Flag Counter

Flag Counter

Sunday, December 18, 2016

كيف تحولت منطقة الوادي المركزي في كاليفورنيا إلى مكرهة بيئية بسبب مزارع الألبان العملاقة؟(1)


الكثيرون يتسائلون عن مستقبل أطفالهم ومستوى نموهم الجسماني والعقلاني وصحتهم في ظل التلاعب بعاداتنا الغذائية وأطفالنا خصوصا المحاصيل المعدلة وراثيا والحيوانات التي تحقن بإفراط بالهرمونات والمضادات الحيوية وعدم وجود قوانين رادعة للتساهل فيما يتعلق بصناعة المواد الغذائية مما أدى إلى كوارث وفي بعض الحالات وفيات. ففي سنة 2008 أدى الإهمال في أحد منشئات تصنيع وتغليف اللحوم في كندا إلى إصابة 120 شخص بداء الدوران والذي تتسبب به بكتيريا الليستيريا حيث توفي 45 شخصا.
هناك أمية صحية على مستوى العالم وقلة الوعي بمصادر غذائنا حيث ذكرت بعض الإحصائيات أن هناك عدد كبيرا من البريطانيين لايعلم مصدر مايعرف بشرائح الباكن(Bacon) ولا حتى من أين يأتي البيض. الكثير من المنتجات التي تعرض على أرفف المحلات التجارية كاللحوم والبيض والحليب يكون هناك ورائها قصة مظلمة لاتريد تلك الشركات لأحد أن يكشفها حتى أنه في الولايات المتحدة قد تم إصدار القوانين التي تجرم كل من ينتهك خصوصية مزارع تربية الماشية والطيور ويأخذ صورا بدون إذن فما بالك إن إستخدمها لفضح تلك الشركات وممارساتها. تلك الشركات أيضا تقاوم محاولات المؤسسات والناشطين المهتمين بصحة الإنسان بإجبارها بقوة القانون على وضع ملصق تفصيلي على منتجاتها خصوصا المحاصيل المعدلة وراثيا بشكل عام.
منطقة الوادي الأوسط(Central Valley) في كاليفورنيا تعد أكبر تجمع لمزارع الأبقار في العالم بإجمالي تعداد أبقار 750 ألف وماقيمته 6 مليار دولار من الحليب سنويا ومايعادل فضلات حيوانية لأكثر من 90 مليون نسمة. تلك الأبقار لايزيد عمرها الإفتراضي عن ثلاثة سنين بسبب التوالد الإختياري, المضادات الحيوية, هرمونات النمو والظروف البائسة التي تعيش فيها.
خلال أزمة مرض جنون البقر والتي بدأت في المملكة المتحدة(بريطانيا) فقد تعرضت تجارة اللحوم البريطانية لخسائر كبيرة إضطر معها وزير الزراعة البريطاني جون غمر(John Gummer) ورئيس الوزراء البريطاني جون ميجر(John Major) للظهور في أكثر من مناسبة وهم يتناولون منتجات اللحوم البريطانية كالهمبرجر في محاولة لإستعادة ثقة المستهلكين على المستوى المحلي والعالمي. التناقض أن الولايات المتحدة والتي كانت من أكثر الدول تشددا بخصوص الحظر على واردات اللحوم البريطانية في تلك الفترة حتى وصلت لدرجة مصادرة أي منتجات لحوم تجدها مع المسافرين القادمين من مناطق موبوئة خصوصا بريطانيا, تسمح بكافة أنواع الممارسات في مزارع الحيوانات والمحاصيل التي تعرض صحة المستهلكين لخطر الأمراض.
إن التلوث في منطقة الوادي المركزي لكاليفورنيا بلغ درجة تشبه سحابة الضباب التي تشاهد في المدن الكبرى بسبب المصانع وعوادم السيارات. عند الإقتراب من المنطقة فقد يلاحظ أحدهم صعوبة في التنفس وحرقة الصدر كما أنه تحت ظروف جوية معينة فقد تشاهد سحابة صفراء سببها المبيدات الحشرية والأسمدة الصناعية والكيماويات التي يتم رش النباتات فيها. فبالإضافة إلى مزارع الأبقار فهناك مساحات شاسعة مزروعة بالفواكه والخضراوات خصوصا الليمون, البرتقال, الرمان وأشجار اللوز وذالك على الرغم من معدل سقوط الأمطار المنخفض حيث تصنف تلك المنطقة على أنها شبه صحراء.
ظاهرة أخرى من الممكن ملاحظتها في المنطقة وهي أن كل تلك الأنواع من الزراعة خصوصا الحمضيات واللوز من المفترض أن تجذب انواع مختلفة من الحشرات خصوصا النحل وأنواع متعددة من الطيور ولكن من الملفت للنظر على إنعدام تواجد الحشرات والطيور أو الأعشاب أو حتى أي أنواع أخرى من الأشجار إلا مايكون في مزارع خاصة أو في حدائق المنازل. التنوع البيئي والطبيعي في تلك المنطقة يساوي صفر.
في نهاية فنرة التسعينيات أثار طلب تم التقدم به لإقامة مزرعتين للأبقار بطاقة 14000 بقرة لكل مزرعة الإنتباه من قبل جماعات بيئية وناشطين بسبب إحتمال تلوث المنطقة المحيطة حيث أنه حتى ذالك الوقت فقد تم إستثناء القطاع الزراعي في كاليفورنيا من قانون الهواء النقي(Clean Air Act). بعد معركة قانونية شرسة فقد أجبر الناشطون السلطات المحلية والفيدرالية على القيام بدراسة بيئية شاملة وكانت النتائج سلبية وأدت إلى تغييرات جذرية في القوانين المنظمة لعمل تلك المزارع.
في نهاية سنة 2003 فقد تم تغيير القانون حيث من المفترض إلزام مالكي مزارع الأبقار الجماعية على الإلتزام بقانون مشدد متعلق بالمعايير البيئية ولكن كان يتم الإلتفاف على القانون وبعلم السلطات المحلية التي كانت تغض البصر عن تلك الممارسات.
مجلس الحليب الإستشاري في كاليفورنيا(California Milk Advisory Board - CMAB)  ذكر في تقرير له أن أكثر من 400 ألف وظيفة بدوام كامل في ولاية كاليفورنيا مرتبطة بصناعة الأللبان كما أن 63 مليار دولار تقريبا من الأنشطة الإقتصادية في الولاية مصدرها مزارع الأبقار الجماعية وصناعة الألبان. البقرة الواحدة خلال عمرها الإفتراضي تساهم بمبلغ متوسطه 34000 دولار في إقتصاد ولاية كاليفورنيا.
صناعة الألبان وشركات الزراعة المكثفة تستخدم أساليب دعاية وتسويق مضللة لإيهام زبائنها والمواطنين العاديين وإعطائهم إنطباع مغاير للواقع كالصور الملونة للمزارع والأبقار السعيدة التي ترعى فيها وصور جماعية للأسر التي تمتهمن الزراعة حيث يظهر أفرادها مع بعضهم البعض والإبتسامة تعلو وجوههم وأفلام وثائقية وترويجية. كما أن بعض الشركات وإتحادات المنتجين تقيم مسابقات ملكات جمال للفتيات اليافعات من الأسر التي تعمل في مجال صناعة الألبان حيث يحق للفائزة بالمسابقة تمثل الصناعة لمدة سنة كاملة والتحدث بإسمها في المؤتمرات والندوات.
الحقيقة التي لا تريد تلك الشركات للمواطن العادي أن يكتشفها هي أن الصورة الوردية التي تحاول الشركات والإتحادات أن ترسمها لوادي كاليفورنيا المركزي تغاير الواقع حيث يعاني 20% من الأطفال من الربو وهو مايزيد بثلاثة مرات عن المعدل القومي للإصابة بذالك المرض في الولايات المتحدة وتعد ثاني أكثر المناطق في الولايات المتحدة تسجيلا للإصابات بذالك المرض. كما أن ثلث عدد السكان معرضين للإصابة بأمراض مرتبطة بتلوث الهواء الذي تعاني منه تلك المنطقة خصوصا الأمراض التنفسية المختلفة. كما أن دراسات عديدة أظهرت أن التجمعات السكانية التي تقام بقربها تلك النوعية من مزارع الألبان وكذالك المزارع التي تستخدم أساليب الزراعة المكثفة تعاني من معدل أعمار يقل بعشرة سنين عن متوسط اعمار التجمعات السكانية في المناطق التي لا تعاني من وباء تلك النوعية من المزارع والأساليب الزراعية. كما أنها تعاني من الأمراض التنفسية في الصدر التي تزداد نسبتها بين الأطفال الذين يمضون أوقاتا طويلة في الخارج وأمراض القلب وتشوهات خلقية في المواليد الجدد.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية
نهاية الجزء الأول

Sunday, December 11, 2016

كيف ساهمت الزراعة المكثفة والمزارع الصناعية في تدمير بيئتنا وأسلوبنا في الحياة؟

في سنة 1958 فقد أطلقت حملة في الصين لإبادة طيور الدوري دعا إليها الزعيم الصيني ماو حيث تم تعبئة الطلبة والفلاحين والعمال في المدن والريف للقيام بالحملة في التوقيت نفسه. السبب الذي تم الترويج له لتبرير الحملة هو أن تلك الطيور البريئة تلتهم كمية كبيرة من المحاصيل. في منطقة شانغهاي وفي اليوم الأول من الحملة فقد تم إبادة أكثر من 194 ألف طائر. النتيجة المباشرة للحملة كانت تكاثر أنواع الجراد والتي كانت الغذاء المفضل لطيور الدوري حيث أن إبادتها قد خلقت فجوة في السلسلة الغذائية مما أدى لاحقا لحلول المجاعة في الصين.
لاحقا تم إكتشاف الخطأ الذي تم إرتكابه بإبادة طيور الدوري وصدر الأمر بإيقاف الحملة ولكن بعد فوات الأوان حيث وصل التناقص في أعداد طيور الدوري إلى مايقرب الإنقراض الكامل الذي إستغرق عقودا للتعافي. حتى أنه تم التفكير في إستيراد طيور الدوري من الإتحاد السوفياتي ودول أخرى لعكس النتيجة الكارثية لتلك الحملة.
المشكلة أن وسائل الإعلام الغربية التي تتحدث عن تلك الحملة لإبادة طيور الدوري في الصين منتقدة تلك السلوكيات غير المقبولة لا تأتي على ذكر لما يحصل في عصرنا الحالي من إبادة أنواع عديدة أشكال الحياة البرية وحتى البحرية في الدول الغربية بفضل المزارع الصناعية(Industrialized Farming) وإستخدام المبيدات الشديدة السمية والنباتات المعدلة وراثيا.
خلال الأربعين سنة السابقة فإن أعداد طيور الدوري في بريطانيا قد تناقص بنسبة 97% بسبب أساليب الزراعة المكثفة التي ذكرتها سابقا.  ولكن طيور الدوري ليست الوحيدة التي تناقصت أعدادها بطريقة تنذر بتعرضها لخطر الإنقراض فهناك طيور(Turtle Dove) وهي من أنواع الحمام الأوروبي وطيور(Corn Bunter) أو درسة القمح أيضا تكاد تنقرض في مناطق عديدة في أوروبا خصوصا بريطانيا. الأساليب الزراعية المستخدة في الزراعة المكثفة قد نجحت في حرمان المخلوقات التي عاشت في تلك المناطق لمئات السنين وأصبحت جزأ من نظامها الأيكولوجي من بيئتها الطبيعية وخصوصا غذائها ممادفع الحكومة البريطانية لتقديم تمويل للمزارعين لتركيب منازل وحصالات تغذية لمنع تلك الطيور من الإنقراض.
زحف المزارع التي تعتمد أساليب الزراعة المكثفة وصل في بريطانيا إلى 92% من نسبة المزارع الموجودة حيث تعتمد زراعة نوع معين من المحاصيل على مساحات شاسعة أو تربية نوع واحد من الحيوانات في داخل هنغارات واسعة حيث قد تحتوي المزرعة الواحدة على مايزيد عن 30 ألف حيوان يعيشون في مساحات ضيقة وفي ظروف بالغة القساوة كما أن إنتشار الأمراض وإستخدام المضادات الحيوية وهرمونات النمو يؤدي إلى إنخفاض جودة المنتج.
هناك 70 مليار حيوان مزارع يتم تربيته حول العالم حيث تبلغ نسبة الحيوانات التي يتم تربيتها في مزارع تعتمد أسلوب الزراعة المكثفة 66% تقريبا ويتم التعامل معها كألات إنتاج مزيد من البيض أو اللحم وتبقى طوال حياتها حبيسة الأقفاص. البقرة التي يتم تربيتها بهدف إنتاج الحليب تكون في وضع لايمكنها من المزيد من الإنتاج في سن 5 سنين بينما عمرها الإفتراضي قد يزيد عن 15 عاما حيث يكون مصيرها في تلك الحالة الذبح بهدف الإستفادة من لحمها.
بإعتبار أن الحيوانات على إختلاف أنواعها والتي يتم تربيتها بأسلوب الزراعة المكثف والمزارع الصناعية لايسمح لها بالرعي الطبيعي فلابد في تلك الحالة أن يتم نقل غذائها إليها. إن مانسبته الثلث من الإنتاج العالمي من الحبوب يتم تخصيصه لإطعام حيوانات المزارع الصناعية, 90% من محصول الصويا و30% من محصول الأسماك العالمي تذهب لنفس الغاية مما يتسبب بهدر موارد غاية في الأهمية من الممكن إستخدامها لمكافحة الجوع حول العالم. كما أن حيوانات المزارع الصناعية تمتاز بزيادة نسبة الدهون وإنخفاض مستوى الجودة.
إن ذالك الأسلوب في تربية الحيوانات وأسلوب الزراعة المكثفة يعتمد بشكل كبير على المضادات الحيوية وهرمونات النمو والمبيدات الحشرية مما أدى ظهور فيروسات وحشرات ضارة مقاومة لكافة المبيدات وأمراض خطيرة ومعدية.
إن مقاومة شركات الأغذية وتربية المواشي والدواجن لأي محاولات تفرض عليها الشفافية وحق المستهلك في معرفة مصدر غذائه قد أدى لفضائح أحدها سنة 2013 في بريطانيا حيث تبين تورط سلسلة مطاعم للوجبات السريعة وشركات أغذية ومتاجر كبرى بالغش عن طريق وضع علامات خاطئة بشكل متعمد على منتجاتها تبين أنها من لحم البقر بينما أثبتت فحوصات الحمض الوراثي وجود لحوم أحصنة وخنزير في بعض الحالات.
الجشع والأنانية هي التي تتحكم في سياسة الشركات الزراعية وتلك التي تبيع المبيدات الحشرية والمحاصيل المعدلة جينيا. في بريطانيا تسبب إنتحار 12 مزارعا بتسليط الضوء على قضيتهم إعلاميا وتحولها لقضية رأي عام بينما في الهند فإن موجة إنتحار أكثر من 200 ألف مزارع هندي بالكاد أثارت أي ضجة إعلامية. السبب في كلتا القضيتين هي الديون التي تراكمت على المزارعين لقيامهم بشراء محاصيل معدلة وراثيا(GMO) تبين فيما بعد انها غير ملائمة لزراعتها في ظروف مناخية معينة.
لايوجد مبرر لإستخدام أسلوب الزراعة المكثفة(Intense Agriculture) و المزارع الصناعية(Industrial Farming) حيث أنه ليس هناك مشكلة نقص في الأراضي كما ثبت الضرر الذي تسببه من الناحية البيئية وصحة السكان في المناطق المحيطة في تلك المزارع.
في الأرجنتين فإن هناك تواجد كثيف للبعوض في المناطق المحيطة بمزارع الصويا على الرغم من عدم تواجد مياه راكدة أو أي من الظروف التي تكون السبب في تواجدها. في البيرو فإن صناعة الأسماك بهدف إستخدامها كعلف للحيوانات قد حرمت السكان المحليين من مكون مهم من عناصر حميتهم الغذائية حيث ظهرت على الأطفال الذين يعيشون بالقرب من أماكن صيد الأسماك أعراض سوء التغذية. في فرنسا وبريطانيا ظهرت أعراض تسمم على عمال كان يقومون بمهمة تنظيف الشواطئ من الطحالب والأعشاب الضارة بسبب إنبعاث الغازات السامة منها حيث تتواجد مزارع تربية للخنازير تقوم بالتخلص من مخلفاتها بطريقة غير سليمة مما يتسبب بتسربها للبحار والأنهار والمياه الجوفية. إن تلك المشاكل لم تظهر في إستخدام الأساليب الزراعية السابقة حينما كانت الحيوانات تترك لترعى بحرية في المزارع حيث كانت فضلاتها تعتبر سمادا طبيعيا ويتم إستخدام أسلوب مداورة المحاصيل الزراعية بما يحافظ على التربة وجاهزيتها للموسم الزراعي القادم.
الظروف التي خلقتها الحكومات تحت مزاعم إطعام الأعداد المتزايدة من السكان ليس إلا ستارا لتغطية ماتقوم به شركات الزراعة العملاقة والتي تؤثر بالسلب عليهم وعلى صحتهم والبيئة وثرواتها الطبيعية ولاتهتم إلا بتحقيق الأرباح.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية
النهاية

Monday, December 5, 2016

لاجئ أفغاني في ألمانيا يرتكب جريمة إغتصاب بحق إبنة سياسي ألماني شهير

يبدو أن مشكلة تدفق اللاجئين لدول الإتحاد الأوروبي مع كل الأثار السلبية التي تصاحبها سوف تؤدي إلى تصاعد موجة العداء للأجانب وكذالك زيادة شعبية الأحزاب النازية والفاشية ومايعرف بالشعبوية وإمتداد موجة الكراهية لكل ماهو عربي ومسلم.
إن مشكلة الإغتصاب والإغتصاب الجماعي للنساء وزواج القاصرات والزواج بالإكراه هي من بعض مايحمله المهاجرون واللاجئون معهم إلى بلاد المهجر خصوصا أستراليا وبريطانيا وحاليا يلاحظ تزايد نسبة حالات الإغتصاب في بلدان كالسويد وألمانيا. ففي ألمانيا مؤخرا وتطبيقا لبيت الشعر القائل " إذا أكرمت الكريم ملكته  وإذا أكرمت اللئيم تمردا " قام لاجئ أفغاني برد الجميل للشعب الألماني بإرتكاب جريمة شنعاء في إحدى المدن الصغيرة الواقعة في الجنوب الألماني (Freiburg) حيث إرتكب جريمة إغتصاب وقتل إبنة أحد أشهر السياسيين الألمان ممن لهم ثقل في الإتحاد الأوروبي ويدعى (Ladenburger Clemens) حيث يعمل مستشارا قانونيا في مكتب مدير المفوضية الأوروبية. الضحية كانت تعرف اللاجئ بشكل شخصي حيث انها تعمل متطوعة في اوقات فراغها في مساعدة اللاجئين في المدينة الصغيرة التي تقيم فيها وقدمت المساعدة لمغتصبها وقاتلها عدة مرات بدون أن تعلم ما كانت تخبئه لها الأقدار.
المصابين بفوبيا إضطهاد المسلمين والتمييز العرقي ضد العرب وأن الإسلام يتعرض للهجوم على مستوى العالم سوف يصرخون بأن تلك حالة فردية وكما حوادث الإعتداء في رأس السنة الميلادية في عدة مدن ألمانية هي عبارة عن حوادث فردية على الرغم من مشاركة مئات الأشخاص فيها. كما في بريطانيا حيث تتعرض عشرات من البريطانيات لحوادث إغتصاب جماعية من عصابات مكونة بشكل رئيسي من المهاجرين من أصول أسيوية كالهند وبنغلاديش. وفي أستراليا تتعرض المواطنات الاستراليات لمحاولات تحرش وإغتصاب جماعية من عصابات يغلب عليها مهاجرون من أصل لبناني. وعلينا ملاحظة أن أغلب الضحايا هم مواطنات أوروبيات من ذوي البشرة البيضاء حيث لا تتجرء تلك العصابات على محاولة النيل من فتاة عربية أو أسيوية لعلمهم بدفع حياتهم ثمنا لتلك الحماقة. ففي أستراليا لن تتجرأ عصابة لبنانية على إغتصاب أسترالية سمراء البشرة لأنهم يعلمون بنفوذ الجاليات الأفريقية خصوصا الصومالية. في بلدانهم الأصلية يتم تزويج الضحية من مغتصبها وتسقط عنه العقوبة ويضاف إلى كل ذالك الخطب التحريضية من رجال الدين في الوطن العربي وحتى في أوروبا التي تكون موضوعاتها المحورية السبايا واللحم المكشوف وعدم إرتداء النساء للحجاب والخمار والرجال الأوروبيين الفاقدين لقدرة الإخصاب وتكون عقول أولئك الحمقي مشبعة بها. بالإضافة إلى فشلهم في التأقلم إجتماعيا وإقامة علاقات ناجحة مع الطرف الأخر حيث تعد تلك العلاقات في الدول الغربية أمرا متاحا ومعتادا.
إذا المشكلة مشكلة ثقافة متفشية في النفوس ومتجذرة في المجتمعات حيث هناك دول عربية تشتهر بتزايد نسبة التحرش وحالات الإغتصاب بطريقة مرضية والمخفي منها أكثر من المعلن على الرغم من العقوبات المشددة في بعض الدول والتي قد تصل للإعدام إلا أن ذالك لم يحد من حالات الإغتصاب. بل ووصل الأمر في بعض الدول الأوروبية إلى إغتصاب الأطفال من قبل المهاجرين واللاجئين.
المجتمعات الغربية مليئة بحالات الإغتصاب والتحرش من قبل المواطنين الأوروبيين انفسهم ولكنها تبقى ضمن المعدلات الطبيعية حيث يعتبر ذالك الأمر من الناحية الإجتماعية أمرا معيبا ويتم عزل المتهمين وقضاء محكومياتهم في أقسام خاصة من السجون حيث قد يتعرضون للقتل لو تم إسكانهم في أقسام برفقة المعتقلين الجنائيين الذين يحتقرون مرتكبي تلك الجرائم لدرجة قتلهم إن أمكن لهم ذالك. إن ذالك أمر لا ينكره عاقل ولكن أيضا لا ينكر العاقلون تزايد حالات التحرش في الدول الأوروبية مع قدوم موجات ضخمة من اللاجئين سمحت لهم تركيا بالعمل إنطلاقا من أراضيها لإغراق أوروبا باللاجئين عقوبة للإتحاد الأوروبي على عدم قبول إعفاء المواطنين الأتراك من تأشيرة الدخول في خطوة أولية تمهد لضم تركيا كعضو فاعل في الإتحاد الأوروبي.
إن هناك دول عربية تتفوق في عدد حالات التحرش والإغتصاب على دول كالسويد وحتى أمريكا مقارنة بعدد السكان ولكن لايعلن عن أغلب تلك الحالات لأسباب إجتماعية لا تخفى على أحد. كما أنه هناك دول عربية تتفوق على هولندا في ممارسة الدعارة خصوصا دعارة القاصرات بل ودعارة الأطفال حيث أصبحت بعض الدول العربية وجهة لسياحة الشواذ الجنسية في ظل صمت وتغاضي حكومي بينما تمتلئ الجرائد والصحف المحلية بأخبار الدول الغربية التي تتزايد فيها حالات الإغتصاب والتحرش.
وبالعودة إلى اللاجئ الألماني المختل عقليا على الأقل من ناحية نظرية فقد تبين بعد إعتقاله إرتكابه جريمة إغتصاب وقتل سبقت جريمته الثانية في نفس المدينة بحق مواطنة ألمانية تدعى كارول غروبر وتبلغ من العمر 27 عاما. المجرم إرتكب جريمته الأولى حين خرجت الضحية لممارسة رياضة الجري وإرتكب جريمته الثانية بخطف الطالبة الجامعية والتي كان ينتظرها مستقبل باهر كطبيبة ويبلغ عمرها 20 عاما حين كانت تقود دراجتها الهوائية عائدة من حفل جامعي. الأب المكلوم كان ينتظر عيد ميلاد إبنته العشرين بعد عشرة أيام وإذا به يتلقى خبر العثور عليها جثة هامدة.
قريبا جدا سوف تعلن دول أوروبية التوقف عن إستقبال أي لاجئ وتقنين إستقبال المهاجرين وإنشاء قاعدة بيانات كما ينوي دونالد ترامب فعله في الولايات المتحدة وإجراء فحص شامل لكل قادم جديد للتأكد من سلامة قواه العقلية والنفسية وإنخفاض إستعداده لإرتكاب مثل تلك الجرائم البشعة.
في بعض الدول العربية كان سوف يقتل حتى قبل أن تصل إليه الشرطة وسوف يتم طرد عائلته من المدينة بينما في ألمانيا يتم منحه حقوقه كمتهم من ضمنها الحق في توكيل محام والحق في محاكمة عادلة على الرغم من إعترافه بجريمته ومدى بشاعتها وذالك الفرق بينهم وبين الدول العربية, ذالك هو الفرق الذي يصنع دولة حضارية.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية
رابط الموضوع على مدونة علوم وثقافة ومعرفة
الرجاء التكرم بالضغط على رابط الموضوع بعد الإنتهاء من قرائته لتسجيل زيارة للمدونة
النهاية





حياتي - فيديل كاسترو - بروز المتمرد(The forging of a rebel)

كانت الظروف التي أرسل فيديل كاسترو ليعيش فيها في منزل المعلمة في سانتياجو هي التي دفعته لاحقا لإعلانه تمرده للمرة الأولى حين كان عمره 8 سنوات تقريبا ففي منزل المدرسة لم يتلقى أي دروس ولم يتم إرساله إلى أي مدرسة وعانى من الجوع والإهمال ولكنه كان صاحب إرادة قوية تمكن بفضلها من تعلم عدد من المواضيع ذاتيا منها جداول حسابية كانت مطبوعة على خلفية دفاتر الكراسات المدرسية وحتى عند إنتقاله للدراسة لاحقا في مدرسة الرهبنة اليسوعية بقي على حاله في حبه للتعلم الذاتي وحصوله على درجات ممتازة في الإمتحانات النهائية رغم عدم تركيزه عند حضوره حصصه الدراسية لإنشغاله بالنشاطات الرياضية.
لم يقم فيديل كاسترو بإلقاء اللوم على والديه بسبب تلك الظروف التي وجد نفسه فيها في منزل المدرسة, بالإضافة إلى ضياع سنتين من عمره والجوع الذي عانى منه بسبب فقرهم وإضطرارهم لتوزيع كميات الطعام القليلة المتوفرة بين الغداء والعشاء. يصف كاسترو تلك الفترة بكونه تعرض لسوء معاملة وإهمال وصلت لدرجة أنه إضطر لصناعة حذاء له بطريقة بدائية ويدوية وتلقى توبيخا من قبل المدَرِّسة لأنه إستخدم إبرة خياطة غير مناسبة فتعرضت للكسر.
وعلى الرغم من تعرضه لسوء المعاملة فقد كان هناك برأيه مبررات للفقر المدقع الذي تعيشه الأسرة حيث أنها بكاملها كانت تعتمد في معيشتها على راتب المدَرِّسة والذي كان أحيانا لا يدفع لها إلى كل ثلاثة أشهر مما أدى إلى إيجاد وضع غير متوازن حيث كل قرش يتم صرفه بتقتير شديد, إنها كانت مسألة حياة أو موت بالنسبة للأسرة.
قام والد فيديل بزيارته وإخوته في منزل المدَرِّسة في سانتياجو حيث شاهد إبنه فيديل ووضعه المزري بشعره الطويل ونحول جسمه بسبب الجوع. وفي وقت الحق لزيارة والده, فقد قامت والدة فيديل بزيارتهم وتفاجئت بالحالة المزرية لأولادها الثلاثة ونحول جسمهم فقامت بأخذهم إلى أفخم مطعم في المدينة(La Nuviola) وشراء الأيس كريم وعدد من المانجا الصغيرة الحجم التي يطلق عليها(Toledo Mangoes) وبعد ذالك أرجعتهم معها إلى بيران(Biran).
إن أول عمل تمرد أو كما وصفه فيديل إنتقام من المدَرِّسة ومعاملتها لفيديل وإخوته كان إثر عودتهم مع والدتهم إلى بيران حيث أن سقف مبنى المنزل الملاصق للمدرسة المحلية حيث تقيم المدَرِّسة كان من صفائح الزينكو فقام فيديل وإخوته ببناء مايشبه الحاجز من الأخشاب بالقرب من الفرن الذي يقع على مسافة قريبة من المدرسة ثم قاموا بعد ذالك بإلقاء الحجارة على سقف المدرسة بواسطة مقلاع مصنوع من قطعة خشبية من شجرة الجوافة(Guava). كان التوقيت لعملية الإنتقام عند حلول الظلام وإستمرت عملية ضرب سقف المدرسة بالحجارة لمدة نصف ساعة حيث شارك فيها فيديل وإثنين من إخوته وأحدثت ضجيجا جعل سماع صوت صراخ المدَرِّسة مستحيلا ولكن فيديل كان متأكدا أنه أصابها برعب شديد.
ثاني محاولة تمرد قام بها فيديل كانت حين رفض الإلتزام بالحمية الغذائية التي كانت الأسرة تتبعها وتعتمد أساسا على الخضراوات المطهية على الطريقة الفرنسية. هو لم يتمرد على الطريقة الفرنسية التي كانت تتبعها الأسرة في حياتها بقدر ماكان يتمرد على  الظلم التي يتعرض له في منزل المدَرِّسة وكانت العقوبة هذه المرة إرساله إلى مدرسة داخلية تسمى(Colegio De La Salle) كطالب داخلي في الفصل الثاني من الصف الأول حيث يصف تلك الفترة بأنها كانت فترة سعيدة في حياته لتواجد زملاء دراسة من مرحلة عمرية متقاربة معه وكذالك لأن المدرسة كانت تأخذ طلابها يومي الخميس والأحد إلى منطقة تقع بالقرب من المحيط حيث كان بالإمكان ممارسة أنواع مختلفة من الأنشطة الرياضية.
السنين الأولى من الدراسة من الصف الأول حتى الصف الخامس فقد قضاها فيديل في مدرسة داخلية تعرف بإسم (La Salle Brothers) والتي كانت تقبل الطلاب ذوي البشرة السوداء بعكس مدرسة الرهبنة اليسوعية التي إنضم إليها لاحقا. إستمتع فيديل بالرحلات كانت تنظمها المدرسة للطلاب كل يوم خميس وأحد إلى شاطئ المدينة حيث كانت هناك مساحات على الشاطئ لممارسة كافة أنواع الرياضة وقد إستمتع في تلك الفترة بصيد السمك وتسلق الجبال وحيدا أو مع زميل أو إثنين من زملاء الدراسة.
في المراحل الدراسية اللاحقة وحتى تخرجه وإنضمامه إلى الجامعة لدراسة الحقوق فقد درس في مدرسة داخلية تتبع الرهبانية اليسوعية(Jesuit) حيث يصف المدرسين فيها بأنها كانوا بلا إستثناء من أصول إسبانية يعيشون حياة متقشفة ولا يستلمون راتبا مقابل جهودهم حيث أن المدرسة لم تكن ربحية ولم تكن باهظة الرسوم.
أثار عدم وجود طلاب من ذوي البشرة السوداء في مدرسة الرهبنة اليسوعية فضول فيديل كاسترو فقام بسؤال إدارة المدرسة وذكر لهم كيف أنه في مدرسته السابقة (La Salle Brothers) كان له زميل درسة أسود البشرة ولكنه لم يتلقى جوابا واضحا. في مرحلة لاحقة فقد علم أن المدرسة اليسوعية التي يدرس ويقيم بها لا تقبل الطلاب السود ولا حتى من يطلقون عليهم (Mestizos) وهم من أب إسباني وأم يعود أصلها للهنود الحمر السكان الأصليين لأمريكا اللاتينية.
ثاني محاولة تمرد قام بها فيديل كاسترو كانت عند إنتقاله للدراسة في (La Salle Brothers) حيث قام بالتشاجر مع نائب المدير(Brother Fernando) والذي كان مسؤولا عن الطلاب المقيمين كفيديل ودائم التعدي على التلاميذ بالضرب حيث قام بضرب فيديل مرتين وفي الثالثة تمرد فيديل وتشاجر معه.
ثالث محاولة تمرد قام بها فيديل كاسترو كانت إثر عودته مع والديه في إجازة أعياد الميلاد حيث أنهم قد علموا بالمشاجرات التي قام بها إبنهم في المدرسة وإتخذ والده قرارا بعد السماح لفيديل العودة للمدرسة وكانت تلك عقوبته. رفض فيديل والذي بلغ من العمر 11 عاما قرار والديه وطالب السماح له العودة للمدرسة وهددهم بحرق منزل الأسرة الذي يعيشون فيه إن لم يفعلوا. فيديل كاسترو لاحقا حين سؤاله عن تلك الواقعة أجاب إنه لم يكن يقصد ماقاله ولم يكن لديه النية لتنفيذه ولكنه بسبب غضبه من غياب المعاملة العادلة في المنزل وفي الدرسة فقد أطلق تهديده حيث بدا على مستوى من الجدية حتى بالنسبة لوالديه.
رابع محاولة تمرد قام بها فيديل هي تزوير بطاقة علاماته المدرسية وتلك ورائها قصة طريفة حيث وأنه بسبب قيامه بإجراء جراحي(إزالة الزائدة الدودية) فقد إضطر للغياب عن الكثير من الحصص الدراسي في مدرسة (Colegio de Dolores) والتي أرسل إليها من مدرسته السابقة وكلاهما يتبعان الرهبة اليسوعية. الأسرة المستضيفة له أثناء فترة دراسته طالبته بالحصول على أعلى الدرجات حيث أن (Dona Carmen) زوجة مالك المنزل رجل الأعمال (Mazora) كانت سعيدة بان أحد الطلاب المقيمين لديها في المنزل يدرس في تلك المدرسة اليسوعية والتي كانت تعتبر مدرسة للطلاب الأثرياء وأبناء الطبقات الراقية بينما هي وزوجها كانا يعتبران من الطبقة المتوسطة حيث كان زوجها يملك متجرا في المدينة  يدعى (La Muneca). زوجة صاحب المتجر قامت بتهديد فيديل بأنه إن لم يحصل على الدرجات المطلوبة فإنها سوف تقوم بحرمانه من مصروفه الأسبوعي البالغ خمسة سينتافوس(Centavos) والتي كان يقوم بشراء مجلة أرجنتينية كارتونية ساخرة تدعى (El Gorrion). فيديل كان مؤمنا بعد إمكانية حصوله على الدرجات المطلوبة لغيابه بسبب الجراحة عن الكثير من الحصص الدراسية وتغيير المدرسين والكتب المدرسية والبيئة المحيطة به بشكل عام.
مرت خدعة فيديل بسلام وقبلت زوجة صاحب المنزل تبريرات فيديل. المشكلة أن فيديل بسبب ظروف المرض والضغوطات المتواصلة التي تعرض لها من قبل فقد كانت سبب تمرده للمرة الرابعة وكسر كل القوانين التي كانت تضعها زوجة مالك المنزل(Dona Carmen) مما أدى إلى إرساله مرة اخرى إلى مدرسة داخلية كعقوبة له. كان فيديل راضيا عن تلك العقوبة فلم يحاول الإحتجاج عليها فقد أصبحت لديه خبرة بالإقامة في المدارس الداخلية.
لقد كان فيديل شاهدا في طفولته على الكثير من ممارسات الرأسمالية السيئة والتي تركت أثارها على كل نواحي الحياة في كوبا فهو لم يولد متمردا بل تمرد في المنزل وفي المدرسة بسبب سواء المعاملة وغياب العدالة. وقد كان يشاهد مظاهر حياة يومية في مسقط رأسه في بيران(Biran) لعمال حفاة, يبدو عليهم الجوع ويعيشون في ظروف حياتية مزرية حيث كانوا يعملون لصالح الشركات الأمريكية في زراعة وحصاد قصب السكر. كان الكثير منهم يأتون لوالد فيديل يطلبون مساعدة من نوع ما حسبما يتذكر فيديل فقد كان والده مالكا لمساحات شاسعة من الأراضي ولكنه لم يكن أنانيا أو متسلطا بأي شكل من الأشكال.
لقد كان فيديل كاسترو ممتنا للظروف الحياتية التي عاشها والتجارب التي مر بها والبيئة المحيطة به حيث تدرج خطوة خطوة بالتحول من مرحلة الطفولة إلى مرحلة التمرد وحتى في وقته الحالي فإنه يبقى ذالك المتمرد متسلحا بالمزيد من التجارب التي مر بها والخبرات التي إكتسبها طوال تلك السنين.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية

النهاية

Sunday, December 4, 2016

الإعلام في ظل إنتشار الإنترنت ومواقع التواصل الإجتماعي

وسائل الإعلام الرئيسية سوف تجد أنفسها عاجزة عن المنافسة في عالم الإنترنت والإتصالات وثورة المعلومات خصوصا بالمقارنة مع وسائل التواصل الإجتماعي من ناحية السرعة في نقل الأخبار وحصريتها. تويتر وهو أحد منصات التواصل الإجتماعي وأحد أهم وسائل الدعاية والإعلان تمنح مستخدميها القدرة على كتابة تغريدات قصيرة وإرفاق روابط بدون المرور بالعملية التقليدية التي تمر بها عملية نقل الخبر في وسائل الإعلام المختلفة. الفيسبوك وسناب تشات وإنستجرام تحتل مكانتها كوسيلة غير تقليدية لنشر الأخبار. إن المثل بأن الوقت من ذهب من الممكن تطبيقها بحرفيتها فيما يتعلق بالعمل الإعلامي بالمجمل حيث السرعة في نقل الأخبار تعد عاملا رئيسيا. ولكن البعض سوف يذكرون أن تلك السرعة سوف تكون على حساب المصداقية حيث أن عملية نقل الأخبار في الوسائل الإعلامية التقليدية تمر بعملية تمحيص وتدقيق أو هكذا تزعم تلك المحطات. الوسائل الإعلامية الأجنبية او العربية على حد سواء تزعم الإشتراك في ذالك وأن المصداقية والشفافية هي المعايير التي يعتمدها بينما العكس هو الصحيح فالمعايير التي يتم بناء عليها إختيار الأخبار والأنباء وإبرازها تحمل إزدواجية وتخضع لمعايير سياسية وليس للشفافية أي علاقة بطريقة عملها.
الوسائل الإعلامية التقليدية سوف تفقد سيطرتها وتأثيرها على الجمهور ولكن ليس لتلك الدرجة التي يتخيلها البعض حيث سوف ينقسم ولائهم مناصفة بينها وبين منصات كتويتر وفيسبوك. المحطات الإخبارية على وجه الخصوص تحاول التعويض بدخولها وإنتشارها في مواقع التواصل الإجتماعي حيث تعمل تلك المواقع مرادفا للطريقة التقليدية في بث الأخبار.
المراسلون الصحفيون هم من أكبر المستفيدين من ثورة الإتصالات والمعلومات خصوصا في نقل الأخبار الحصرية والعاجلة من أماكن قد تكون بعيدة عنهم ألاف الأميال بدون المخاطرة في الذهاب إليها وتعريض حياتهم للخطر حيث من الممكن الإعتماد على مصدر محلي وإستخدام منصات التواصل الإجتماعي أو حتى مواقع مشاركة الفيديوهات مثل يوتيوب. كما أنه في المستقبل سوف تكون هناك منصات تستخدم نظام التشفير(Encryption) لحماية مصادرها ومعلوماتها. ويكليكس هو أحد تلك المنصات وهناك عشرات المنصات الأخرى التي تبرعمت وفق نفس طريقة العمل التي يتبعها ويكليكس وبعضها سوف يكون تابعا لمنظمات غير حكومية(NGO).
إن بروز تقنيات التشفير وإستخدامها في مجالات العملات الإلكترونية كالبيتكوين أدى أيضا إلى بروز مايدعى (VPN – الشبكات الإفتراضية الخاصة – Virtual Private Network) وإعتماد عدد متزايد من الوسائل الإعلامية على تلك الشبكات للقيام بنقل وتبادل الأخبار والمعلومات مع الحفاظ على السرية والخصوصية.
مواقع مشاركة الفيديوهات ومنصات التواصل الإجتماعي قللت من الإعتماد على وسطاء في نقل الأخبار حيث من الممكن لنجوم السينما والغناء إستخدام تلك المنصات لإطلاق خدمة إخبارية خاصة بهم تتمتع بالمصداقية وتستأثر بقطاع عريض من المتابعين بما يجلبه ذالك من منافع خصوصا العوائد الإعلانية.
في عالم ثورة الإتصالات والتكنولوجيا فإن الحفاظ على الخصوصية وسرية المعلومات تمثل تحديا للشركات والأفراد. شركات مثل غوغل ومايكروسوفت وأبل تحاول تطوير أحدث الأدوات للحفاظ على سرية معلومات زبائنها ويترك لهم كيفية إستخدامها.
شركة سوني تعرضت لمحاولة إختراق حيث تمت سرقة معلومات عن حسابات حوالي 47 ألف موظف وتسببت إحراجا كبيرا للشركة حيث إحتوت رسائل بريد إلكتروني متبادلة بين موظفي الشركة تعليقات سلبية وعنصرية بحق شخصيات سياسية ونجوم في هوليود كأنجيلينا جولي. كما أن شبكة ألعاب سوني للكمبيوتر تعرضت للإختراق حيث تم سرقة معلومات من حسابات المستخدمين كبطاقات الإئتمان.
خدمة تخزين البيانات السحابية التابعة لشركة أبل تعرضت أيضا للإختراق وتم نشر معلومات من حسابات عدد كبير من المستخدمين منهم نجوم في هوليود وتضمنت صورا خاصة وشخصية تسببت لهم بإحراج كبير.
وعلى الرغم من مستويات الأمان العالية التي تتمتع بها مواقع شبكات التواصل الإجتماعي ولكنها مازالت تمثل هدفا حيث تعرضت لهجمات تؤدي أحيانا لإبطاء الموقع أو تعطيله لفترة زمنية مؤقتة أو سرقة حسابات فردية ونشر معلومات مغلوطة.
موقع فيسبوك هو الأكثر شهرة بين شبكات التواصل الإجتماعي يثار حوله الجدل بين فترة وأخرى لمشاكل متعلقة بخرقة لخصوصية حسابات مستخدميه ومشاركة معلوماتهم مع شركات تسويق ودعاية وكذالك إعدادت الخصوصية التي يرى البعض أنها تجعل من الصعب على المستخدم التحكم في الحجب الكامل لمعلوماته وبياناته من عدمه.
هناك مشكلة تواجه كل من يمتلك جهاز حاسوب أو كمبيوتر محمول أو لوحي حيث يشاع على نطاق واسع فاعلية طريقة حذف المعلومات الحالية بإرسالها إلى سلة المهملات(Recycle Bin) أو إستخدام خيار المسح(Delete). ولكن ذالك ليس إلا عبارة عن وهم حيث تعرف تلك المشكلة بإسم(Data Remanence) ويمكن إستعادة الملفات عن طريق برامج معينة حيث من الصعب حذفها بشكل نهائي إلا في حالة إعادة الجهاز إلى حالته المصنعية(Manufacture setting).
إن التقدم في تكنولوجيا الحماية المستخدمة في الخدمات السحابية المختلفة كغوغل وأبل وغيرها سوف تؤدي إلى زيادة نسبة المستخدمين لتلك الخدمات وبالتالي فإن ذالك سوف يؤثر على العالم الإفتراضي في المستقبل مقارنة بخدمات التخزين التقليدية حيث تعني خدمات التخزين السحابية السرعة وتوفير الوقت والتكاليف التي تترتب على الخدمات التقليدية.
يعتبر جيلنا الحالي أول جيل يعيش في عصر من الممكن إطلاق إسم(Indelible Information Age - عصر المعلومات الغير قابلة للمسح). إن ذالك يعني أنه حتى مكالمات الرئيس الأمريكي يتم تسجيلها وكذالك إيميلاته ويحق للعامة تقديم طلب للإطلاع عليها بموجب قانون التسجيلات الرئاسبة(Presidential Records Act).
في المستقبل فإن هناك الكثير من حواجز الخصوصية سوف تتساقط خصوصا مع الضغوطات التي تتعرض لها شركات الإنترنت والهواتف المحمولة بالسماح لها حرية الوصول إلى معلومات المستخدم تحت ذرائع مختلفة لعل أهمها مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة. شركة أبل خاضت صراعا قضائيا مع الأجهزة المختصة في الولايات المتحدة بخصوص عدم السماح بفك تشفير هاتف أيفون إس-5(S5) عائد للإرهابي سيد فاروق الذي نفذ هجوما في أحد مدن ولاية كالفورنيا بالإشتراك مع زوجته. الأجهزة المختصة في الولايات المتحدة إستعانت بأحد الخبراء في فك التشفير ودفعت له مبلغا ماليا كبيرا حيث نجح في كسر شيفرة الهاتف والإستحواذ على الملفات التي بداخله. كما أن الحكومة الأمريكية تستعد لفتح معركة قضائية مع شبكة فيسبوك التي تمتلك تطبيق واتساب بخصوص تقنية التشفير التي بدأت بتطبيقها مؤخرا.
الكثير من مستخدمي الإنترنت سواء عبر أجهزة الكمبيوتر المكتبية أو اللوحية أصبحوا أكثر وعيا في محتوى المواد التي يتشاركونها مع الأخرين أو يقومون بنشرها عبر الشبكة العنكبوتية لأنه لايمكن التحكم بنوعية المتابعين لتلك المواد. حمزة الكشغري هو خير مثال على ذالك فرغم حذفه للتغريدات المثيرة للجدل بعد ستة ساعات من نشرها وهروبه إلى ماليزيا إلا أنه تمت إعادته للسعودية ومثل أمام الجهات القضائية المختصة حيث طالب الكثيرون بمحاكمته بتهمة التجديف.
هناك الكثير من التطبيقات والشركات التي سوف يكون نشاطها الرئيسي متعلقا بخدمات التخزين السحابية وكلها تزعم إمتلاكها الحل لمشكلة الخصوصية وحفظ سرية البيانات والمعلومات الشخصية ولكن ذالك لم يكون إلا سبب في المزيد المشاكل حيث أن خبراء فك الشيفرات يطورون مهاراتهم ويقومون بتحديثها دوريا مع تقدم وتطور تقنيات التشفير التي تستخدمها تلك الشركات.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية

النهاية

كيف أعاقت الحروب التي تعرضت لها الصين مسيرة التنمية والإصلاح؟

إن سنة 2010 حملت أنباء سعيدة للقيادة والشعب في الصين حيث إحتلت مركزا كثاني أكبر إقتصاد عالمي حيث تجاوز الناتج المحلي الإجمالي في الصين نظيره الياباني مما يشير إلى تحول كبير في ميزان القوى السياسية والإقتصادية والإجتماعية على المستوى العالمي وسلامة النهج الإقتصادي للحكومات الصينية المتعاقبة. وبينما قامت وسائل إعلامية دولية مختلفة بنشر ذالك الخبر, فإن نظيرتها في الصين إلتزمت سياسة عد لفت الأنظار بل وذكرت أن الناتج المحلي الإجمالي للصين يساوي 1\10 من نظيره في اليابان.
الإعلام سلاح ذو حدين وهو يعد حاليا من حروب الجيل الرابع خصوصا عبر وسائل التواصل الإجتماعي وتأثير تجنب لفت الأنظار يمكن إستغلاله لإفقاد الصينيين الثقة بحكومتهم ونموذج التنمية الصيني بما يكون له إنعكاسات خطيرة خصوصا من الناحية النفسية وإضعاف همة المواطنين وتفشي السلبية بينهم. فهناك في الصين إتجاهان في التعامل مع النهضة الإقتصادية الصينية, الإتجاه الاول يفضل سياسة تجنب لفت الأنظار بينما الطرف الثاني يتبع سياسة التهميش والتقليل من قيمة الإنجازات التي تحققت حيث يستدل بهزيمة الصين في حرب الأفيون مع بريطانيا على الرغم من أن الصين إحتلت المركز الأول على مستوى العالم من ناحية حجم إقتصادها.
إن الطريقة التي يفهم بها النموذج الصيني للتنمية وكافية الإحصائيات والتقييمات المتعلقة به سوف تتغير بحساب عاملين إثنين, العامل الأول هو نظرية تعادل القوة الشرائية(PPP) بينما العامل الثاني يتعلق بإمتلاك منزل أو بشكل عام مايطلق عليه أصول ثابتة.
إن نظرية تعادل القوة الشرائية(PPP - Purchasing Power Parity) لا تعتمد أسعار الصرف الرسمية بسبب التباين بين سعر صرف العملات المختلفة بالإرتفاع أو الإنخفاض ولكن التقديرات السنوية التي تبني معاهد الأبحاث الغربية تقييمها للصين تقوم على أساس تلك النظرية. وبالرجوع لتلك النظرية فإن الناتج المحلي الإجمالي(GDP) للصين تجاوز فعليا اليابان سنة 1992 وإقتصاد إثنتي عشرة دولة أوروبية سنة 2009 والولايات المتحدة سنة 2015.
إن المواطن الصيني يمتلك أحد أقوى التقاليد المتعلقة بشراء منزل في العالم إن لم يكن اقواها وبالتالي نسبة إمتلاك منازل عالية مما يرفع القيمة الصافية للأسرة الصينية والتي هي الأصول الإجمالية للأسرة من عقارات وأسهم وسندات ومدخرات مطروحا منها الديون الإجمالية للأسرة.
القيمة الصافية للأسرة الأمريكية بلغت سنة 2010 ماقيمته 84000 دولار أمريكي منخفضة بسبب الأزمة المالية 2007\2008 بما نسبته 25% تقريبا عن قيمتها سنة 2004 والتي بلغت 93000 دولار أمريكي بحسب إحصائيات بنك الإحتياطي الفيدرالي الأمريكي.
إن سعر صرف الدولار الأمريكي يساوي 6.37 يوان وبالتالي فإن 84000 دولار أمريكي تساوي 535000 يوان و 93000 دولار أمريكي تساوي 593000 يوان وخلال ذروة الإنتعاش الإقتصادي سنة 2007 وقبل حلول أزمة الرهون العقارية والكساد الإقتصادي فإن القيمة الصافية للأسرة الأمريكية بلغت 150 ألف دولار أمريكي أو مليون يوان. إن ربع(25%) الأسر الصينية أو حوالي 100 مليون أسرة تمتلك قيمة صافية 535000 يوان و 593000 يوان. إن التقدم الذي حققته الصين من ناحية مراكمة الثروات حتى بالنسبة للمواطن العادي خلال الثلاثين سنة الماضية يعد أمرا مثيرا للإعجاب والدهشة.
المشكلة التي يعاني منها من ينظرون للإقتصاد الأمريكي بإيجابية مفرطة وأنه إقتصاد مثالي وأنه خلف شاشات الإعلام والمديح المنمق, إقتصاد قائم على المضاربات والمنتجات المالية المشكوك بأمرها وكذالك الدين المفرط حيث أن المواطن الأمريكي معتاد على الإستهلاك بالدين. الصين قادرة على التحول لأكبر سوق إستهلاكي في العالم إذا تمكنت من تحقيق مستوى معتدل للإستهلاك بالدين بالإعتماد على الأصول الضخمة للأسر الصينية بما يؤدي إلى موجة إنتعاش إقتصادي غير مسبوقة على المستوى العالمي.
إن الصين قد تعرضت عبر تاريخها لعمليات تدخل أجنبي وغزو كلفتها الكثير من الأرواح والموارد الإقتصادية على الرغم من كونها دولة مسالمة. خسارة الصين لحرب الأفيون بينها وبين قوى أوروبية منها بريطانيا سببها أن الصين وعلى الرغم من كونها صاحبة أكبر إقتصاد عالمي في ذالك الوقت إلا أنها كانت دولة هشة بحكومة مركزية ضعيفة وبجيش يفتقر إلى التدريب والتسليح الحديث على العكس من بريطانيا التي كانت دولة إدارية حديثة وجيش يعتمد على أحدث الأسلحة والتقنيات العسكرية. العبرة ليست بالعدد أو بالمساحة فدولة بحجم البرتغال سيطرة على مساحات أراضي أضعاف مساحة البلد الأم ودولة بحجم بريطانيا وبلا مبالغة حكمت ربع العالم.
ولم تكد الصين تستفيق من تداعيات خسارتها حرب الأفيون الأولى والثانية حتى قامت اليابان بغزو الصين إثر خلاف حول كوريا. وفي سنة 1900 قام مايعرف بتحالف الدول الثمانية بغزو الصين فيما إشتهر على تسميته بثورة الملاكمين التي قامت ضد النفوذ والتدخل الأجنبي والحكومة المحلية الفاسدة. في الحرب اليابانية\الصينية الأولى أجبرت الصين على دفع مايعادل 230 مليون تايل من الفضة بما يعادل دخل الصين لمدة ثلاثة سنوات كغرامة لصالح اليابان التي إستخدمتها في تحديث جيشها وصناعتها. وفي إثر غزو الدول الثمانية للصين فقد أجبرت على دفع 450 مليون تايل فضة كغرامة لبريطانيا بدون حساب الغرامات التي أجبرت على دفعها للدول الأخرى والتنازلات التي قدمتها. في عام 1931 إندلعت الحرب اليابانية\الصينية الثانية حين قامت اليابان بغزو مقاطعة منشوريا حيث يعد بعض المؤرخين ذالك هو البداية الفعلية للحرب العالمية الثانية حيث تجاوز عدد الضحايا الصينيين أكثر من 18 مليون بما يرفع التقديرات النهائية لعدد ضحايا الحرب العالمية الثانية إلى 85 مليون تقريبا.
إن الحرب العالمية الثانية لم تكن أخر الحروب التي عانت من ويلاتها الصين وأخرت عملية التنمية والتقدم فيها ولكن من الملاحظ أنه خلال الحرب الكورية بين عامي 1950 و 1953 فإن الصين والتي كانت في بدايات تكوين الدولة(جمهورية الصين الشعبية) إثر إنتهاء الصراع الداخلي حول توحيد الصين بإنتصار الحزب الشيوعي الصيني, فإنها لم تكن لقمة سائفة للقوات الأجنبية وكبدتهم خسائر بالغة وأفشلت مخططاتهم في السيطرة على شبه الجزيرة الكورية على هامش مايعرف بالحرب الباردة.
في عصرنا الحالي فإن الصين قد حققت تقدما مذهلا في كافة المجالات خصوصا المجالات الإقتصادية والتقليل من مستوى الفقر وذالك بسرعة قياسية وخلال ثلاثين عاما فقد قامت بتحسين مستوى حياة المواطنين بطريقة أفضل من كثير من الدول النامية وإنجاز ثورة صناعية إستغرقت دولا أوروبية مئات السنين حيث تجاوز حجم الإقتصاد الصيني نظيره في اليابان وفي طريقه للتفوق على الولايات المتحدة من ناحية حجم الإقتصاد إن لم يكن قد تفوق عليه فعليا سنة 2015 وتلك إنجازات لايمكن إنكارها وعلامة بارزة حيث يؤثر تقدم وتطور مسيرة التنمية فيي الصين على التنمية على مستوى العالم.
النهاية