سوف تنقذ حقوق السحب الخاصة(SDR) العالم من أزمته الإقتصادية القادمة؟

بتاريخ إبريل\26\2011 صرح وزير الخزانة الأمريكي تيموثي غينر(Timothy Geithner) بأنه لا مصلحة للولايات المتحدة بدولار ضعيف لتكتسب أفضلية على شركائها التجاريين فمنذ إتفاقية بريتون وودز سنة 1944 فإن الدولار يعد العملة الإحتياطية العالمية لعدة أسباب منها خروج الولايات المتحدة الأمريكية من الحرب العالمية الثانية منتصرة وببنية تحتية ومالية لم تتضرر من أثار الحرب والحاجة الملحة في اوروبا لأموال إعادة الإعمار الأمريكية بموجب خطة مارشال.
يعد الإحتياطي الذي تراكمه الدول بسبب الفوائض التجارية التي تنتج عن التجارة الخارجية أو الصادرات أو المشاريع الحكومية بمثابة رصيد إحتياطي للأيام السوداء حيث يمكن إستثماره من قبل الصناديق السيادية في مشاريع خارجية أو إيداعه في البنك المركزي لدعم العملة المحلية أو دعم الصادرات.
حاليا فإن الدولار لايشكل العملة الإحتياطية الوحيدة في العالم وخصوصا بعد إنهيار إتفاقية بريتون وودز بإعلان الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون سنة 1971 إلغاء عملية إستبدال الدولار الأمريكي مقابل الذهب بسعر 35 دولار للأونصة بموجب الإتفاقية. يشكل الدولار بحسب إحصائيات صندوق النقد الدولي فإن الدولار الأمريكي يشكل مانسبته 61% من الإحتياطي النقدي العالمي مقابل 25% لليورو. ولكن موقع الدولار كعملة إحتياطية ينحدر ولو ببطئ حيث كان يشكل سنة 2000 مانسبته 71% من الإحتياطي النقدي العالمي حيث كان ذالك نتيجة زيادة نسبة التجارة بين أوروبا وأسيا وبين الدول الأسيوية نفسها.
ولكن ماهي اللحظة التي يمكن إعتبار الدولار فقد مركزه كعملة إحتياطية عالمية؟ هل عندما تبلغ نسبته كعملة إحتياطية نسبة 49%, أو عندما تتساوى نسبته العملة الإحتياطية الأخرى المقابلة وهي على الأرجح سوف تكون اليورو؟
في الحقيقة فإن الدولار في الفترة التي تلت الحرب العالمية الأولى قد أصبح بحكم الواقع العملة الإحتياطية الرئيسية في العالم حيث تبادل الأدوار مع الجنيه الإسترليني خصوصا سنة 1933 حين تم تخفيض قيمة الدولار الأمريكي لصالح الصادرات وإنعاش الإقتصاد إثر أزمة الكساد العظيم.
في الفترة التي تلت الحرب العالمية الأولى حتى إتفاقية بريتون وودز سنة 1944 فإن كلا من الجنيه الإسترليني والدولار الأمريكي على الرغم من تبادلهما الأدوار كعملات إحتياطية فإنهما بقيا مرتبطين بالذهب ولكن في الفترة التي تلت الإتفاقية فقد أصبح الدولار هو العملة الإحتياطية الوحيدة عالميا وفي الفترة التي تلت سنة 1971 فقد تم فك إرتباطه بالذهب.
إن سياسة تكوين تحالفات تجارية مثل البريكس ومنظمة شنغهاي للتعاون قد تساهم في ظهور تكتلات تعتمد عملة أحد الدول الأعضاء كعملة إحتياطية خاصة بها مما سوف يساهم بظهور أكثر من عملة إحتياطية على المستوى العالمي مما يهيئ المسرح لنوع من المنافسة بدلا من الإنحدار إلى جولة مضاربات جديدة بين عشرات العملات مما ينذر بالفوضى والحروب الإقتصادية.
إن حقوق السحب الخاصة تعد من أكثر مظاهر النظام المالي العالمي غموضا وإسائة للفهم. إن ذالك يعود لمجموعة أسباب لعل أهمها أنها لم توضع محل الإستخدام إلا في مناسبات نادرة ومعدودة.
حقوق السحب الخاصة عبارة عن عملة عالمية يصدرها من العدم(الفراغ) صندوق النقد الدولي ويتحكم فيها حيث يتم إرسالها فورا لحساب الدولة المتلقية وتودع كعملة إحتياطية.
البعض يعتبر أن وصف حقوق السحب الخاصة بالنقود غير منصف حيث أنه لايمكن تداولها بين الناس ولكن هناك رأي أخر يعتمد مجموعة عوامل تجعل إعطائها صفة نقود أمر مقبولا وواقعيا. أول تلك العوامل هو أن عددا من الدول تقوم بالإحتفاظ بجزء من إحتياطيها النقدي على شكل حقوق سحب خاصة. ثاني تلك العوامل أن الدول تقوم بتسوية مدفوعات الفوائض التجارية أو تلك الناتجة عن العجر التجاري المتبادل بموجب حقوق السحب الخاصة. ثالث تلك العوامل هو أن صندوق النقد الدولي يحتفظ بسجلات مالية مفصلة لإصدارات حقوق السحب الخاصة يضاف إلى ذالك إحتفاظه بعدد من أصوله مقومة بموجب تلك العملة.
الفرق بين حقوق السحب الخاصة وغيرها من العملات الورقية هو أن حقوق السحب الخاصة لايمكن تداولها بين المواطنين والشركات. ولكن تلك مشكلة يعمل صندوق النقد الدولي على حلها حيث يعتزم إصدار حقوق سحب خاصة تراعي تلك النوعية من العقبات التي تمنع إنتشارها وتعميمها.
هناك سبب أخر لرفض وصف حقوق السحب الخاصة بكونها نقود وهو له علاقة بكونها أداة تقييم أو سلة لعملات أخرى(سلة عملات) أو أداة تسعير وبالتالي هي لا تمتلك قيمة منفصلة بذاتها عن العملات الورقية. إن تلك المزاعم باطلة لسببين, الأول هو أن إصدار أي كمية من حقوق السحب الخاصة غير مرتبط بأي من العملات الورقية لسلة العملات التي تعد حقوق السحب الخاصة اداة لتقييمها وبالتالي فإن غير ملزمة بالإرتباط بتلك العملات خصوصا من ناحية الكمية.
السبب الثاني هو أنه سلمة العملات تلك غير ثابته ويمكن تغييرها وهو مايفكر فيه صندق النقد الدولي ومنح اليوان الصيني دورا في سلة العملات مقابل إنخفاض الدور الذي يلعبه الدولار الأمريكي في تكوين تلك السلة.
خرجت حقوق السحب الخاصة(SDR) للوجود سنة 1969 والتي تميزت بحالة عدم إستقرار إقتصادي وسياسي خصوصا حرب فيتنام وتخفيض قيمة الدولار الأمريكي مما جعل إحتياطيات بعض الدول من العملة الصعبة في وضع لا تحسد تلك الدول عليه. بين سنتي 1969-1981 فقد تم إصدار عدد من حقوق السحب الخاصة ولكن بكميات صغيرة نسبيا تعادل 33.8 مليار دولار بسعر صرف أبريل 2011. الإصدار الأصلي لحقوق السحب الخاصة تم بالإعتماد على وزن الذهب والذي تم إلغائه بدلا من ذالك والإعتماد على سلة عملات لتقييم حقوق السحب الخاصة.
في سنة 2008 وبسبب الأزمة المالية التي بدأت في الولايات المتحدة وإجتاحت الأسواق المالية العالمية فقد برزت الحاجة لكمية ضخمة من المال وبسرعة لمساعدة الأسواق على التعافي. الجهود التي قادتها مجموعة(G-20) وتم فيها إستخدام صندوق النقد الدولي كأداة حيث تم إصدار 289 مليار دولار من حقوق السحب الخاصة بسعر صرف إبريل 2011. تلك الجهود والتي تم تعمد تجاهلها من قبل الإعلام والصحافة الإقتصادية تعد بداية الترويج لحقوق السحب الخاصة لتحل محل الدولار كعملة إحتياطية عالمية. وعلى الرغم من ذالك فإن العملات التقليدية لن تختفي من التداول بل سوف تعزز دور حقوق السحب الخاصة التي سوف يتم إستخدامها بين الدول لتسوية ميزان المدفوعات التجارية والصفقات التجارية بين الدول.
صندوق النقد الدولي قام بتوسيع قدراته للإقراض بواسطة حقوق السحب الخاصة من 250 مليار دولار إلى 580 مليار دولار سنة 2011 وذالك بواسطة قروض من الدول الأعضاء في الصندوق والتي يصدر في مقابلها حقوق السحب الخاصة لتلك الدول.
ولكن هل تعد حقوق السحب الخاصة تمهيدا لمنح دور أكبر لصندوق النقد الدولي ليقوم بدور البنك المركزي العالمي تحت توجيها مجموعة(G-20)؟
قد يكون الجواب نعم إن كان هناك توافق دولي على ذالك وخصوصا أن صندوق النقد الدولي يقوم حاليا بكافة مهمات البنوك المركزية فهو يقوم بإصدار عملته(حقوق السحب الخاصة) والتي تعد مقبولة عالميا ويقوم بإقراض الدول والإقتراض منها ودوره يتزايد بإستمرار على المستوى العالمي مساهما في حل الأزمات والإنهيارات الإقتصادية التي تتعرض لها دول العالم.
المشكلة أنه لتعميم حقوق السحب الخاصة وتمكينها من لعب دور عملة إحتياطية بديلة عن الدولار الأمريكي فيجب أن يكون هناك سوق يتم تداول تلك الحقوق فيه مشابه لأسواق الأسهم والسندات وأن يكون هناك إصدار سندات دين حكومية بحقوق السحب الخاصة ومتعاملين وبائعين وعقود مستقبلية ومشتقات لتوفير السيولة. حل تلك المشكلة وإيجاد تلك الأسواق والبورصات يحتاج إلى فترة زمنية طويلة لا يمتلكها المخططون الإقتصاديون حيث أن بنك الإحتياطي الفيدرالي سنة 2011 قد أصبح غير بجهوده الفردية على توفير السيولة على المستوى العالمي. الدولار تنخفض قيمته وهناك خطط فعلية لإزاحته من عرشه الذي إحتله منذ سنة 1944 كعملة إحتياطية عالمية. اليوان الصيني ليس جاهزا ليحل محل الدولار الأمريكي. اليورو يمر بأزمة ديون سيادية أوروبية لم تتضح بعد كامل نتائجها أو التوقيت اللازم للتعافي منها.
على صندوق النقد الدولي التصرف وبسرعة وقد فعل ذالك. في سنة 2011 تم تقديم ورقة بحث من قبل الصندوق عنوانها (Enhancing International Monetary Stability-A role for the SDR تعزيز إستقرار النظام المالي العالمي - دور لحقوق السحب الخاصة؟) حيث تحتوي تلك الورقة على خارطة طريق لإحلال حقوق السحب الخاصة مكان الدولار كعملة إحتياطية عالمية. خارطة الطريق تتضمن كل الخطوات اللازمة والمعلومات الضرورية لإنشاء سوق سيولة مالية لحقوق السحب الخاصة, الخطوات اللازمة لتحويلها لعملة الإحتياط العالمية, الجهات المحتمل أن توكل بمهمة إصدار تلك الحقوق, البائعون والمشترون المحتملون, ألية تسعير وتواريخ الإستحقاق, عبارة عن ألية متكاملة خطوة بخطوة. حتى أنه كان هناك إقتراح لمنح دور أكبر لليوان الصيني على حساب الدولار الأمريكي فيما يتعلق بحقوق السحب الخاصة فهل كان قرار صندوق النقد الدولي والذي تم إتخاذه مؤخرا-2015 بإدخال اليوان في سلة عملاته الدولية الخطوة الأولى في خارطة الطريق المتعلقة بإحلال حقوق السحب الخاصة مكان الدولار كعملة إحتياطية عالمية؟ هناك أيضا من يتسائلون عن الخطط المتعلقة بإعطاء الصين صوتا مضاعفا عند التصويت على القرارات المتخذة في صندوق النقد الدولي فهل ذالك أيضا يدخل ضمن الخطط المتعلقة بحقوق السحب الخاصة كعملة أحتياطي عالمية؟
الخطة بشكل عام كانت متفائلة بخصوص توقيت التنفيذ وسريته وبأقل قدر ممكن من الدعم من قبل العامة وإقترحت مبدئيا طباعة وطرح 200 مليار دولار من حقوق السحب الخاصة في الأسواق كل سنة وأن ذالك سوف يكون كافيا كبداية.
ويبقى السؤال هو هل سوف يستطيع صندوق النقد الدولي تنفيذ ماورد في ورقته البحثية في فترة زمنية مدتها خمسة سنين, أي بحلول نهاية عام 2016 تقريبا أو قبل حلول الأزمة الإقتصادية القادمة والتي يزعم المتخصصون أنها سوف تتجاوز أزمة 2007\2008 بمسافة كبيرة خصوصا مع تذبذب سعر صرف الدولار الأمريكي, فقاعة الأصول العقارية في الصين, نمو حجم الدين السيادي الأمريكي ومشكلة الديون السيادية الأوروبية؟
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية
النهاية

Friday, December 11, 2015

سيجمون فرويد في مستشفى المجانين وجوستاف لوبون ينتحر على أسوار الموصل

الأحمق هو من لم يتعلم من دروس التاريخ ويتعظ من عبره والتاريخ يروي لنا القصص والحكايا حتى نتعلم منها ونأخذ العبرة. يقال أن التاريخ كله مزور ويقال أن التاريخ يكتبه الأقوياء وأجاب أحدهم على سائل عن الجهة التي سوف يقف معها الله في حربهم ضد أعدائهم بأن الله يقف في صف من يمتلكون المدافع الأكبر. في هذه الأيام وللأسف فإن التاريخ يكتبه الحمقى وكم أتمنى لو أن التاريخ بقي حكرا على الأقوياء ليكتبوه فتاريخهم له نكهة مختلفة وليس مثل تاريخ ترويه لنا الجزيرة والعربية ويقدمه لنا عزمي بشارة ويرويه حكاياه فيصل القاسم فلا يجوز أن تعقد المقارنة بين إمعات مثل فيصل القاسم وأحد دهاقنة السياسة الدولية مثل وينستون تشرشل.
ويقال أنه مهما حاول أحدهم تزوير التاريخ فإن الشمس لايمكن أن تغطيها بغربال ومهما حاول أحدهم حجب الحقائق فإن الكف لايمكن أن تجابه المخرز إلا إذا كانت شمس الخليفة أوردوغان أو مخرز حلفائه الدواعش.
لاينكر عاقل أن تنظيم داعش ليس إلا عبارة عن طفل لقيط, إبن زنى, أداة بيد تركيا وأن أكبر الترهات التي نسمعها هذه الأيام هي أن التنظيم صناعة سورية أو إيرانية ولولا لحسة من ذوق لخرج علينا فيصل القاسم بأن زعيم داعش لم يكن مسجونا إلا في السجون الروسية وأنه إكتشف أن الطائرات المجهولة التي تلقي الأسلحة للدواعش في العراق ليست إلا طائرات روسية وأن الشاحنات التي ترسل لهم الأسلحة في سوريا تتبع حصريا لشركة نقل روسية مالكها مقرب من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. معسكرات تنظيم داعش تقع داخل تركيا والشاحنات التركية تنقل الإمدادات للتنظيم داخل سوريا والعراق وصهاريج النفط المسروق من الأراضي العراقية والسورية يتواصل دخولها بلا إنقطاع إلى تركيا عبر المعابر الحدودية التي يسيطر عليها الدواعش حتى جاء الطيران الروسي وحرقها لهم فمن غيظهم غدروا به وأسقطوا طائرته وقتلوا أحد طياريها.
كلها سياسة في سياسة فأوردوغان يستخدم ورقة اللاجئين أداة ضغط على أوروبا لتقبل إنضمامه إليها ويستخدم المنطقة الأمنة ذريعة لإحتلال سوريا ولاحقا العراق حيث يشاع على نطاق واسع أنه رفض عرضا أوروبيا بثلاثة مليارات دولار ومباحثات لإنضمام تركيا رسميا للإتحاد الأوروبي لكي يبقي اللاجئين داخل تركيا ويغلق حدوده المفتوحة وحنفية الهجرة ويتوقف عن حركاته الطفولية بل وأصر على سيناريو المنطقة الأمنة وأنه الحل الأمثل لمشكلة اللاجئين.
وأنا هنا أتسائل عن عجز تركيا عن مراقبة الحدود البحرية التي تفصلها عن أقرب أراض يونانية والتي أقصرها طريق بحري يمتد لمسافة كيلومتر واحد وأطولها يمتد لمسافة ثلاثة كيلومترات؟ أين قوة الجيش التركي التي صرعنا بها من يقبلون يد أوردوغان وصرعنا بها أوردوغان نفسه وهو يقسم أغلظ الأيمان بانه سوف يرسل أساطيله لمرافقة سفن الحرية وكسر الحصار عن الشعب الفلسطيني في قطاع غزة؟ هل تعجز تلك الأساطيل عن مراقبة مساحة بحرية لايتجاوز طولها بين 1-3كم.
مؤخرا قامت إحدى الصحف التركية او يقال انها قامت بنشر خريطة تركيا الكبرى, التسمية المعدلة للخلافة العثمانية بثوبها الأوردوغاني العصري. الخريطة شملت بالإضافة إلى لواء الإسكندرون المحتل تسعة محافظات سوريا على رأسها حلب, أربعة محافظات تركية اهمها الموصل, بلغاريا وأجزاء واسعة من اليونان, قبرص, كريت وبس.
مشكلة أوردوغان وأيتامه من المطبلين والمهللين أنهم لن ولم يفهموا أن تركيا لن تنضم رسميا للإتحاد الأوروبي وأنه سوف يتم رمي الفتات لتركيا لإسكاتها. أغلب الدول الأوروبية تعارض إنضمام أحد ثغور الإسلام إلى إتحاد مبني حصريا على أسس دينية وحضارية وثقافية وهي أهمها ولا تتشارك معهم تركيا في شيئ منها. العالم كله يتكتل حاليا على أسس ثقافية مشتركة وهي نزعة برزت مع سقوط الإتحاد السوفياتي وإنهيار جدار برلين. أوروبا المسيحية لن تقبل تركيا حتى وإن حاولت التمسح بعلمانية إسلامهم المعتدل المزعومة دول مثل بلغاريا عانت من الإحتلال العسكري العثماني أو دول مثل صربيا أو البلقان قد عانت أيضا من جرائم العثمانيين وخوازيقهم فلن تقبل بتركيا في إتحاد هم أعضاء فيه ولن يقبلوا بدخول الأتراك إلى بدلانهم بدون فيزا ليعيدوا أمجاد الماضي العثماني من بوابة الإتحاد الأوروبي الذي سوف يحوله أوردوغان وأمثاله إلى إتحاد إسلامي على الطريقة الأوردوغانية.
ولكن لماذا دخل جيش النظام الأوردوغاني إلى العراق ويرفض المغادرة؟ ولماذا يصر على المنطقة الأمنة في سوريا؟
جيش النظام التركي الأوردوغاني دخل إلى الموصل بكل وقاحة كمقدمة لضم المحافظة لتركيا. الجيش التركي يرفض الإنسحاب رغم تقدم العراق بطلب لهم بذالك وكان ردهم أننا نتفاهم مع الحكومة العراقية ومع الوقت فسوف يحاول أوردوغان فرض سياسة الامر الواقع وشيئا فشيئا سوف يسيطر على المحافظة وفق سياسة القضم خطوة خطوة حتى لو كانت المساحة المقضومة في كل مرة لاتساوي إلا أمتارا محدودة.
في العراق سوف يقوم أوردوغان بقضم المحافظات العراقية خطوة بخطوة ودخول قواته إلى محافظة الموصل كان أولى تلك الخطوات ولكن في سوريا فالأمر مختلف وسوف يتم تنفيذه وفق سيناريو المنطقة الأمنة حيث سوف يحاول أوردوغان فرض أمر واقع بخصوص منطقة أمنة لحلفائه الدواعش ليقوم لاحقا بتنظيم إستفتاء حول إنضمام تلك المنطقة الأمنة لتركيا أو بقائها ضمن الأراضي السورية وقد يتم تحويل سوريا لكونفدرالية على الطريقة العراقية أو الأمريكية ليسهل تفكيكها. هل تشكون في ذالك السيناريو؟ كل من يظن أن أوردوغان يهمه بقاء او سقوط الرئيس السوري أو مايعانيه الشعب السوري بسبب حلفاء أوردوغان الدواعش فإنه واهم وعليه أن يستفيد من دروس التاريخ وإلا سوف يكون أحمقا. وحتى لا تكون من أولئك الحمقى فما عليك إلا أن تتذكر سيناريو تقسيم العراق وإنفصال كردستان عن العراق وكيف تم التمهيد بذالك بما يسمى منطقة حظر جوي. فإذا كانت قوات التحالف الغربي حريصة على الشعب العراقي والدماء التي سالت فلماذا سمحت لقوات الحرس الجمهوري بإخماد إنتفاضة أهل الجنوب والأكراد قبل ذالك ولم نسمع صراخ جمعيات حقوق الإنسان والمنظمات التي تتبع الأمم المتحدة؟
وبعد فشل كل السيناريوهات الأوردوغانية وإفشال الحليف الروسي لمخططاته وقصف طائرات التحالف السوري\الروسي لصهاريج نفطه فقد بدأت الإشاعات تنتشر عن غارات لسلاح الجو الإسرائيلي على أهداف في دمشق وكيف أن ذالك تم بالتنسيق بينهم وبين سلاح الجو الروسي الذي قام بتعطيل أجهزة الإنذار والتشويش لفترة كافية تسمح بدخول وخروج الطيران الحربي الإسرائيلي بدون مخاطرة. كل تلك الإشاعات فشلت في تحقيق أهدافها بعد أن ملت منها الجماهير التي أصبح لديها نوع من الحصانة وخصوصا مع تكرار نفس الإشاعات ونفس الأخبار ونفس الأكاذيب وهو مايحاول أوردوغان وأنصاره عن طريقه التعويض عن هزيمتهم المنكرة على أرض الواقع حيث يقوم الطيران الروسي بحراثة الأراضي التي تنتشر فيها ميليشيات أوردوغان خصوصا في جبل التركمان حيث دخلت أنظمة دفاع جوي روسية طراز إس-400 المعادلة فتراجع أوردوغان ورئيس وزرائه أوغلو عن عنترياتهم وبلعوا ألسنتهم. نفس العنتريات التي أطلقها أوردوغان حين قتل مواطنوه على سفن الحرية المزعومة التي حاولت فك الحصار عن قطاع غزة فهدد وتوعد وأزبد فمه حين لم يتلقى الإعتذار المأمول أن يحفظ به ماء وجهه أمام انصاره الذي كانوا يظنون أن خيوله سوف تعبر في اليوم التالي لتحرير أولى القبلتين وثاني الحرمين الشريفين.
الزعيم التركي يصلي في الجوامع بعد أن يصطحب معه كاميرات التلفاز والفضائيات حتى تصور الرئيس المؤمن وذالك يكفي أتباعه فهنيئا لثغر الإسلام الدعارة المرخصة والخمارات والأندية الليلية ونوادي القمار وكافة نواحي الإنحلال الخلقي وهنيئا لأتباع أوردوغان الدواعش رئيسهم المؤمن.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية

النهاية