Flag Counter

Flag Counter

Wednesday, January 21, 2015

ماهي العوامل التي أدت إلى الإعلان عن إنهيار إتفاقية بريتون وودز سنة 1973؟

عندما كانت الحرب العالمية الثانية تضع أوزارها, فإن تحالفا من الدول المنتصرة في الحرب كان للولايات المتحدة وبريطانيا فيه دور رئيسي, قد قرر وضع أساس نظام مالي وإقتصادي عالمي تمت الترتيبات النهائية له في شهر حزيران 1944 في سلسلة إجتماعات عقدت في فندق مونت واشنطون الذي يقع في غابات بريتون في ولاية نيوهامبشر. النتيجة مجموعة قوانين إستمر العمل بها من سنة 1944 إلى سنة 1973 حيث تميزت تلك الفترة بإنخفاض مستوى التضخم, إزدهار إقتصادي, إنخفاض مستوى البطالة وإرتفاع المستوى الحقيقي للأجور. كما ان إتفاقية بريتون وودز أفرزت البنك الدولي وصندوق النقد الدولي كمؤسسات للإشراف على التطبيق الدقيق لتلك الإتفاية ومدى إلتزام الدول الأعضاء بها.
كما أن تلك الفترة الزمنية قد إختلفت عن الفترة التي تلت إنتهاء الحرب العالمية الأولى سنة 1921 وصولا إلى سنة 1936 حيث أن إتفاقية بريتون وودز قد أدت إلى إستقرار أسعار الصرف والأسواق المالية نتيجة ربط العملات بطريقة غير مباشرة بالذهب عن طريق سعر ثابت 35 دولار أمريكي للأونصة الواحدة من الذهب. الإقراض قصير الأجل كان يتم من قبل صندوق النقد الدولي لبلدان معينة في حالات خاصة وهي عجز في الميزان التجاري يرافقه تضخم مفرط.
وعلى الرغم من أن هناك العديد من الدول الموقعة على تلك الإتفاقية فإن الولايات المتحدة هي الدولة الوحيدة التي فرضت أغلب الشروط الملائمة لها حيث كانت في الفترة التي تلت الحرب العالمية الثانية بلا منافس حقيقي سوى الإتحاد السوفياتي والذي إنهار سنة 1991.
أول بوادر إنهيار تلك الإتفاقية كانت بدأت مع إنتخاب ليندون جونسون سنة 1964 رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية حيث ساهمت سياساته القائمة على الحرب في فيتنام والتوسع في البرامج الإجتماعية والإعفائات الضريبية فيما يعرف بالمسدس والزبدة(Gun and Butter) في تزايد عجز الموازنة بشكل مثير للقلق. إن تلك السياسة والتي أدت إلى زيادة الإنفاق كانت نقطة تحول حقيقية من السياسة الإقتصادية الناجحة والتي إتبعتها الولايات المتحدة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. ولكن لأسباب متعلقة بمراكمة الولايات المتحدة لنمو إقتصادي داخلي ونفوذ سياسي خارجي لفترة طويلة فإن الأثار السلبية لتلك السياسة لم تظهر إلا بعد فترة زمنية طويلة.
على الرغم من مركزية السياسات المالية والتضخم في الولايات المتحدة والتي تعلقت بها الجولة الثانية من المضاربة على أسعار صرف العملات على مستوى العالم إلا أن البداية كانت في المملكة المتحدة(بريطانيا) والتي أدت مجموعة أحداث فيها إلى أول تخفيض في قيمة الجنيه الإسترليني في بريطانيا سنة 1967 منذ إتفاقية بريتون وودز.
من المعلوم أنه حتى نهاية الحرب العالمية الثانية فإن الجنيه الإسترليني كان يشكل نسبة كبيرة من العملة الإحتياطية الرئيسية للبنوك المركزية حول العالم أكثر من الدولار الأمريكي ولكن بنهاية سنة 1965 فإن نسبته لم تتعدى 26% مقارنة بالدولار الأمريكي. كما أن ميزان المدفوعات البريطاني بدأ يتدهور منذ سنة 1960 حتى أصبح تدهور بشكل حاد نهاية سنة 1965. أسباب ذالك التدهور قد لاتخفى على الكثيرين حيث أنه منذ نهاية الحرب العالمية الثانية فقد إستقلت الكثير من البلدان التي كانت تحت الإحتلال البريطاني كالعراق والسودان ومصر والهند والتي كانت تلقب بدرة التاج البريطاني مما أدى إلى خسارة بريطانيا للكثير من الأسواق لتصريف منتجاتها والحصول على المواد الأولية الرخيصة وبالتالي إلى تدهور إقتصادها وقيمة عملتها وحتى مكانتها الدولية بشكل تدريجي.
العجز في الميان التجاري لم يكن هو المشكلة الرئيسية بل الكتلة النقدية المتوفرة من الجنيه الإسترليني خارج المملكة المتحدة والتي من الممكن مبادلتها بالذهب أو بالدولار الأمريكي داخل المملكة المتحدة حيث وصلت سنة 1965 إلى أربعة أضعاف. إن ذالك يعني أنه مقابل كل أربعة جنيهات إسترلينية خارج المملكة المتحدة فإن هناك مايعادل قيمة جنيه واحد بالدولار أو بالذهب يمكن مبادلته داخلها.
كانت هناك مجموعة من الإجرائات من قبل الحكومة البريطانية لمواجهة تلك المشكلة ومنع إنهيار الجنيه الإسترليني منها خطوط إئتمان دولية, مبادلة الخطوط الإئتمانية مع بنك الإحتياطي الفيدرالي في نيويورك, حزمة إجرائات تقشفية وتدخل مفاجئ في سوق العملات.
ثلاثة أزمات مر بها الجنيه الإسترليني في الفترة الممتدة من 1964 إلى 1966 وأمكن تجاوزها ولكن الأزمة سنة 1967 كانت ضربة قاضية لقيمة الجنيه الإسترليني بسبب مجموعة عوامل ساهمت فيها. أول تلك العوامل هو إغلاق قناة السويس في حرب الأيام الستة سنة 1967, التوقعات بتخفيض قيمة الجنيه الإسترليني بسبب إستعداد بريطانيا للإنضمام إلى الإتحاد الأوروبي. النتيجة كانت أن التضخم بدأ بالإزدياد كما في الولايات المتحدة ولكن الحكومة البريطانية عملت على إبقائه تحت السيطرة لمجموعة أسباب أهمها زياة نسبة البطالة والتي يعني زيادة التضخم تحويلها من سيئ إلى أسوأ.
وبسبب إستمرار عمليات بيع الجنيه الإسترليني وفشل الحكومة البريطانية بالحد منها فقد تم بتاريخ نوفمبر 18 1967 القيام بتخفيض قيمة الجنيه الإسترليني مقابل الدولار الأمريكي من 2.80$ إلى 2.40$ لكل جنيه إسترليني, مانسبته 14% تخفيض في القيمة. إن قيام بريطانيا في ذالك التاريخ بتخفيض في قيمة عملتها يعد أول شرخ ملحوظ في إتفاقية بريتون وودز التي بدأت بالتداعي والإنهيار.
كانت هناك بوادر لإنهيار تلك الإتفاقية لعل أولها كانت محاولة العديد من الدول تعزيز إحتياطي الذهب في بنوكها المركزية لظهور علامات غير صحية بخصوص قيمة الدولار الأمريكي ومحافظته على مركزه كإحتياطي عالمي.
منذ سنة 1961 فإن تجمع الدول المتعاملة بالذهب قد إستخدمت لندن كمركز لعمليات الأسواق المفتوحة حيث تقوم الدول المشتركة بإستخدام إحتياطي الدولار والذهب في بنوكها المركزية بشكل مشترك من أجل القيام بعمليات بيع وشراء الدولار والذهب للمحافظة على سعر 35 دولار للأونصة بحسب إتفاقية بريتون وودز. تلك الدول هي الولايات المتحدة, بريطانيا, فرنسا, ألمانيا, بلجيكا, إيطاليا, هولندا, سويسرا حيث تقوم الولايات المتحدة بالمساهمة بما نسبته 50% من المصادر اللازمة للمساهة في الإيفاء بالغاية التي تم تأسيس ذالك التجمع بموجبها وهي المحافظة على سعر 35 دولار لأونصة الذهب.
وهنا سوف نعرج على نقطة بسيطة وهي أنه من المعروف أن إنخفاض قيمة الدولار الأمريكي يقابلها زيادة في شراء الذهب من قبل الحكومات وحتى الشركات والأفراد والعكس صحيح. ذالك التجمع كانت الغاية منه تجنب ماحصل سنة 1960 حين تسبب التدافع في شراء الذهب إلى إرتفاع سعره إلى 40 دولار للأونصة مما أدى إلى إنخفاض في قيمة الدولار والإخلال بشروط إتفاقية بريتون وودز.
كانت البنوك المركزية وبناء على تعليمات حكوماتها تقوم بعمليات البيع والشراء في السوق المفتوح والمحافظة على سعر 35 دولار للأونصة ولكن منذ سنة 1965 فإنه من الملاحظ أن العمليات التي كانت تجري محصورة في البيع فقط.
في فبراير 1965, طالب الرئيس الفرنسي تشارلز دي جالي بإلغاء الإعتماد على الدولار كعملة إحتياطية عالمية والعودة إلى المعيار الذهبي الكلاسيكي كون الذهب يشكل أساس نظام نقدي ومالي لا جدال فيه ولا يحمل هوية أو بصمة دولة معينة. في يناير كانون الثاني سنة 1965 أعلنت فرنسا عن قيامها بتحويل ماقيمته 150 مليون دولار من إحتياطها النقدي إلى ذهب وأعلنت نيتها تحويل 150 مليون دولار أخرى. إسبانيا تبعت فرنسا وقامت بتحويل 60 مليون دولار من إحتياطها إلى ذهب.
ماقامت به فرنسا وإسبانيا بالإضافة إلى إتجاه دول أوروبية للقيام بتحويل إحياطها من الدولار كليا أو جزئيا إلى ذهب, قد جاء في نفس التوقيت الذي كانت فيه الشركات الأمريكية تقوم بشراء أصول في الدول الأوروبية بالدولار الأمريكي المبالغ في قيمته حيث شبه الرئيس الفرنسي تشارلز دي جالي الأمر بأنه أشبه بالمصادرة أو التجريد من الملكية.
كانت هناك مشكلتان تواجهان بشكل مبدئي العودة للمعيارا لذهبي الكلاسيكي وتؤجلان العمل به. المشكلة الأولى كانت الإلتزام بتخفيض قيمة العملات بما فيها الدولار مقابل الذهب مما قد يعني مضاربة على أسعار الصرف بين الدول الموافقة والمعارضة على عودة العمل بالمعيار الذهبي الكلاسيكي. المشكلة الثانية كانت أن المستفيد الأكبر من إرتفاع قيمة الذهب مقابل الدولار هي الدول المنتجة له, نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا والإتحاد السوفياتي كانا أكبر المستفيدين كونهما من أكبر منتجي الذهب في العالم.
الولايات المتحدة كان لها حليف في أوروبا وهو ألمانيا الغربية التي أرسل محافظ بنكها المركزي المعروف بإسم دوتشسي بوندزبانك(Deutsche Bundesbank) إلى وليام ماتشينزي مارتن مدير مجلس المحافظين للبنك الفيدرالي الأمريكي رسالة سرية يؤكد له فيها أن ألمانيا لم تقم منذ سنين طويلة بتحويل أي من إحتياطي الدولار لديها إلى ذهب وأنها لا تنوي القيام بذالك في المستقبل القريب. ألمانيا الغربية راكمت إحتياطي من الدولار الأمريكي نتيجة ميزان تجاري إيجابي لصالحها مع الولايات المتحدة بالإضافة إلى تواجد اعداد كبيرة من القوات الأمريكية فيها والتي إستمرت الولايات المتحدة كعرفان باللفتة الألمانية الغربية الإيجابية بإستمرار تحمل تكلفة تلك القوات.
بحلول شهر مارس 1968 فقد كان معدل عمليات البيع من تجمع الدول المتعاملة بالذهب في لندن قد وصل إلى 30 طن متري في الساعة مما أدى بتاريخ 15 من مارس إلى إغلاق السوق لمدة أسبوعين في محاولة يائسة لوقف ذالك النزيف. الكونجرس الأمريكي قد قام بعد أيام قليلة من إغلاق تجمع الدول المتداولة للذهب في لندن بإلغاء قانون يلزم إرتباط العملة الأمريكية بكميات معينة من الذهب مما أدى إلى إطلاق يد الحكومة الأمريكية للمحافظة على سعر 35 دولار للأونصة من الذهب وبالتالي المحافظة على قوة عملتها. ولكن كل تلك الإجرائات كانت بلا فائدة فبنهاية شهر مارس 1968 إنهار تجمع الدول المتعاملة بالذهب في لندن وفق إتفاقية بريتون وودز وأصبح التعامل بالذهب بيعا أو شرائا يمر بمرحلتين. المرحلة الأولى هي مبادلته بسعر 35 دولار للأونصة بحسب إتفاقية بريتون وودز والمرحلة الثانية بيعه بسعر السوق المفتوح وهي 40 دولار أو أكثر للأونصة وتحقيق أرباح وتكرار نفس العملية مما عرض الولايات المتحدة وإحتياطها من الذهب لضغط كبير. ساهمت بعض الإجرائات التي تم إتخاذها من قبل الولايات المتحدة وبريطانيا خصوصا إجرائات تقشفية في إستعادة التوازن للأسواق المالية في أواخر سنة 1968 وسنة 1969 ولكن لم يعد يخفى على أحد أن إتفاقية بريتون وودز في طريقها للإنهيار الكامل.
صندوق النقد الدولي(IMF) قام سنة 1969 بالإستجابة للنقص في كميات الذهب المعروضة في الأسواق بإنشاء مايسمى حقوق السحب الخاصة(SDR) والتي تكون متناسبة مع حصص كل دولة في الصندوق وتستخدم لتسوية العجز التجاري في ميزانية المدفوعات بين الدول أو بنوكها المركزية. كميات صغيرة من حقوق السحب الخاصة تم إصدارها بين سنتي 1970-1972 ولم يتم إعادة إصدارها حتى سنة 2009 في خضم الأزمة المالية العالمية الأسوأ منذ أزمة الإثنين الأسود سنة 1929.
الثغرة الأخيرة التي أدت إلى الإنهيار الكامل لإتفاقية بريتون وودز وإعلان نيكسون عن إلغاء إرتباط الدولار بالذهب بشكل نهائي سنة 1971 هو إتفاق جينتلمان بين بعض البنوك المركزية الرئيسية بعدم الضغط بإتجاه تحويل الدولار إلى ذهب رغم زيادة كميات الدولار في الأسواق.
نيكسون والذي أعلن قراره في 15 أغسطس 1971 مقاطعا البرنامج التلفزيوني الأكثر شعبية في تلك الفترة (Bonanza) قد قام بتبرير قراره بأنه لن يسمح بترك الدولار رهينة بيد المضاربين الدوليين. ولكن الحقيقة أن السياسات النقدية الأمريكية المتساهلة وخصوصا طباعة كميات كبيرة من الدولار لتغطية نفقات الحرب والبرامج الإجتماعية المتزايدة والعجز في الميزان التجاري للولايات المتحدة هم من كانوا السبب في مشاكل الدولار وليس المضاربين الدوليين.
صدمة نيكسون والتي عرفت بها قرارات سنة 1971 تضمنت ضريبة على كافة المستوردات بنسبة 10% وسياسة تحديد للأجور والأسعار بالإضافة لفك إرتباط الدولار بالذهب قد تم دراستها وإعدادها وإعلانها بطريقة مفاجئة وسرية وبدون إستشارة صندوق النقد الدولي أو حتى شركاء الولايات المتحدة في إتفاقية بريتون وودز. السبب هو الضغوطات التي تعرض لها الدولار الأمريكي في الفترة التي سبقت إتخاذه لتلك القرارات المفاجئة بعدة أسابيع حيث قامت سويسرا بإستبدال دولارات أمريكية بما يعادل 40 طن متري من الذهب وفرنسا التي أصبحت بفضل إتفاقية بريتون وودز تمتلك ثالث أكبر إحتياطي من الذهب خلف الولايات المتحدة وألمانيا وبقيت كذالك حتى سنة 2011 بحسب المعلومات المتوفرة.
الهدف من إعلان نيكسون هو تخفيض في سعر صرف الدولار لجعل الصناعات الأمريكية تنافسية في الأسواق الدولية ولكن المشكلة أن إعلان فك إرتباط الدولار بالذهب لم يكن ليكون له ذالك التأثير فكثير من الدول قامت عمليا بتعويم قيمة عملتها في فترة سابقة لسنة 1971 ولكن قرار 10% ضريبة على المستوردات كان هو الحل السحري بيد نيكسون لإجراء التخفيض المطلوب في قيمة الدولار وإلغاء تلك الضريبة الإستثنائية مع وصول سعر صرف الدولار للقيمة المطلوبة. المفاوضات بذالك الخصوص تولاها سكرتير الخزانة جون كونالي وهو من ولاية تكساس.
وحتى نفهم تأثير ضريبة المستوردات على إنخفاض سعر صرف الدولار مقابل العملات الأخرى فإن أي تخفيض في قيمة الدولار يقابله إرتفاع قيمة صرف العملات الأخرى والتي هي مرتبطة بسعر صرف الدولار بشكل أو بأخر. فعندما أعلنت اليابان تعويم عملتها مقابل الدولار, إرتفعت قيمة الين 7% مقابل الدولار فإذا أضفنا إليها ضريبة المستوردات 10% فتصبح الزيادة في القيمة الإجمالية لأسعار الصادرات اليابانية للولايات المتحدة هي 17% ونقيس على ذالك بقية العملات. تلك الإنعكاسات جعلت قرارات نيكسون موضع ترحيب من قبل أصحاب  صناعة السيارات وصناعة الفولاذ وحديد التسليح وغيرها من الصناعات خصوصا الثقيلة والتي كانت تعاني بشدة من المنافسة في أسواقها الداخلية في الولايات المتحدة من قبل نظرائها في اليابان وألمانيا وغيرها من البلدان.
الإجتماع والذي عقد في أولخر شهر سيبتمبر من سنة 1971 لمجلس الإستشاريين لإتفاقية الجات(الإتفاقية العامة للتعرفة الجمركية والتجارة) للنظر فيما إذا كان قرار الولايات المتحدة بفرض ضريبة الإستيراد 10% تعارض نصوص الإتفاقية. ناثائيل صموئيل ممثل الولايات المتحدة في الإجتماع لم يكلف نفسه عناء تقديم تبريرات أو الدفاع عن موقفه إلا بشكل محدود جدا يكاد لا يذكر كما أن اليابان والدول الأوروبية الأخرى لم تكن ترغب بإستعداء الولايات المتحدة وإتخاذ إجرائات مضادة وخصوصا أنها القوة الوحيدة التي تعد مؤهلة لموازنة التهديد الذي يمثلة الإتحاد السوفياتي خصوصا لدول أوروبا الغربية.
في إجتماع قمة الدول العشرة(G10) والذي عقد في سيبتمبر من سنة 1971 فإن ممثل الولايات المتحدة جون مونالي قد طلب من ممثلي الدول التسعة الاخرى منها سويسرا والتي لم تكن بعد منضمة لعضوية صندوق النقد الدولي, بإتخاذ الإجرائات الضرورية لعكس ميزان المدفوعات التجاري الخاص بالولايات المتحدة من سالب 5 مليار دولار إلى إيجابي 8 مليار من دون تقديم أي توضيحات عن كيفية تحقيق ذالك وترك ممثلي الدول التسعة الأخرى يتناقشون في تلك الوقاحة الغير مسبوقة وتلك النوعية من الشروط.
بعد أسبوعين من إجتماع لندن, وفي أوائل شهر أكتوبر من السنة نفسها فقد تم عقد إجتماع في واشنطون لصندوق النقد الدولي حيث لم يتم تحقيق تقدم يذكر وحيث بدأت أثار ضريبة الإستيراد الأمريكية تظهر أثارها بشدة خصوصا في تصريحات بعض المسؤولين الذين حضروا الإجتماع. وزير التجارة الكندي جان لوك بيبان صرح بأن بلاده سوف تفقد 90 ألف وظيفة تقريبا بسبب ضريبة الإستيراد الأمريكية خلال السنة الأولى لتطبيقها.
صندوق النقد الدولي إقترح مجموعة حلول منها مزيد من القيود حول تذبذب أسعار صرف العملات نتيجة تخفيض في قيمتها, إصدار المزيد من حقوق السحب الخاصة(SDR) وإنشاء بنك مركزي عالمي. ممثل الولايات المتحدة كونالي كان مصرا على مطالبه وليس مهتما بطريقة تحقيقها والتنازل الوحيد الذي قدمته الولايات المتحدة هو رفع ضريبة الإستيراد في حالة شرطها في تعديل الميزان التجاري يسير في الطريق الصحيح حتى لو يصل إلى هدفه النهائي في فترة زمنية محددة.
بحلول شهر ديسمبر, تم عقد إجتماع أخر لمجموعة العشرة(G10) وقد كان كنالي جاهزا لعقد صفقة ملخصها إعادة تقييم قيمة العملات الأجنبية بما معدله 11% يقابلها تخفيض في قيمة الدولار مقابل الذهب 10%. إن ذالك يعني إرتفاع القيمة الدولارية للصادرات الأجنبية للولايات المتحدة إلى 20% تقريبا. مقابل ذالك تقوم الولايات المتحدة بالإلغاء الكلي لضريبة الإستيراد 10%. ومن نتائج ذالك الإجتماع أن رئيس الوزراء الفرنسي بومبيدو وافق على تخفيض ضريبة الإستيراد المفروضة من قبل الإتحاد الأوروبي على واردات الصلب الأمريكية لدول الإتحاد.
الدول الأوروبية واليابان قامت بإجراء تعديلات على أسعار صرف عملتها مقابل الدولار بالزيادة مانسبته 11%-17% بإستثناء فرنسا وبريطانيا والتي إرتفعت بمقدار 9% مقابل الدولار وذالك بسبب إرتفاع أسعار الذهب. اليابان وألمانيا تحملتا العبئ الأكبر حيث إرتفعت قيمة الين مقابل الدولار 17%. الدول الموقعة على محاضر الإجتماعات وافقت على إبقاء الإتفاق الجديد بخصوص أسعار الصرف للعملات في نطاق تداول يتراوح بين 2.5% و 4% كما وافقت الولايات المتحدة وبشكل نهائي على إلغاء ضريبة المستوردات 10%. الإتفاق عرف بإسم سميثسونيان(Smithsonian Agreement).
إرتفعت شعبية نيكسون إثر ذالك الإتفاق كما إرتفعت إثر إعلانه فك إرتباط الدولار بالذهب وتعويم أسعار صرف الدولار الأمريكي. الإتفاق الجديد أدى إلى رفع أسعار الأسهم والسندات خصوصا في مجال صناعة الحديد والصلب وكذالك السيارات حيث من المتوقع أن إيجاد 500 ألف وظيفة جديدة خصوصا في تلك المجالات خلال السنتين القادمتين. كما ان تعويم سعر صرف الدولار أدى إلى تخفيض في قيمته بنسة 5% على الأقل امام العملات الاخرى مما أدى إلى زيادة جاذبية الصادرات الأمريكية مضاف إلى ذالك موافقة فرنسا والدول التي شكلت لاحقا الإتحاد الأوروبي على تخفيض تعريفة الصادرات على السلع والبضائع الأمريكية.
تلك التوقعات المتفائلة لم تتحقق والمنافع من وراء (Smithsonian Agreement) لم تستمر سوى لفترة قصيرة حيث وجدت الولايات المتحدة نفسها في مواجهة أسوأ موجة كساد إقتصادي منذ إنهيار أسواق المال والأسهم في وول ستريت سنة 1929 والكساد الإقتصادي العظيم الذي إمتد حتى دخول الولايات المتحدة الحرب العالمية الثانية.
بتاريخ 23 حزيران\يونيو 1972 تعرض الجنيه الإسترليني لتخفيض في قيمته بلغت 6% مما أدى إلى موجة تخفيض في قيمة مختلف العملات كحجارة الدومينو خصوصا الليرة الإيطالية, المارك الألماني, الفرنك السويسري والدولار الكندي. السلطات الألمانية فرضت قيودا على تحرك رأس المال لحماية المارك الألماني من عمليات شراء مفرطة نتيجة إتجاه الكثيرين للإستثمار به خوفا من تعرضت قيمة الدولار الأمريكي للمزيد من الإنخفاض في قيمته.
كافة الإجرائات التي تم إتخاذها بموجب إتفاقية بريتون وودز فشلت في إعادة الإستقرار للأسواق المالية وأسعار صرف العملات حيث اعلن صندوق النقد الدولي سنة 1973 أن تلك الإتفاقية قد أصبحت منتهية وبداية مرحلة جديدة في أسواق المال والتجارة الدولية من الممكن أن نطلق عليها مرحلة مابعد إتفاقية بريتون وودز.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية

النهاية

2 comments:

  1. في واقع الامر لمـ تنهار إتفاقية بريتون وودز ، و لكن إتخذت أشكال أخرى للسيطرة على العالمـ .
    هل غفل أهل العلمـ عن حقيقة القوة الخفية و التي تأسست سنة 43 ميلادية ؟ و التي أصبح إسمها الماسونية سنة 53 ميلادية !
    هل غفل أهل العلمـ عن حقيقة الصراع في العالمـ ؟ !

    أخذت القوة الخفية و التي أسسها الملك الروماني هيرودس أكريبا ( قالوا عنه بأنه وثني فقلت بل هو يهودي بدلالة مستشاريه التسعة اليهود ) بقل كل من آمن بالسيد المسيح عليه السلامـ و أسلمـ أمره إلى الله ، و أخذوا بألإستعداد لحربهمـ و مواجهة خاتمـ الانبياء و المرسلين علية الصلاة و السلامـ قبل 568 سنة من قبل بعثه بالرسالة . و خططوا للسيطرة على العالمـ إقتصاديا و سياسيا و عسكريا و ثقافيا و تعليميا ، و إنتشر نفوذهمـ في العالمـ ، فأسس اليهود البنوك المالية في اوروبا و أمريكا أولا و إستبدلوا الذهب بالاوراق المالية و جعلوا الدولار العملة المتداولة في الاسواق العالمية . و بعد هزيمة هتلر في الحرب العالمية الثانية خرج أندريه قروميكو بقوله ( الان بدأ تطبيق نظامـ القطب الاوحد ) الآ و هو الرسمـ الهرمي على عملة الدولار للحركة النورانية الشيطانية و كتب أعلاه ANNUIT COEPTIS القطب الاوحد ، و في أسفله النظامـ العالمي الامني الجديد NOVUS ORDO SECLORUM . و لتنفيذ هذا من أجل حربهمـ على الاسلامـ غيروا في الثقافات و غيروا التعليمـ و بسطوا نفوذهمـ السياسي و العسكري على العالمـ و أقاموا النزاعات بين الدول لسقوط إقتصادها و يأتي دور صندوق النقد الدولي و قامت الدول الصناعية الكبرى بالسيطرة على العالمـ إقتصاديا . و عندما طرحت مشاريع مشاريع لإحياء الذهب كعملة متداولة بدل الدولار تمـ القضاء عليها و تدمير أصحاب مشروع إحياء الذهب حتى يبقى الدولار مسيطرا ، كمشروع دينار الذهب الاسلامي و مشروع عملة الذهب الافريقية الموحدة .و تمـ الغزو الفكري و العقائدي و الإجتماعي لشعوب العالمـ و تغيير و إضعاف المعتقد و الفكر من أجل العولمة و العلمانية و الإلحاد . فمن أسس النظامـ الاقتصادي الرأسمالي هو من أسس النظامـ الإقتصادي الإشتراكي الإلحادي ، و بدأت الادوار في القضاء على النظامـ الاقتصادي الاشتراكي ، و حان التهديد بالقضاء على النظامـ الإقصادي الرأسمالي و المتمثل بأقوى الدول و هي أمريكا و واجهت إعلان إفلاسها في الثاني من أغسطس ٢٠١١، فتمـ سقوط 35 بنك من الحجمـ الصغير و المتوسط في سوق المال الامريكي Wall Street ، و قامت الصين الشعبية و هي أكبر دولة داعمة للخزينة الامريكية بحوار جاد مع الحكومة الامريكية مما أدت إلى إلغاء إعلان إفلاس الخزينة الامرييكية و قامت الصين الشعبية بشراء المستندات دعما للخزينة الامريكية . من هي الدول الفاعلة في صندوق النقد الدولي ؟ و ما دور صندوق النقد الدولي في إنهيار الدول في العالمـ و من هي القوة العظمى المسيطرة على صندوق النقد الولي ؟ و من هي القوة المسيطرة على الذهب في العالمـ ؟ و من هي القوة المسيطرة على سوق المال العالمي ؟ من هي القوة المسيطرة على صناعة الدواء في العالمـ ؟ من هي القوة المسيطرة على الصناعات العسكرية في العلمـ ؟ من و من و من ........ في البحث عن الحقائق نجد أن اليهود و الصهيونية العالمية هي المسيطرة على العالمـ و هذا علو بني إسرائيل الثاني و الاخير و الذي بدأ سنة 1998 ميلادية بعد أن تمـ نقل السبط الثاني عشر من ممر خيبر على طريق الحرير في أفغانستان إلى طهران و من ثمـ إلى موسكو و بعدها إلى تل أبيب و إجتمع الاسباط الاثنى عشر يهود في أحد ضواحي لندن .

    ReplyDelete
    Replies
    1. فعلا تعليق ثري وغني بالمعلومات
      شكرا لك

      Delete