Flag Counter

Flag Counter

Saturday, July 30, 2016

معامل جيني وقياس كفائة توزيع الدخل بين الدول, مقارنة إقتصادية


إن معامل جيني(Gini Coefficient) عبارة عن أداة لقياس تفاوت تركيز الدخل في الدول المختلفة ولكنه يعتمد على الدخل القابل للتحويل إلى نقود وتلك مشكلة يتجاهلها الكثير من الإقتصاديين عند الإستشهاد به في معرض حديثهم عن إقتصاديات بعض الدول خصوصا الصين. موقع العربية بتاريخ نشر بتاريخ 3\مارس\2014 موضوعا لكاتب يدعى سعيد محمد بن زقر والذي من المفترض أنه رجل أعمال سعودي تناول فيه الإقتصاد الصيني ومعامل جيني بطريقة بعيدة عن الواقعية حيث يبدو أن أهل مكة ليس دائما أدرى بشعابها.
وحتى نكون واقعيين فإنه بداية لايوجد أي دولة لا تعاني من مشاكل إقتصادية وأزمات مالية ولكن تحاول تلك الدول تجبنها أو التخفيف من أثارها ما أمكن. الصين التي تحتل مكانة كثاني أكبر إقتصاد في العالم من حيث الحجم وتسير بخطى حثيثة نحو التفوق على الولايات المتحدة إقتصاديا تجنبت أسوأ أثار الأزمة الإقتصادية سنة 2007\2008 كما أنها في فترة ثلاثين سنة حققت نهضة صناعية إستغرقت دول أوروبية مئات السنين من أجل إنجازها. فخلال تلك الفترة, النهضة الصناعية الصينية, فقد أمكن إنتشال 400 مليون مواطن من خط الفقر وذالك إنجاز ضخم بمدة زمنية قياسية عند مقارنة دول بحجم الصين مع غيرها من الدول. إن تعداد 400 مليون نسمة يساوي تقريبا التعداد السكاني للولايات المتحدة الأمريكية و17 ضعفا التعداد السكاني للمملكة العربية السعودية.
الإقتصاد في المملكة العربية السعودية يعتمد على النفط الذي يعاني من إنخفاض في مستوى الأسعار وصل مستويات تهدد الإقتصاد السعودي الذي بدأ بالتباطئ حيث تم سحب كميات كبيرة من الإحتياطيات النقدية وتم إصدار سندات دين حكومية وطرح طلب لإقتراض عشرة مليارات دولار أمريكي من الأسواق المالية الدولية. بالإضافة إلى كل ذالك فإنه يتوقع قريبا طرح 5% قيمة أرامكو كأسهم في الأسواق المالية المحلية والدولية(خصخصة جزئية) على الرغم من كون الشركة أحد أهم أعمدة الإقتصاد السعودي وتحقق أرباحا وليست شركة خاسرة. هيئة الإحصاء السعودية وفي تغريدة من حسابها في تويتر ذكرت أن معامل جيني للأسر السعودية قد بلغ 45.9(0.459%) لسنة 2013 مقارنة بسنة 2007 حيث بلغ 56.9(0.569%) سنة 2007.
إن إستخدام معامل جيني في قياس تفاوت الدخل وبالتالي مستوى الفقر يساهم في إعطاء صورة خاطئة عن الوضع الإقتصادي للدول. فعلى سبيل المثال فإن دولة مثل بلغاريا تبلغ نسبة تملك المساكن فيها 97% وفي فلسطين 84% حيث تبلغ نسبة تملك المنازل في قطاع غزة 82% بحسب إحصائيات 2011 وذالك لايدخل في حساب معامل جيني.
هناك أيضا عامل أخر يلعب دوره فيما يتعلق بمسألة إمتلاك منزل للسكن وهو عامل معتمد من قبل البنك الدولي وعدد من المراكز البحثية ويطلق عليه " مكرر المتوسط لإمتلاك المسكن " وذالك يعني متوسط سعر المنزل تقسيم صافي دخل الأسرة السنوي. مثال بسيط هو أنه إذا فرضنا أن راتب مواطن سعودي يبلغ 5000 ريال فإن دخله السنوي يبلغ 60 ألف ريال وبالتالي فإن متوسط سعر المنزل الذي من المفترض أن يكون قادرا على إمتلاكه من المفترض أن لا يزيد عن ثلاثة أضعاف, 180 ألف ريال, وذالك هو السعر الصحي للمنزل. في المملكة العربية السعودية فإن " مكرر المتوسط لإمتلاك منزل " يبلغ 14 عاما. أي أن المواطن السعودي يحتاج إلى جمع راتبه 14 عاما لإمتلاك منزل خاص به وهو رقم أعلى من هونج كونج التي من المفترض أنها الأغلى عالميا بمكرر متوسط لإمتلاك المنازل يبلغ 11.4. في سنة 2010 بلغت نسبة إمتلاك السعوديين للمنازل 38% - 40% بينما إرتفعت سنة 2013\2014 إلى 60%-61% بحسب تصريحات مختلفة متناقضة كون بعضها كخبر منشور على موقع العربية سنة 2013 يذكر 80% من المواطنين السعوديين لا يمتلكون مسكن وأن السبب هو إحتكار الأراضي.
الصين والتي توصف في بعض وسائل الإعلام بأنها دولة نامية على الرغم من إختلافي مع ذالك التعريف قامت بتطبيق قانون إصلاح زراعي مما أدى إلى إمتلاك عدد كبير من الفلاحين أراضي للزراعة كما أن عددا لا بأس به منهم يمتلك منازل للسكن وكل ذالك على الرغم أنه من الشائع, على خلاف الحقيقة, أن الفلاحين في الصين يوصفون بالفقر ولكن ذالك يعتمد على مفهوم الفقر الذي يختلف من جهة لأخرى. ففي بعض الدول الغربية التي توصف بأنها متقدمة إعلانات حكومية مدفوعة في القنوات التلفزيونية المختلفة تحذر من تفشي ظاهرة الجوع وسوء التغذية خصوصا لدى الأطفال وإضطرار الإسر إلى الإختيار بين المنزل أو ثلاثة وجبات في اليوم لأفرادها فهل تعد تلك الدول فقيرة؟ ولماذا هناك من لا يجد قوت يومه بين مواطنيها؟
وحتى تكون نظرتنا للأمور عادلة ومنطقية فيجب علينا أن نقيس حجم وعمق المسألة المطروحة للنقاش من ناحية ثقافية وليس فقط من ناحية إقتصادية ومقارنتها بدول أخرى. دولة مثل سويسرا لايشك أحد بأن من أكثر الدول المتقدمة إقتصاديا ويتمتع شعبها برخاء إقتصادي قل نظيره بين الدول. ولكن هل يتخيل أحدهم أن عامل جيني في دولة مثل سويسرا يبلغ 33.9 مقارنة بالصين 45%-47% مما يضعها(سويسرا) من الناحية النظرية على قدم المساواة مع دول مثل أرمينيا وكازاخستان وأن نسبة إمتلاك المساكن فيها تبلغ 36% حيث متوسط سن الزواج أوائل الثلاثينيات وأغلب المواطنين السويسريين وفي الدول التي توصف بأنها متقدمة يسكن الأزواج الجدد في بيوت للإيجار لفترات زمنية قد تبلغ 10-15 سنة في المتوسط.
في الصين فإن خريجي الجامعات والذين يكونون قد بلغوا منتصف العشرينيات كمتوسط أعمار ودخلوا حديثا سوق العمل يستطيعون التفكير بشراء مسكن كما أنه من الشائع أن تشترط الفتاة في الصين إمتلاك مسكن كشرط للزواج.
إن الطلب على المساكن في الصين مرتفع مقارنة مع غيرها من الدول خصوصا بسبب عدد السكان وإتساع المساحة وإرتفاع أسعار المساكن أمر طبيعي ولكن الجهات المختصة في الصين مدركة حجم المشكلة وعمقها قد بدات برنامج لإصلاح الإسكان سنة 1998 لتوفير سكن بحجم مقبول وسعر في مناسب وهناك بداية تدخل حكومية لتنظيم سوق الإيجار بما يحقق فائدة أكبر للمواطن الصيني حيث يمكن بدء برنامج " إيجار من أجل التمليك" حيث يعطى المستأجر سعرا تفضيلا في شراء المنزل بعد إستئجاره عددا معينا من السنين.
وبسبب كل ماسبق ذكره فإن إستخدام معامل جيني كأداة رئيسية أو حصرية في تقييم الأداء الإقتصادي للدول عن طريق قياس تفاوت تركيز الدخل يتجاهل حقائق إقتصادية وثقافية مهمة بما يؤدي إلى خلل في التقييم ونتائج مغلوطة تجانب الصواب في الكثير من الجوانب المهمة بما يضخم حجم المشكلة بدلا وضعها في حجمها الطبيعي.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية
رابط الموضوع على مدونة علوم وثقافة ومعرفة
الرجاء التكرم بالضغط على رابط الموضوع بعد الإنتهاء من قرائته لتسجيل زيارة للمدونة
النهاية

Sunday, July 24, 2016

كيف ساهمت شركات إنتاج السيارات الأمريكية بزيادة الإعتماد على النفط محليا وعالميا؟

قامت أوروبا بالإستثمار بالبنية التحتية خصوصا المواصلات العامة حيث لايحتاج المواطنون الأوروبيون حتى ممن يملكون سيارة خاصة بهم لإستخدامها إلا في الحالات الضرورية لإمتلاكهم خيارات نقل عام متنوعة. على العكس من أوروبا فقد قامت الولايات المتحدة على وجه الخصوص بالإستثمار في الطرق السريعة حيث تم صرف مليارات من أموال دافعي الضرائب لربط المدن الأمريكية بشبكة واسعة من الطرق بداية من سنة 1956 في عهد الرئيس الأمريكي أيزنهاور حيث تمت تسمية المشروع بقانون الطرق الخارجية(Interstate Highway Act)  والذي تمحور حول بناء 41 ألف ميل من الطرق السريعة وربط أي مدينة عدد سكانها 50 ألف أو يزيد بتلك الشبكة من الطرق بالإضافة إلى توسيع عدد من الطرق القائمة. الشخص الذي قام بتقديم ذالك المشروع للرئيس الأمريكي كان ليوكس.د.كلاي(Lucius D Clay) أحد أعضاء مجلس إدارة شركة جنرال موتورز للسيارات.
في سنة 2008 قام الأمريكيون بقيادة سياراتهم مسافة 83 مليون ميل في الربع الأول من تلك السنة مقارنة بنفس الفترة من سنة 2007 كما زادت نسبة ركوب وسائط النقل العامة المتوفرة بنسبة 5%. يخطئ الكثيرون حين يظنون أن رفع أسعار النفط سوف يؤدي بمواطني الدول المتأثرة إلى التخلي عن سياراتهم بشكل جماعي بل سوف يتم ترشيد المسافة المقطوعة وزيادة إستخدام وسائل النقل العامة. المشكلة هي عدم جاهزية البنحية التحتية في أغلب مدن أمريكا الشمالية وبلدان أخرى مثل أستراليا ونيوزيلندا للدورة الإقتصادية القادمة التي سوف يرتفع فيها سعر وقود السيارات ويكلف ملئ خزان سيارة عادية 100 دولار أمريكي بما سوف يجبر الكثير من المواطنين على إستخدام الباصات وخطوط المترو والسكة الحديدية.
تعتبر مدينة ديترويت الأمريكية في نظر الكثيرين مدينة صناعة السيارات في العالم كما أنها في فترة العشرينيات كانت إحدى المدن التي تمتلك أفضل بنية تحتية في مجال النقل في العالم مؤلفة خصوصا من عربات النقل الكهربائية(Trolleybus) . في الفترة حتى نهاية الحرب العالمية الثانية سنة 1945 فإن وسائط النقل العامة في مدينة ديترويت كانت تسجل حركة نقل مواطنين بنسبة إستخدام مليون مرة في اليوم. في العشرة سنين اللاحقة فإن ذالك النظام الذي كان يعتبر من أشهر مظاهر تلك المدينة قد تمت إحالته للتقاعد.
في سنة 1920 فقد كان العالم يبدو, وحتى أقرب الصورة, كما لو ان سعر برميل النفط 100 دولار, مواطن من بين عشرة في الولايات المتحدة يمتلكون سيارة و90% من التنقلات تتم بواسطة وسائط النقل العام. الكثيرون كانوا يظنون أن مبيعات السيارات كانت متدنية بسبب تشبع الأسواق وشركات صناعة السيارات تخسر أموالا طائلة. الحل كان بإيجاد أسواق جديدة أو طريقة جديدة لتصريف الإنتاج فشركة جينرال موتورز مثلا تصنع السيارات والباصات وليس القطارات والعربات الكهربائية. لم تكن شركة جينرال موتورز هي الوحيدة المستفيدة من زيادة مبيعات السيارات بل شركة نفط كاليفورنيا(Standard Oil of California) وشركة إطارات السيارات فايرستون(Firestone) كانتا أيضا من أكبر المستفيدين.
البداية كانت سنة 1930 وإستمرت حتى سنة 1956 حين أقر الرئيس الأمريكي قانون (Interstate Highway Act). الحرب العالمية الثانية كانت سببا في إيقاف أو تأجيل عملية إحلال وإستبدال وسائل النقل العامة خصوصا عربات(Trolleybus) بالسيارات والباصات بسبب الحاجة إلى الوقود لظروف الحرب مما لايسمح بتوفير ذالك الكم الهائل للإستهلاك المدني. قام تحالف مؤلف من الشركات الثلاثة بإنشاء شركة خطوط المدينة الوطنية(National City Lines) سنة 1936 حيث تفرعت عنها شركة أخرى هي شركة خطوط المدينة الباسيفيكية(Pacific City Lines) وشركة أخرى تدعى شركة الخطوط المدنية الأمريكية(American City Lines) سنة 1983. تلك الشركات الثلاثة قامت وعبر طرق نظامية أو ملتوية وبإستخدام الرشوة وأساليب الضغط المختلفة بشراء خطوط العربات الكهربائية وشركات السكة الحديدية في أكثر من 1000 بلدية(مدينة) أمريكية حيث تم تحويلها لإستخدام المركبات التي تعمل على الوقود السائل. تلك العملية إمتدت حتى كندا ولكن بوتير أقل سرعة حيث لاتزال بعض خطوط العربات الكهربائية تعمل في مدن مثل تورنتو والتي تعتبر عاصمة ولاية أونتاريو الكندية. الحكومة الأمريكية قامت بدورها مساندة لتحالف الشركات الثلاثي حيث قامت بفرض ضريبة مجهود حربي على تذاكر السكة الحديدية والعربات الكهربائية(Trolleybus).
تلك الأساليب الإحتيالية أثارت إنتباه هيئة قضاة فيدرالية سنة 1949 والتي أدانت شركة جينرال موتورز والشركات المتحالفة معها بالإحتيال والتلاعب بخصوص إيقاف شركة خطوط السكة الحديدية في مدينة لوس أنجلوس عن العمل كما أن لجنة فرعية للتحقيق في التلاعب والإحتكار أدانت سنة 1974 شركة جينرال موتورز بخصوص الإستيلاء على خطوط العربات الكهربائية بغرض إيقافها عن العمل. المشكلة أنه في سنة 1974 لم يتبقى خطوط عربات كهربائية عاملة في الولايات المتحدة حيث تم بيعها للمكسيك والتي على الرغم من تقادمها قامت بالعمل بكل كفائة  حتى تم تدميرها في الزلزال الذي ضرب العاصمة المكسيكية سنة 1985.
هناك في الولايات المتحدة حوالي 57 مليون شخص يشكلون نصف العدد الإجمالي من الأمريكيين ممن يمتلكون سيارة واحدة على الأقل في نفس الوقت الذي يتمكنون فيه من إستخدام وسائل النقل العامة ومن بين هؤلاء 57 مليون يتوقع أن يستجيب 12 مليون منهم لإرتفاع أسعار الوقود بمحاولة إيجاد بدائل كالمشي للعمل الذي يستغرق في المتوسط 30 دقيقة أو إستخدام وسائل المواصلات العامة المتوفرة. كما أنه هناك 24 مليون أسرة لايزيد دخلها السنوي عن 25 ألف دولار وتمتلك سيارة واحدة على الأقل بينما هناك 10 ملايين أسرة من أصل 25 مليون وتمتلك سيارتين. من يستطيع شراء أنواع السيارات الفارهة التي تتميز بالشراهة في إستهلاك الوقود مثل الفيراري واللمبرجيني لن يشكل إرتفاع أسعار الوقود لديه أي مشكلة بينما تلك الأسر التي دخلها لايزيد عن 25 ألف دولار سنويا فهي التي سوف تشكل الفرق, أسرة من أصل خمسة سوف تجد نفسها مضطرة إلى ركن سيارتها أو أحدهما في حال إمتلاك إثنتين. بالنسبة لتلك الأسر فإن المسألة هي إما شراء الطعام أو مستلزمات الحياة الضرورية أو ملئ خزان وقود السيارة. في سنة 2008 فإن فاتورة إنفاق تلك الأسر على الوقود قد تجاوزت إنفاقها على شراء حاجيات الطعام والشراب. ولكن على الرغم من محاولة الكثيرين تقليص الأميال المقطوعة بواسطة مركباتهم بين سنتي 2004-2008 بسبب إرتفاع أسعار الوقود, فإن المبيعات قد إزدادت خمسة أضعاف.
إن القدرة على إستخدام وسائل النقل العامة في الولايات المتحدة تتوزع على النحو التالي: 75% في المدن, 50% في الضواحي و25% في الأرياف. في الضواحي حيث الكثافة السكانية قليلة فإن الجدوى الإقتصادية من إستخدام قطار الأنفاق منخفضة وحتى باصات النقل العامة لا تعد مجدية حيث تنعدم الخدمات مثل مراكز التسوق والدوائر الحكومية.
سوف يكون من الصعب على الكثيرين التكيف مع الإرتفاع المتوقع في أسعار الوقود فحتى من يسكنون في المدن الكبرى ولديهم القدرة على إستخدام وسائل النقل العامة أو الذهاب في رحلة قصيرة سيرا على الأقدام لشراء الحليب مثلا من بقالة مجاورة فإنه سوف يكون من الصعب التخلي كليا عن السيارة والتي قد تكون مربحة حين إستخدامها في شراء البقالة الشهرية للمنزل أو إصطحاب الأطفال للنزهة.
إن وصول أسعار الوقود لمبلغ 7 دولارات للجالون سوف يجعلها تتجاوز بسهولة مستوى الأسعار أثناء أزمة الحظر النفطي في السبعينيات. سوف يجبر ذالك الكثيرين على إعادة التفكير في نمط الحياة الذي سوف يتبعونة وإعادة ترتيب أولوياتهم.
سنة 1982 كانت علامة فارقة في تاريخ صناعة السيارات حيث كانت أخر سنة تكون المبيعات منخفضة عن مستوى 10 ملايين سيارة في الولايات المتحدة. مشكلة شركات السيارات والتي تتخذ من مدينة ديترويت مركزا لعملياتها هي بيست إنخفاض عدد المبيعات السنوية تحت مستوى 10 ملايين سيارة سنويا خصوصا في حالة كان الإقتصاد يمر بفترة ركود, بل عدم عودة المستوى الطبيعي للمبيعات بعد التعافي الإقتصادي والتي في الكثير من الحالات تكون متلازمة مع إرتفاع في أسعار الوقود.
وكما نعلم فإنه كل سنة هناك عدد من السيارات سوف تحال للتقاعد إما بسبب إنتهاء عمرها الإفتراضي وتكلفة الصيانة المرتفعة أو بسبب كونها من الأنواع التي تستهلك كميات كبيرة من الوقود. حاليا فإن ذالك المعدل يبلغ في الولايات المتحدة 13 مليون سيارة تقريبا بما يعني أنه هناك 13 مليون سيارة جديدة سوف يتم شرائها كل سنة ولكن ماذا لو كان عدد السيارات المباعة 10 مليون مقابل 13 مليون محالة للتقاعد؟ إن ذالك يعني 3 ملايين سيارة أقل تسير على الطرقات كل سنة وهناك 3 ملايين شخص قرروا التخلي عن وجود السيارة في حياتهم والتكيف مع الواقع الجديد.
ليس كافة الشركات السيارات سوف تتأثر بإنخفاض المبيعات بنفس النسبة حيث تعد شركات مثل دايملر كرايسلر والتي تقوم بتصنيع الشاحنات الخفيفة من بين أكثرها تأثرا بإنخفاض مبيعات قد يصل إلى 70%.
ليست الولايات المتحدة هي البلد الوحيد الذي تنخفض فيه مبيعات السيارات بنسبة قد تصل إلى 41%, ففي بريطانيا إنخفضت الطلبات المقدمة لتسجيل السيارات الجديدة بنسبة وصلت إلى 22% ونفس الشيئ في أستراليا. في كندا إنخفضت مبيعات السيارات بنسبة 28%, اليابان 32%-35% وألمانيا 14%.
صناعة السيارات تمر حاليا بأزمة جعلت بعض الشركات على حافة الإفلاس إثر الأزمة الإقتصادية العالمية 2007-2008 حيث تم تقديم حزمة دعم تبلغ 25 مليار دولار في الولايات المتحدة, 40 مليار يورو لشركات صناعة السيارات الأوروبية. أما في كندا فقد قامت شركات السيارات بالتهديد لنقل مصانعها وألاف الوظائف للخارج في حال لم تحصل على حزمة إنقاذ حكومية مماثلة والتي بلغت 4 مليارات دولار. وفي نهاية سنة 2008 أعطى الكونجرس الأمريكي موافقته على منح شركتي جينرال موتورز وكراسيلر 17 مليار دولار لمنع إنهيار الشركتين.
النفط يكون رخيصا عندما يكون الشخص قادرا على تعبئة خزان سيارته بالوقود بدون أن يضطر لإعادة ترتيب ميزانيته الشهرية. المستهلكون يجدون أنفسهم غير مضطرين للتخلي عن شاحناتهم وسياراتهم التي تستهلك كميات كبيرة من الوقود بدون مواجهة مستوى أسعار 7 دولار للجالون. وفي النهاية حتى مع توجهات الحكومة الأمريكية لجعل حزمات المساعدة لشركات السيارات مرتبطة بإنتاج مركبات أكثر كفائة في إستهلاك الوقود, فإن المستهلك في النهاية هو من يقرر نوعية السيارات التي يرغب في شرائها.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية
النهاية

Sunday, July 17, 2016

الإزدواجية في تعاطي وسائل الإعلام الغربية مع مشكلة العنف وتعريف الإرهاب

ثقافة العنف خصوصا قطع الرؤوس أصبحت سمة إسلامية بفضل تركيز الإعلام الغربي عليها حيث يخشى إنتقال العدوي لدول أوروبية مع موجات المهاجرين والتي أدت ليس فقط إلى تسرب أشخاص يؤمنون بثقافة العنف إلى أوروبا بل أشخاص شاركوا بالقتال إلى جانب تنظيمات متطرفة وبعضهم إرتكب إعتدائات في دول أوروبية مختلفة والتي إستيقظت مؤخرا وبدأت بإعتقال هؤلاء والتدقيق في هوية القادمين إليها.
إن تلك المشكلة, ثقافة العنف, يجب أن ينظر إليها من كافة الجوانب فأوروبا عانت منها منذ زمن طويل سابق لموجات الهجرة الحالية والصحوة في فترة الثمانينيات. محاكم التفتيش الكنسية لم تترك مسلما أو يهوديا أو حتى مسيحيا بروتستانتيا أو أي من الطوائف المسيحية الأخرى المتهمة بالهرطقة من دون ملاحقته وتعذيبه وإعدام مئات الألاف بأبشع الطرق. الثورة الفرنسية التي يتم تدريسها في المناهج الدراسية في طول الوطن العربي وعرضه على أنها رمز للحرية وحقوق الإنسان قامت على مبدأ الإعدام بالمقصلة ومايسمى العنف الثوري الذي راح ضحيته عدد كبير من الأبرياء لمجرد الإشتباه بأنهم معادين للثورة. الإحتلال الفرنسي والإسباني والإنجليزي لعدد من بلدان الوطن العربي خصوصا الجزائر تم إرتكاب أبشع الجرائم تحت مسمى الإنتداب وتحضير الشعوب لإخراجها من همجيتها. الإحتلال الفرنسي للجزائر قام بإجراء تجارب ذرية في صحراء الجزائر على أسرى جزائريين وأفراد من عامة الشعب تم ربطهم إلى اعمدة خشبية لدراسة تأثير الإشعاعات على أهداف بشرية حية. كما أنه تم إصدار طوابع تذكارية لجنود فرنسيين بجانب رؤوس مقطوعة لمواطنين جزائريين وطابع تذكاري فرنسي لمجزرة حي سيدي عثمان في المغرب الدار البيضاء سنة 1917 وهناك صورة لجنود فرنسيين في الكاميرون مع رؤوس مقطوعة لمواطنين من تلك الدولة الأفريقية التي عانت من الإحتلال الفرنسي. دفن المواطنين الجزائريين أحياء كان أيضا ممارسة معتادة أثناء الإحتلال الفرنسي ومع ذالك ترفض فرنسا إلى الأن الإعتذار عن جرائمها في بلد المليون ونصف المليون شهيد.
ماذا عن الماضي الإستعماري البلجيكي في الكونغو؟ هل تذكرون عرض المواطنين الكونجولين في حدائق الحيوان لكي يتسلى المستعمرون بالفرجة عليهم؟ ماذا عن التمييز الذي يتعرض له المواطنون الأصليون في أستراليا والمجازر التي تعرضوا لها في السابق حيث أبيد منهم الملايين؟ حتى في الولايات المتحدة فقد كانت إبادة السكان الأصليين الهنود أمرا إعتياديا.
ماذا عن الصراع الطائفي في أيرلندا والذي يهدد بالإشتعال مرة أخرى في أي لحظة؟ هل تعلمون أن الكاثوليك والبروتستانت كان يتبادلون عمليات القتل بإعتبار ذالك واجبا دينيا بالتخلص من المهرطقين أتباع الطرف الأخر؟ ماذا عن أحداث كأس الأمم الأوروبية في فرنسا مؤخرا وفي عدد كبير من البطولات ومبارايات كرة القدم الأوروبية؟
سوف يأتي أحدهم ليقول أن ذالك جزء من الماضي ولكن العديد من تلك الجرائم يعود لفترة الخمسينيات والستينيات بل ومنذ أيام قليلة تسبق كتابة الموضوع حيث من المفترض أننا نعيش عصر الحرية وحقوق الإنسان ولكنه كان في الحقيقة أقرب للعصور الوسطى منه لعصور الحضارة والتطور والتقدم.
من ينظر لمشكلة العنف والإرهاب على المستوى العالمي سوف يجد كل الدلائل التي تدعم وجهة النظر القائلة بأنه لايستطيع أي طرف التنصل من المسؤولية وأنها مسألة مشتركة بين جميع الأطراف فهناك تيار غربي يؤيد إسقاط أنظمة حكم علمانية رغم علمهم علم اليقين أن البديل سوف يكون سيطرة الطغمة الدينية على الحكم. وقد نجحوا بالفعل في إسقاط عدد منها خصوصا في فلسطين, العراق, مصر, تونس,ليبيا والأن تجري المعارك في سوريا على قدم وساق حيث تم التصدي للخطة الهادفة لتسليمها تسليم مفتاح لتنظيم الإخوان المسلمين ومن لف لفيفهم من تنظيمات تفرعت منه على إختلاف مسمياتها.
المشكلة أن ذالك التيار اليميني وأنصاره المحافظين أعجبتهم فكرة إسقاط أنظمة الحكم بالوكالة حيث يخططون للعبث بأمن عدد أخر من البلدان في الشرق الأوسط وأفريقيا تطبيقا لمبدأهم الذهبي بعدم السماح لتلك البلدان بالإستقرار حيث يتخذون من فرق تسد شعارهم المفضل.
العنف ليس الحل للمشاكل التي يعاني منها العالم خصوصا مشكلة الإرهاب. ليس هناك مبرر لهدم مدينة على رؤوس سكانها لمجرد الرغبة في إسقاط نظام حكم لأن ذالك الفعل سوف يؤدي إلى إنتاج الألاف من الراغبين في الإنتقام. ليس هناك مبرر لإحتلال بلد وقتل أكثر من مليوني شخص من سكانها أغلبهم نساء وأطفال لمجرد الطمع في موارده الطبيعية. ليس هناك مبرر لمعتقلات مثل غوانتانامو وأبو غريب وغيرها لأنها بالفعل أدت إلى تفريخ ألاف الإرهابيين. نؤيد الديمقراطية إذا كانت تعمل لصالح شركاتنا ورؤوس أموالنا وإلا فإنها ديكتاتورية وإرهاب. تلك وجهة نظر يجب أن يتخلى عنها العالم حتى يعيش سكان الكرة الأرضية في سلام ويتفرغوا لتنمية الكوكب وحل مشاكله البيئية والإقتصادية والإجتماعية بدلا من الحروب والتقاتل فيما بينهم.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية
النهاية



Saturday, July 9, 2016

الوجه الأخر لأمريكا

وأخيرا وبشكل غير مسبوق إنفجرت فقاعة الحرية في بلد تمثال الحرية حيث وقعت عدة حوادث قتل تم إرتكابها من قبل الشرطة الأمريكية بحق مواطنين ذوي العرقية السوداء. حادثين مؤسفين تم تسجيلهما مؤخرا في مدينة دالاس التي تقع في ولاية تكساس وفي ولاية مينيسوتا في مدينة تدعى فالكون هايتس(Falcon Heights) حيث قتل مواطن أمريكي أسود في سيارته امام زوجته وطفلته التي تبلغ من العمر 4 سنين بعد أن تم توقيفهم بسبب عطل في مصباح السيارة. (Philando Castile) تم إطلاق الرصاص عليه عند محاولته إخراج محفظته لتقديم هويته ورخصة القيادة لضابط الشرطة والسبب هو أنه أبلغه أنه يمتك سلاحا في السيارة وأن لديه رخصة لحمله.
وحتى يكتمل السيناريو المأساوي ففي إحتجاج سلمي جرى إثر حادثة القتل في مدينة دالاس تم إطلاق رصاص من قبل قناص أدى إلى مقتل ثلاثة رجال شرطة إرتفع العدد لاحقا إلى خمسة. المضحك المبكي أن الشرطة الأمريكية وكعادتها قامت بإعتقال أول شخص أسود مسكين قاده حظه العاثر إلى طريقهم وتم إتهامه بالحادثة وإطلاق سراحه لاحقا بعد أن لم يتم إثبات التهمة عليه وألقت القبض على مشتبه أخر بعد تبادل إطلاق النار مع قوة من شرطة المهام الخاصة(Swat Team).
المسألة التي أرغب في نقاشها ليس متعلقة بحوادث قتل تقوم بها الشرطة الأمريكية التي تحولت إلى مايشبه قوات شبه عسكرية(Paramilitary Units) ولا في حوادث أخرى قامت الشرطة فيها وبشكل فاضح بإعتقال والإعتداء العنيف على مواطنين أمريكيين وبدون أن يقاوموها أو يشكلوا على أفرادها أي تهديد مع ملاحظة أن عسكرة قوات الشرطة هي ظاهرة عامة في جميع البلدان التي تدور في فلك الولايات المتحدة. ما أريد نقاشه هو موقف من يطلقون على أنفسهم إسم نشطاء حقوقيون وشخصيات عامة وموقفها مما يحصل في الولايات المتحدة خصوصا أن بعضهم كالمهرج باسم يوسف يعيش فيها حاليا.
ماهو موقف مرشح الرئاسة المصرية السابق محمد البرادعي من موجة العنف الأخيرة في الولايات المتحدة؟ ماهو موقف من يطلقون على أنفسهم إسم ثوار في ليبيا وسوريا ومصر وهم من ملئوا الدنيا قبل ذالك ضجيجا عن القمع الذي تمارسه قوات الشرطة والجيش بحقهم؟ ماهو موقف باسم يوسف وهل سوف ينتج برنامجا ينتقد فيه سلوكيات الشرطة الأمريكية والعنف المفرط الذي تمارسه بحق المواطنين؟
النفاق وإزدواجية المواقف هي السمة المميزة للإعلام العربي بل والغربي عند تعاطيه مع الأحداث سواء في الشرق الأوسط او الولايات المتحدة أو اوروبا بشكل عام يمتاز إعلامها بالإزدواجية والنفاق.
قناة فوكس نيوز في تغطيتها لأحداث العنف الأخيرة وعدد من أحداث العنف السابقة قامت بإلقاء اللوم على الضحية وهم مواطنون من العرقية السوداء وقامت بتبرئة الجلادين. في تغطيتهم لأحداث الشرق الأوسط فإن حرق شرطي أو منشأة عامة أو أحداث السلب والنهب والفوضى تعتبر حرية وتنفيسا عن القمع والديكتاتورية بينما إذا وقعت نفس الأحداث في الولايات المتحدة أو أي بلد أوروبي يتم إعتقال المتورطين ومعاملتهم كالمجرمين ومحاكمتهم وسجنهم ولايقوم الغعلام الأمريكي بتمجيد مرتكبي أحداث النهب الجماعية ووصفهم بالثوار مهما كانت الأسباب التي دفعتهم إلى ذالك.
الإعلام العربي تناول الأحداث الأخيرة والتي سبقتها بطريقة سلبية فهو لم يقم بأي إنتقاد أو مقارنة مع أحداث الشرق الأوسط وقامت بعض الصحف والمواقع كالعربية بتغطية الخبر بطريقة غير إحترافية فهم لم يتعلموا بعد من نظرائهم في وسائل الإعلام الأمريكية.
هناك وسائل إعلامية عربية في الولايات المتحدة متخصصة في إنتقاد الأنظمة العربية وأجهزة الأمن والشرطة في الوطن العربي هي أيضا لم تورد الخبر إلا لرفع العتب نظرا لما تشكله تلك النوعية من الأخبار من إحراج لها وللدعاية التي تقوم بها في سبيل مقارنة الولايات المتحدة ببلدان عربية.
يقال أنه في الولايات المتحدة يعتبر حرق العلم الأمريكي جنحة قد تؤدي بمرتكبها للمحاكمة والسجن وفي الوطن العربي حرق العلم الوطني أو إستبداله بعلم أخر يعتبر من مظاهر الديمقراطية ومتطلباتها. في الولايات المتحدة تقتل الشرطة المواطنين على الشبهة في حملهم سلاحا وفي الوطن العربي لو قتلت الشرطة أو أطلق الجيش النار على من هم في يدهم السلاح, تثور ثائرة وسائل الإعلام الغربية والعربية على الديكتاتورية وكيف إنتهكت حقوق المواطنين السلمية في حمل السلاح علنا وإطلاق النار على رجال الجيش والشرطة.
المشكلة أنه حتى المقعدين والمصابين بعاهات ومنها ضعف السمع أو مشاكل عقلية ونفسية كأغلب مؤيدي الربيع العربي لم يسلموا من رصاص الشرطة الأمريكية. جيرمي ماكدول مواطن أمريكي أسود مقعد قامت الشرطة الأمريكية في مدينة ويلمنغتون من مدن ولاية ديلاوير الأميركية بإطلاق سبع رصاصات عليه تحت ذريعة أنه كان يحمل سلاحا ويحاول الإنتحار فقاموا هم بتولي المهمة بالنيابة عنه وقتله. شرطة مطار ممفيس(TSA – Transportation Security Administration) قامت بالإعتداء العنيف بالضرب على مراهقة أمريكية تدعى حنا كوهين(Hannah Cohen) والتي كانت عائدة لمدينتها تشاتانوجا(Chattanooga) من ولاية تينيسي(Tennessee) من جلسة لعلاج السرطان ومصابة بعمى كامل في إحدى عينيها مماأدى إلى إرتباكها أثناء عملية تفتيش روتينية.
ليست تلك أول عملية قتل غير مبرر تقوم بها الشرطة الأمريكية خصوصا على أشخاص مقعدين او مصابين بعاهات جسدية او عقلية تمنعهم من التفاعل والتقدير السليم للأحداث فالحبل على الجرار ومؤخرا قامت المباحث الفيدرالية الأمريكية بوضع قسم شرطة مدينة أوكلاند(OKPD) بأكمله تحت وصايتها وأرسلت عشرة محققين فيدراليين للإشراف على عمل القسم بعد إقالة ثلاثة رؤساء شرطة من ضباط القسم في 9 أيام فقط حيث تبين أن القسم فاسد بأكمله وأفراده متورطون في جرائم قتل, التغطية على جرائم قتل, إغتصاب, دعارة وحوادث عنف عنصرية غير مبررة.
في الإعلام الغربي على وجه الخصوص يعزفون نغمة أن الإسلام يحلل إغتصاب الأطفال تحت مسمى عقود الزواج ويذكرون في سياق الحديث قصة زواج الرسول عليه الصلاة والسلام من السيدة عائشة رضي الله عنها على الرغم من أنها قصة هناك الكثير من الشكوك حول صحتها. بتاريخ 1\يوليو\2016 أصدرت ولاية فيرجينيا تشريعا يمنع زواج الفتيات من تقل أعمارهم عن 12 أو 13 عاما بدون موافقة الوالدين أو في حالة الحمل. الناشطون المسؤولون عن الحملة التي أدت إلى إقرار التشريع ذكروا أن القانون كان السبب في إنتقال ولاية فيرجينيا إلى القرن 21. ولاية فيرجينا ليست أول ولاية تتطلع للإنتقال إلى القرن 21 وإستثناء تحت سن 18 عاما من تشريع الزواج القانوني بذريعة الحمل وموافقة الوالدين فهناك ولايات مثل نيويورك وكاليفورنيا تبحث إقرار تشريعات مماثلة.
لماذا لانسمع الأصوات الغربية المنتقدة للمسلمين بسبب مزاعم زواج الأطفال بينما هم يشرعون زواج فتاة مراهقة عمرها 12 بذريعة موافقة الوالدين؟ لماذا لا نسمع أصوات الملاحدة العرب الذين يستندون على تلك الجزيئية بشكل رئيسي في هجومهم على الإسلام؟ لماذا لا يمتلك المثقفون العرب أو من يزعمون تلك الصفة وأنهم نخبة المجتمع بالتصدي للهجوم الشرس الذي يشنه مختلون عقليا على عاداتنا وتقاليدنا وثقافتنا العربية؟ هل تم خصائهم فكريا وثقافيا؟
لماذا أقامت وسائل الإعلام الغربية الدنيا ولم تقعدها حين قامت السلطات المصرية أثناء مايسمى ثورة يناير المشؤومة بقطع خدمة الإنترنت في محاولة منها لإبطاء مستوى تنسيق الأعمال التخريبية التي كان يقوم بها من يطلقون على أنفسهم إسم ثوار ونشطاء؟ ألم يتم التهديد بأمر مماثل في بلدان أخرى؟ تركيا مثلا هددت على لسان رئيسها أوردوغان بقطع خدمة تويتر وفيسبوك ومراقبة الإنترنت وقطع الخدمة إن إستلزم الأمر؟ ألم يتم إقرار قوانين المراقبة والتجسس على الحياة الشخصية للمواطنين خصوصا البريد الإلكتروني والإتصالات الهاتفية وبدون إشراف القضاء كما يفترض وذالك في عدد من الدول الغربية؟ لماذا يحتج النشطاء الحقوقيون في الوطن العربي على قوانين مكافحة الإرهاب بينما دول منها الولايات المتحدة, بريطانيا وفرنسا تمتلك قوانين مماثلة؟
سوف تبدأ المقارنات عند قرائة الموضوع بين الجنة التي تمثلها الولايات المتحدة وبلدان الوطن العربي على الرغم من أنها سوف تكون مقارنات سطحية وجميع الحوادث التي لم أذكر إلا 1% منها لأسباب معلومة هي حوادث فردية كما سوف يزعم بعض من يقرئون الموضوع. الجنة ليس في الولايات المتحدة أو أوروبا أو الوطن العربي, فالجنة ليست إلا مكانا في مخيلة الديانات المختلفة يستغل وصفها في غسيل دماغ أتباع الكهنة ورجال الدين لدفعهم لتنفيذ أجنداتهم بينما هم ينعمون بالإقامة في القصور وفنادق الخمسة نجوم.
ملاحظة: يشاع على نطاق واسع أنه منذ بداية سنة 2015 وحتى هذه اللحظة فإن الشرطة الأمريكية قتلت أكثر من 2000 شخص 99% هم من الأمريكيين السود.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية
النهاية

Thursday, July 7, 2016

هل تساعد الدول الغربية تنظيم داعش على تحقيق أهدافه؟


الذريعة الأساسية التي تستند إليها الأحزاب المناهضة للهجرة في أوروبا والأحزاب اليمينة الأوروبية التي تعادي المهاجرين متعلقة بفشل إندماجهم في بيئتهم الجديدة خصوصا إتقان اللغة وإيجاد فرصة عمل مناسبة. بينما يعتبر المؤيدون للمهاجرين بشكل عام وخصوصا موجة اللجوء الأخيرة أن أوروبا قارة عجوز تشيخ بشكل متسارع ومهددة بإنهيار أنظمتها التقاعدية وقواعدها الضريبية في حال لم تنجح في حل مشكلتها الديمغرافية.
أحد التفسيرات المتعلقة بموجة اللجوء الأخيرة خصوصا لألمانيا هي أن الحكومة سمحت بها تحت ضغط من الشركات الألمانية التي لديها خصومة تقليدية مع النقابات العمالية القوية التي تحاول بإستمرار الحصول على إمتيازات غير مبررة لمنتسبيها أهمها زيادة في الأجور. في تقرير صدر مؤخرا بعد إجراء بحث وتحري دقيق من قبل أحد الصحف الألمانية بأن الشركات الكبرى الثلاثين في ألمانيا لم توظف سوى 54 لاجئ من أصل 1.5 مليون مسجلين في ألمانيا. تفسير أخر هو أن الحكومة الألمانية رغبت في تعديل التوازن السكاني للمهاجرين حيث تميل الكفة لصالح المهاجرين من أصول تركية وذالك بالسماح لمهاجرين سوريين على وجه الخصوص بالدخول إلى ألمانيا.
الولايات المتحدة وبعد جدل كبير وافقت على إستقبال 10 ألاف لاجئ على الرغم من أن الرقم مشكوك فيه بسبب المعارضة على المستويات الفدرالية وعلى مستوى الحكومات المحلية في ولايات أمريكية عديدة.
لست أستغرب الجدل حول قضية اللجوء والهجرة فهو جدل أزلي سابق لأزمات الشرق الأوسط التي أدى إلى موجات اللجوء بداية من أزمة الحرب على العراق وحاليا الأزمة السورية تتصدر العناوين على هامش الربيع العربي الذي حول بلدانا عديدة إلى جهنم بكل ماتحمله الكلمة مما أدى إلى تأزم الموقف بخصوص مشكلة اللجوء.
السؤال هو من هو المسؤول عن فشل تجربة إندماج المهاجرين في مجتمعاتهم وبيئتهم الجديدة؟
في البداية فإن التعميم فيما يتعلق بالإجابة على هاذا السؤال هو السمة الغالبة خصوصا الصحافة الغربية التي تعد متحيزة نوعا ما في إنتقاد السلبيات وتجاهل حقائق أساسية متعلقة بسرعة الحكم على تلك التجربة. هناك أيضا جانب متعلق بنسبة كبيرة القادمين الجدد وفكرتهم المسبقة أن دول أوروبا عبارة جمعية خيرية مسؤولة عن منحهم مسكنا وراتبا مدى الحياة بصفتهم لاجئين بدون بذل أي مجهود أو مشاركة إيجابية.
يمكن تصنيف القادمين الجدد إلى أي دولة أوروبية إلى فئتين فهم إما مهاجرون بملئ رغبتهم أو إرادتهم أو لاجئون تدفعهم ظروف الحرب للسفر للخارج بحثا عن الأمان. نظام اللجوء الأوروبي يرفض الأسباب الإقتصادية كأحد مبررات تقديم طلب لجوء مهما كانت ظروف مقدم الطلب.
سويسرا مؤخرا رفضت طلب لاجئتين مسلمتين بمنحهم الجنسية لأنهما رفضتا المشاركة في دروس سباحة مدرسية مختلطة متذرعتين بأسباب دينية. وتلك ليست أول سابقة في سويسرا التي تذرعت برفض طلب تجنيس عائلة بأكملها لأن فردين من أفرادها تبلغ أعمارهما 14 و 15 عاما رفضا مصافحة مدرستهما لأسباب دينية. إمام مسلم يرفع شكوى ضد مدرسة ألمانية لانها أصرت عليه أربع مرات بمصافحتها فشعر بالإهانة وولاية بافاريا الألمانية تخسر دعوى قضائية متعلقة بأحقية محامية متدربة على إرتداء الحجاب أثناء الترافع أمام محاكم الولاية. فرنسا رفضت طلب جزائري الحصول على الجنسية لأنه يجبر زوجته على إرتداء البرقع ويرفض مصافحة النساء كما رفضت طلب شخص أخر من أصول مغاربية لأنه يرفض إرتياد زوجته لحمامات السباحة المختلطة على الرغم من إرتداء زوجته الحجاب وليس النقاب ومنحها كافة حقوقها بحسب تقارير المراقبة الفرنسية.
السلطات السويسرية التي هددت بفرض غرامات مالية بحق الاسرة التي رفض أفرادها مصافحة معلمتهما تذرعت بأن المساواة بين الرجل والمرأة ودمج المهاجرين أهم من حرية المعتقد.
إن مفهوم الإندماج الذي تتبعه بعض الحكومات الغربية سوف يؤدي إلى نتيجة معاكسة حيث يبدو أن المطلوب من المهاجر أن ينسلخ تماما عن هويته الثقافية والحضارية مما قد يؤدي إلى صراع داخلي ينتهي في الغالب بإعتناقه للفكر المتشدد كملجأ وملاذ من ملاحقة الحكومات الغربية له في كل كبيرة وصغيرة متعلقة بعباداته وعاداته الثقافية.
مفهوم بعض الدول الغربية خصوصا سويسرا وألمانيا لكلمة إندماج تتلخص بالمصافحة والسباحة المختلطة وعدم إرتداء رموز إسلامية خصوصا الحجاب. في البداية منعوا في سويسرا بناء مأذن للمساجد وقد يمنعون في المستقبل بناء المساجد بالمجمل ثم قاموا بحظر النقاب ومستقبلا سوف يمنعون إرتداء الحجاب. النقاب تم تبرير منعه بوصفه يمنع التفاعل والحجاب تم إعتباره رمز إسلامي وهلم جرا. من الواضح أن هناك عملية سلخ هوية للقادمين الجدد تبدأ خطوة خطوة وبذرائع مختلفة.
أتفهم موضوع المأذن فالمئذنة ليس من شروط إقامة الصلاة ويمكن الصلاة بأي قاعة أو في المنزل والنقاب يثار حوله جدل فقهي كما يقال أنه من بقايا الإحتلال العثماني للوطن العربي ولكن ماذا عن الحجاب؟ هل المطلوب من المهاجرين الجدد أن يقصوا شعرهم على أحدث موضة وترتاد نسائهم حمامات السباحة المختلطة وتتخذ بناتهم عشاق يزورونهم في المنزل حتى تعتبرهم الحكومة مندمجين وتقوم بمنحهم الجنسية؟
أليس بالأولى دعم أولئك المهاجرين حتى يتعلموا لغة البلد وعاداته وتقاليده ثم يكون لديهم عمل يمنحهم مستوى حياة معقول وشعورا بالكرامة بدلا من ملاحقتهم في أدق خصوصياتهم الثقافية والدينية؟
على الطرف الأخر هناك الكثير من الملتجئين بل والمهاجرين ينشرون صورة سلبية ليس فقط عن الإسلام بل عن العرب بشكل عام خصوصا مرتكبي جرائم التحرش والإغتصاب التي زادت معدلاتها في بعض البلدان إثر موجة اللاجئين الأخيرة كما أن الكثير منهم لايحاول حتى الإندماج في المجتمع الذي يعيش فيه ويفضل العيش في غيتوهات عربية تحولت إلى مايشبه المناطق الخارجة عن القانون والتقوقع على أقرانه العرب والعيش على أموال الضمان الإجتماعي. أحد الأمثلة هو ملتجئ جزائري في فرنسا يدعى الياس حباج أمضى حياته يحتال على أنظمة الضمان الإجتماعي حيث أنه متزوج من أربعة نساء ويتحصل ثلاثة منهم على إعانات إجتماعية ومنازل حكومية بوصفهم أمهات عازبات حيث يقوم حباج بجمع الأموال وعائد إيجارات المنازل منهم وأصبح يمتلك مصالح تجارية عديدة منها محل سوبرماركت وملحمة.
هناك الكثير من الأمثلة السيئة للمهاجرين واللاجئين ولكن هناك أيضا الكثير من المهاجرين الجدد الذي ساهم العديد منهم بشكل إيجابي في مجتمعاتهم الجديدة فأقاموا علاقات طبيعية وحظيوا بفرض عمل ورفضوا أن يعيشوا عالة على دافع الضرائب. عملية إندماج المهاجرين واللاجئين في مجتمعاتهم الجديدة هي عملية معقدة وتأخذ وقتا وليس بالسهلة كما يتصور البعض أو تتصور بعض الحكومات الغربية والسياسيين الغربيين الحالمين. الحكومات الغربية يجب أن تتعامل مع مسألة الإندماج بحذر لسببين, الأول أنها قد تأتي بنتائج عكسية. السبب الثاني أن أوروبا تواجه أعدادا كبيرة من اللاجئين والمهاجرين دفعت بعض قادتها لوصف مايحصل بانه عملية غزو لقارتهم كما أن الحكومات الأوروبية تعاني منذ وقت طويل من مشكلة الإندماج التي لم تحل حتى هذه اللحظة خصوصا في بلدان كفرنسا وألمانيا فماهي الخطط العملية التي تم وضعها للتعامل مع تلك الحالة الطارئة وملايين القادمين الجدد؟
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية
النهاية

Sunday, July 3, 2016

الحكومة السويسرية جابت العيد, حرمان مسلمتين من الجنسية بسبب رفضهم دروس سباحة مختلطة

وبينما كنت أقوم بكتابة موضوعي الأخير عن الإسلاموفوبيا وهلوسات اليمينيين الغربيين والمسيحيين المحافظين وبرهنت بالدليل كيف أن زيادة عدد السكان هي أزمة تعاني منها بلدان الوطن العربي أكثر منها أوروبا, قامت السلطات السويسرية بحرمان فتاتين مسلمتين من الجنسية لأنهم رفضوا مشاركة زملائهم من الطلاب الذكور حصة مشتركة للسباحة في المدرسة.
يبدو أن مستوى ذكاء المسؤولين الحكوميين في سويسرا لايزيد عن معدل ذكاء أبقارهم المدللة التي يشتهر بها الريف السويسري المشهور أيضا بمناظره الخلابة حيث أن تفكيرهم ضيق الأفق بتلك الطريقة.
تلك العقلية وذالك النوع من التفكير لايقتصر على سويسرا بل حتى دول أوروبية عديدة كفرنسا مثلا التي رفض وزير داخليتها منح الجنسية لمهاجر مسلم من أصول مغاربية رغم زواجه من إمرأة فرنسية وإنجابه منها أطفالا والسبب رفضه ذهاب زوجته للمسابح المختلطة. الزوجة الفرنسية التي إعتنقت الإسلام ترتدي الحجاب وهي غير حبيسة منزلها حيث تتمتع بحرية الدخول والخروج كما ذكرت تقارير المراقبة الفرنسية.
دول غربية أخرى قد تقوم بإستنفار جهاز الخدمة الإجتماعية ومسؤولين حكوميين ومعلمي مدرسة لأن إحدى الفتيات المسلمات بلغت سنا معينا ولايوجد لديها عشيق(Boyfriend) ويسمح له الأهل بزيارتها وربما المبيت في منزل الأسرة كعشيق إبنتهم, يعتبرونها معقدة نفسيا.
مشكلة تلك النوعية من العقليات الغربية تماثل بعض العقليات في الوطن العربي التي أحرقت الأخضر واليابس تحت مسمى صراع الهويات الدينية حيث يفهمون الدين على أنه سواك ومسبحة وسجادة صلاة وينسون أن الدين معاملة وأن الله غفر لبغي من بني إسرائيل لأنها سقت كلبا عطشا في الصحراء وأن إمرأة مسلمة ذهبت لسوء المصير بسبب قطة حبستها ولم تطعمها فماتت جوعا.
تلك النوعية من العقليات الغربية تفهم الإندماج على أنه دروس سباحة مختلطة ومصافحة الأخرين وعشيق الإبنة وربما لاحقا عشيق الزوجة نفسها والألبسة المحزقة والملزقة وغير ذالك من التفاهات والأمور السطحية.
المشكلة هي إزدواجية المعايير فعلى سبيل المثال هناك الكثير من الأشخاص لايحبذون مصافحة الأخرين لأسباب مختلفة في الأغلب ليس لها علاقة بالدين والواجبات الدينية. كما أنه هناك الكثير من النساء لايفضلن ليس فقط دروس السباحة المختلطة بل السباحة من حيث المبدأ. قد تظنونني أبالغ ولكن يشاع على نطاق واسع أن المتنافس على ترشيح الحزب الجمهوري لمقعد الإنتخابات الرئاسية الأمريكية دونالد ترامب لايحبذ مصافحة الأخرين بل يقال أنه لديه فوبيا المصافحة. كما أنه لاينصح طبيا بمصافحة الأخرين في أوقات معينة حيث تنتشر عدوى الأمراض التي تنتقل بالمصافحة أو لمس الشخص الأخر كالإنفلونزا والإلتهابات الرئوية.
الراهبات الكاثوليكيات على وجه التحديد يرتدين غطاء للرأس أشبه بحجاب المسلمات كما أنهم لايذهبون لدورس السباحة المختلطة أو غير المختلطة وليس لديهم عشاق أو (Boyfriends)  كما أن الكثير منهم يرفضن مصافحة الرجال.
اليهود لديهم طقوس تعقب ختان الطفل المولود حديثا حسب الشريعة اليهودية تدعى (metzitzahmetzitzah b'peh, or oral suction) ولايتم إستنكارها بإعتبارها تحرشا جنسيا بل بسبب عواقب صحية لتلك العادة التي توصف بأنها دينية بينما لو كانت تلك عادة متأصلة عند المسلمين لتحولت لحديث الإعلام الغربي المسيس ليل نهار عن المسلمين والتخلف والهمجية.
قد يفهم البعض الموضوع على غير مقصده فلست مؤيدا لأي تصرف سلبي من المهاجرين المسلمين والعرب في الدول الغربية خصوصا من يحاولون تقديم أجندات سياسية بحتة تحت ذريعة التمييز ضد المسلمين كما حصل في أحد معامل اللحوم الأمريكية التي فصلت 200 موظفا مسلما بسبب إصرارهم على اداء الصلاة بشكل جماعي ممايؤثر على مستوى العمل والإنتاج. الشركة قامت بتوفير غرفة للصلاة لكي يذهب العمال إليها على مجموعات منفصلة ولكنهم رفضوا وأضربوا عن الذهاب للعمل فتم فصلهم. وقصة طرد فتيات مسلمات من أحد مطاعم كاليفورنيا بزعم إرتدائهم الحجاب هي سخافة أخرى حيث ان أحد الشركاء في المطعم مسلمة. النساء المطرودات تجاوزن زمن الجلوس المحدد للزبائن بفترة 45 دقيقة فتم الطلب منهن مغادرة المطعم ولم يجدن ذريعة أفضل من إضطهاد الإسلام والمسلمين لإرضاء حبهم للشو وعدسات المصورين.
المشكلة أن بعض المسؤولين الغربيين أصبحوا يشاهدون المسلمين في منامهم حيث أدى الخطاب الناري لدونالد ترامب إلى موجة عداء غير مسبوقة للمسلمين ليس فقط في الولايات المتحدة التي بقيت بعيدة نوعا ما عن تلك النوعية من الصراعات بل إمتدت إلى أوروبا.
المسيحيون المحافظون واليمينيون يحاولون عبر الترويج لتفاهات وسخافات مثل رفض المسلمين مصافحة النساء الأجنبيات ورفض المسلمات المسابح المختلطة وعبر التستر تحت ذريعة الإسلاموفوبيا لتحقيق أجندات سياسية يعجزون عن الإفصاح عنها في الظروف العادية كما ان أنصار التنظيمات الإسلامية على إختلاف مسمياتها من إخوان مسلمين وحزب التحرير على سبيل المثال يحاولون هم أيضا بدورهم إمتصاص ردة الفعل المعاكسة من قبل المسلمين وتسخيرها لمصلحتهم ومصلحة أجنداتهم العنفية حيث لاحقوا المسلمين الحالمين بالتخلص من حكم الطغمة الدينية وسيطرتها حتى بلاد الغرب.
أعترف بأنني في أوقات سابقة بالغت فيما يتعلق بموضوع المصافحة ولكني حتى الأن لست أفهم أن طفلا صغيرا في المدرسة يرفض مصافحة معلمته ولست أفهم المبررات التي تدفعه لذالك كما أنني لست أفهم تلك العقلية الغربية التي تحصر الإندماج بالنسبة للمسلمين بمصافحة الأخرين ودروس السباحة ولبس النساء المسلمات للبكيني وكيف يحصرون قيم الإندماج بتلك السخافات والسفاسف.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية
النهاية

الوجه الخفي للإسلاموفوبيا والصراع من أجل السيطرة على العالم

"سوف نصنع لهم إسلاما يناسبنا" هل تلك الجملة من الممكن أن تلخص جوهرالمشكلة بين الشرق والغرب؟
عند إنتهاء الحرب الباردة وإنهيار الإتحاد السوفياتي وبسبب الحاجة لعدو يمتلك خواص الديمومة والإستمرارية فقد قرر المحافظون ومن لف لفيفهم من معاهد ومراكز أبحاث أن يجعلوا الإسلام يتبوأ قائمة الأعداء مع إستغلال أتباعه في معارك بالوكالة والبداية لم تكن مع أفغانستان بل قبلها الهند التي عانت من التقسيم ونظام حكم طبقي تم ترسيخ دعائمه بإشراف الإحتلال البريطاني ودول أخرى عانت من التدخلات المباشرة أو غير المباشرة ولعل جواتيمالا وكوبا تعدان أحد أوضح الأمثلة على ذالك.
المحافظون وحلفائهم من أنصار اليمين المتشدد سواء في الولايات المتحدة أو أوروبا يعيبون على الحكومات الغربية عدم مبادرتها بالحرب الإستباقية ضد الدول التي يصفونها بأنها تشكل خطرا على نفوذهم وقيمهم وطريقتهم في الحياة. الدول العربية (الإسلامية) ليست هي التي تشكل الخطر الوحيد على النفوذ الغربي من وجهة نظر المحافظين  خصوصا من الناحية الديمغرافية بل هناك الصين والهند وروسيا وكوريا الشمالية وقائمة أعدائهم طويلة لا تنتهي. البحث الدائم عن العدو هو أسلوب حياة اليمين المتشدد والمحافظ في الغرب.
الصين هي أحد الدول المستهدفة من قبل محور اليمين المتشدد والمحافظين بذرائع مختلفة منها أنها السبب في زيادة نسبة البطالة في الدول الغربية بسبب فائض سكاني يعد مصدرا للقوى العاملة منخفضة الأجور وبسبب مشكلة التبت وبحر الصين الجنوبي وهي كلها إتهامات باطلة. وعلى الرغم من الجهود السلمية التي تبذلها الصين لحل الخلافات مع الدول الأخرى بالطرق السلمية فإنه لايخفى سرا أن هناك من يدعو لشن حرب ضد الصين لفصل التبت عنها والتدخل عسكريا في مسألة بحر الصين الجنوبي وذالك في سبيل تصفية حسابات جيو-سياسية وإقتصادية معها. الصين لاتشكل تهديدا إسلاميا للغرب ولكن تم تهديدها بالإسلاميين حيث يشاع على نطاق واسع أن وزير الخارجية الأمريكية السابقة والمرشحة الحالية للرئاسة في الولايات المتحدة قد هددت الصين بدعم الأقليات الإسلامية خصوصا الإويغور من أجل القيام بإضطرابات وإشغال الحكومة المركزية في بكين لإبتزاز مواقف سياسية.
المشكلة أن الوسائل الإعلامية الغربية تتبنى قضية التبت ومسلمي الصين بينما يتم ذبح المسلمين في بورما بأبشع الوسائل وزجهم في السجون حيث يتعرضون للتنكيل بدون أن تقوم وسيلة إعلامية أجنبية أو حتى عربية بتسليط الضوء على مشكلتهم. حتى أنه يلاحظ غياب الأصوات الدينية الإسلامية عن المشكلة البورمية وهم الذين يقومون على التحريض ليل نهار على شاشات الفضائيات في سبيل الحروب الطائفية في الوطن العربي وتقوم أجنداتهم بشكل رئيسي على تكفير الأقليات.
أحد الأسباب الرئيسية التي تدفع اليمين المحافظ للتحريض على الإضطرابات في بقاع مختلفة من العالم هو المشكلة الديمغرافية التي تهدد وجود الغرب وبقائه حيث إنتقلت هذه المشكلة حاليا إلى وسط أوروبا حيث قام تنظيم الإخوان المسلمين ممثلا بتركيا بتسهيل عمل مهربي البشر حيث وصل إلى ألمانيا وحدها مليون مهاجر أغلبهم من الشباب والمراهقين وعدد كبير من النساء. كما أن الصين والهند وباكستان تعد قوى عسكرية ونووية وتمتلك تعداد سكانيا يمكنه من تجنيد عدد كبير الجنود وتمتلك إحتياطي عسكري ضخم. الإستقرار في تلك الدول يعني زيادة عدد السكان.
الحرب على العراق يتم تبريرها بإسم الحرب الإستباقية حيث من المقبول من أجل إسقاط نظام الرئيس العراقي إستشهاد أكثر من مليون طفل عراقي كما أجابت وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة مادلين أولبرايت بالحرف. إبادة شعب في العراق بالحصار يعتبر أحد أكبر عمليات الإبادة الجماعية في التاريخ لم يتم محاسبة مسؤول واحد عنها. لم يتم إثبات أي صلة بين النظام الحاكم في العراق وتنظيم القاعدة كما لم يتم إثبات وجود أسلحة دمار شامل والشهود الذين تم الإستعانة بهم كانوا شهود زور بعلم الحكومات الغربية.
هناك مجموعة نظريات لتفسير طبيعة التركيب الجيو-سياسية في الفترة التالية لإنتهاء الحرب الباردة منها أننا نعيش في عالم متعدد الأقطاب لايستطيع أي طرف الإستغناء عن التعاون مع الأخرين بينما تبقى الكلمة العليا نوعا ما من الناحية العسكرية للولايات المتحدة. النظرية الثانية وهي الأكثر ترجيحا من قبل اليمين المحافظ هي أننا نعيش في عالم مفكك تسوده الفوضى. أوروبا مهددة بخطر الأسلمة, روسيا دولة ضعيفة, الصين دولة تعاني من مشاكل ديمغرافية متعلقة بسياسة الطفل الواحد والتي تم رفعها الحظر مؤخرا والسماح بطفلين لكل أسرة. الإسلام نفسه الذي يزعمون أنه يهدد أوروبا هو نفسه بإعترافهم يعاني من الضعف بإعتراف رئيس الوزراء الماليزي السابق مهاتير محمد الذي ذكر في إحدى خطبه عن عجز العالم الإسلامي عن القيام بأي صناعات مفيدة ونافعة وحتى من إدارة ثرواتهم بأنفسهم.
كوريا الشمالية يتم إستهدافها بصفة مستمرة من قبل الإعلام الغربي كما يشاع على نطاق واسع أنه يتم إستخدام التحكم بالطقس عن طريق مواد تسمى الكيمتريل ويمكن نشرها في الجو عبر الطائرات وذالك للتسبب بمجاعة عن طريق إستهداف موسم محصول الأرز والذي يعد غذاء رئيسيا في كوريا الشمالية. الذريعة الرئيسية لإستهداف كوريا الشمالية هي إمتلاكها أسلحة الدمار الشامل على الرغم من أن هناك دولا عديدة تمتلك أسلحة نووية وذرية ولكن لايتم توجيه أي لوم أو إنتقاد إليها. في عالم مضطرب البقاء فيه للأقوى تسودة الفوضى وسياسة الإستقواء والتنمر فإن كوريا الشمالية ترى أن إمتلاكها الأسلحة النووية أولوية قصوى لحماية أمنها وسيادة ووحدة أراضيها.
إن المشكلة الديمغرافية يعاني منها العالم الإسلامي أكثر ممايعاني منها الغرب حيث أنه لايوجد دولة من الممكن أن تتحمل بقاء جيل كامل من دون تعليم جيد وهو مايدفع العالم العربي ثمنه حاليا كما ذكر أحد خبراء جودة التعليم من كوريا الجنوبية. في الفترة التي بدأ ظهور مايسمى المد الإسلامي أو مايطلق عليه الصحوة خصوصا مع بداية الثمانينيات فإن ذالك شهد في الوقت نفسه تراجع التعليم التقليدي في الوطن العربي لصالح عودة نظام الكتاتيب والتركيز على المواد الشرعية بدلا من دراسة العلوم الحديثة مما أدى إلى إنتشار الإيمان بالخرافات والبدع والإنفصال عن الواقع الذي نعيشه. فإذا أضفنا كل ذالك إلى مشكلة التركيز في العالم الإسلامي على الكثرة العددية بدون مراعاة النوع(الجودة) فإن كل ماذكر هو وصفة لكارثة تعاني منها بلداننا وليس الغرب. مشكلتنا أننا أمة لا تقرأ وإذا قرأت لاتفهم ولو فهمت فإن فهمها يكون محدودا ونظرتها قاصرة.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية

النهاية