Flag Counter

Flag Counter

Sunday, May 28, 2017

كيف يتم إستخدام النفط كأداة لتحقيق السيطرة الإجتماعية على الشعوب؟

الإرتفاع المفاجئ في أسعار النفط إثر الحظر النفطي سنة 1973 والذي وصل لمستوى 400% كان له هدفان, الأول وهو ثانوي يتلخص بدعم الدولار الأمريكي الذي فقد 40% من قيمته منذ التخلي عن إتفاقية بريتون-وودز سنة 1971. بينما الهدف الثاني وهو رئيسي ويتجاوز الولايات المتحدة ليؤثر على مستوى معيشة ورفاهية سكان العالم. يمكن تلخيص الهدف الرئيسي بربط إنخفاض أو إرتفاع مستوى معيشة السكان حول العالم بإمدادات الطاقة وتوفرها من عدمه.
براء الإختراع لتلك الفكرة, إستخدام النفط كسلاح إجتماعي ضد الشعوب, تمنح لماريون هوبرت المعروف بالملك(Marion King Hubbert) حيث تعود جذور تلك الفكرة التي تقدم بها لأهم الشخصيات المؤثرة في مراكز صنع القرار سنة 1938.
والسؤال ماهو الهدف من إستخدام النفط كسلاح إجتماعي أو وسيلة للسيطرة الإجتماعية على الشعوب؟
قد تبدو تلك الإشكالية بالنسبة للبعض مجرد كلام بدون معنى وانه لا مصلحة لمن يجنون الثمار الحقيقية للنمو الإقتصادي العالمي من التسبب بالخسارة لأنفسهم.
دعوني أقوم بتبسيط الأمر, قد يكون هناك تناقض في المصالح بين عالم السياسة وعالم الإفتصاد. لا نستطيع بإستمرار أن تفسر لناخبينا ومواطنينا لماذا على دافع الضرائب أن يتحمل تكلفة مخاطر معينة وليس أولئك الذي قاموا بجني الكثير من المال من وراء تلك المخاطر(أنجيلا ميركل-المستشارة الألمانية-قمة العشرين-باريس 2011).
من يتمعن في تصريح المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في قمة الدول العشرين(G-20) والتي عقدت في فرنسا فسوف يستوعب أن من يجنون ثمار النمو الإقتصادي ليسوا هم من يدفعون الثمن في حال هبوط المؤشرات الإقتصادية فالتلاعب بتلك المؤشرات يهدف إلى تحقيق أكبر قدر من السيطرة على الشعوب.
القضاء على فكرة الحلم الأمريكي أو الحلم بالرخاء والإزدهار الإقتصادي المستمر على المستوى العالمي هو الهدف من إستخدام النفط كسلاح إجتماعي. إشغال الشعوب بشكل عام وبطريقة مدروسة عن طريق كافة الوسائل الإعلامية بندرة الموارد وخصوصا النفط سوف تمكن فئة معينة من جني أرباح هائلة وتبقي الشعوب مشغولة ومقيدة فكريا وإجتماعيا وإقتصاديا تمتنع عن السؤال والتفكير فيمن يقف وراء التلاعب بالإقتصاد العالمي والذي أصبح مرتبطا من الناحية النظرية على الأقل بندرة أو توفر النفط كمصدر رئيسي للطاقة.
ماريون هوبرت نفسه لم يأتي بنظريته من فراغ بل إستفاد من كتابات رجل الكنيسة وخبير الإقتصاد السياسي الإنجليزي توماس مالتوس(Thomas Malthus) الذي وضع نظريته سنة 1779م بخصوص الكارثة القادمة وإنحدار مستوى المعيشة لدرجة الكفاف في حال تجاوزت الزيادة السكانية الحد الأعلى للإنتاج الزراعي القادر على توفير سبل البقاء والإستقرار لتلك الكتلة السكانية. ماريون هوبرت قام بإستبدال الإنتاج الزراعي بالنفط والزيادة السكانية بالنمو الإقتصادي(موارد متوفرة - إنخفاض أسعار الطاقة - نمو إقتصادي - زيادة سكانية - إرتفاع الإستهلاك  - ندرة الموارد - إرتفاع أسعار الطاقة - تقلص عدد السكان) بدلا من (زيادة الإنتاج الزراعي - زيادة الكتلة سكانية - زيادة الإستهلاك - تقلص الكتلة السكانية, تقلص الإستهلاك). شركات إنتاج الأغذية المعدلة وراثيا دخلت في مرحلة لاحقة وإستفادت من تلك النظريات للترويج لمنتجاتها بصفتها تقدم الحل السحري لمواكبة النمو السكاني ولكن المشكلة أن الكثير من مساحات الأراضي التي من المفترض انها مخصصة لإنتاج الأغذية للإستهلاك البشري تحولت لإنتاج أغذية معدلة وراثيا لإطعام الماشية وإنتاج وقود الإيثانول وهو أحد أكبر المحاولات العبثية لإيجاد مصادر للطاقة البديلة حيث فصلت ذالك في موضوع بعنوان (هل سوف تقوم الولايات المتحدة بالتخلي عن الإيثانول-٨٥ سنة ٢٠١٤؟) لمن يريد الإستزادة والمزيد من المعلومات بخصوص إشكالية الإيثانول وصلاحيته كوقود بديل عن النفط.
ساحة المعركة بشكل رئيسي في البداية هي وسائل الإعلام حيث تهدف الحملات الإعلامية التي تتم في إطار تلك النظريات لترسيخ مفهوم المجتمعات المستدامة والتنمية المستدامة ثم يأتي دور الأدوات المالية كعقود المستقبليات والمشتقات وبيع وشراء الأسهم في البورصات المختلفة والتي هي عبارة عن عمليات تلاعب تهدف لإقناع العامة بمعلومات مضللة يتم نشرها في وسائل الإعلام المختلفة. مثال بسيط هو الإنخفاض الذي حصل في سعر برميل النفط في الفترة الأخيرة حيث يرى بعض المختصين أنه نتيجة تلاعب في عقود المستقبليات المتعلقة بالنفط(Futures) لأن إنخفاض السعر حصل بطريقة مفاجئة وبدون مقدمات ولم يكن بشكل تدريجي فالنمو الإقتصادي في الصين لم ينخفض 70% بين ليلة وضحاها أو أن الولايات المتحدة تحولت فجأة لدولة مكتفية ذاتيا من النفط بل وتستعد لدخول السوق كدولة مصدرة. الصين تستعد لأحد أكبر عمليات التحول الإقتصادي في التاريخ لرفع مستوى القوة الشرائية لمواطنيها والتخلي عن نموذج الدول التي تعد مصدرا للعمالة منخفضة الأجر والبضائع الرخيصة والولايات المتحدة تمكنت من زيادة إنتاجها من الغاز بفضل مايعرف بتقنية (Fracking) قتحولت الكثير من الأنشطة من إستهلاك النفط لإستهلاك الغاز.
الإنخفاض أو الإرتفاع المفاجئ في سعر النفط فيه الكثير من الدعاية الإعلامية وعمليات التلاعب بعقود المستقبليات والقليل من الحقيقة ولكن على أرض الواقع فهو قد تحول من أداة لتحقيق رفاهية وتقدم الشعوب إلى وسيلة للسيطرة عليها.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية

النهاية

Sunday, May 21, 2017

ماهو الدور الذي تلعبه المنظمات الغير حكومية فيما يتعلق بأجندات تقليص النمو السكاني؟

الشعوب التي تلهث وراء لقمة العيش ودخلها الذي يتناقص بإستمرار بسبب التضخم وغلاء الأسعار وغارقة بالدين بسبب ذالك, فإنها أقل إحتمالية لكي تقوم بالتمرد أو حتى مجرد التفكير بذالك.
أحد الأدوات التي تم إستخدامها بفعالية هي المنظمات الغير حكومية (NGO) والتي كانت ومازالت اداة لتمويل الإضطرابات والثورات في مناطق مختلفة من العالم خصوصا مايطلق عليه الربيع العربي وتمرير أجندات للإيحاء بأنها تتمتع بالقبول والشعبية. أحد الميزات التي تتمتع بها المنظمات الغير حكومية هو أنها مستثناة من الضرائب والمراقبة عليها ضعيفة نوعا ما حيث يلجأ المسؤولون عنها إلى البكاء لوسائل الإعلام بحجة التضييق على الحريات في حال حاولت الحكومات تطبيق القوانين المتعلقة بمصادر تمويلها.
الهدف الرئيسي لتلك المؤسسات الغير حكومية(NGO) المرتبطة بكبريات الشركات النفطية ومعاهد التفكير والأبحاث هو الحد من النمو السكاني في دول العالم الثالث خصوصا في أفريقيا وأسيا وأمريكا اللاتينية. إن الدعاية لتلك الغاية بإستخدام الوسائل المرئية والمسموعة والمقروئة وإستهداف دول كالصين, الهند, البرازيل أو في الوطن العربي السعودية ومصر يحقق مجموعة أهداف مستقبلية تصب كلها لصالح الشركات الكبرى والعملاقة.
أول تلك الأهداف هو الحد من القوة الشرائية والإقتصادية التي يتمتع بها السوق الداخلي لتلك الدول وتقليص البدائل في حالة الأزمات الإقتصادية. دول مثل الصين والهند بتعدادها السكاني الهائل تشكل سوقا واسعا ومربحا لكافة انواع الشركات والخدمات والحد من النمو السكاني سوف يقلص أعمال الشركات المحلية لصالح الشركات العالمية الكبرى والتي تتمتع بأفضلية خصوصا في المجال التكنولوجي وتوفرها على رأس المال. سوف يكون الإتجاه في الصين في المستقبل هو رفع القوة الشرائية للمواطنين وقيمة العملة الصينية وذالك بهدف الإستفادة من النمو المستمر للسوق الداخلية الواعدة. تخيلوا مصير الصين أو الهند في حال كان تعداد سكان الكرة الأرضية 500 مليون؟
ثاني تلك الأهداف هو سهولة التعامل مع كتلة سكانية أقل حجما وذالك على المستوى العالمي. أجندات النمو السكاني لا تستهدف دولا مثل أيسلندا أو اليونان أو إسبانيا وهي دول تعاني أصلا من معدل ولادات منخفض وتكاد تشرف على الإنقراض حضاريا وإقتصاديا لولا المهاجرين إليها خصوصا من دول مثل المغرب العربي وشمال أفريقيا. تلك الأجندات تستهدف دولا مثل الصين والهند ومصر التي تتمتع بفائض سكاني من الذكور على حساب الإناث وهو يعد خللا ديمغرافيا من وجهة نظر مختلفة لها تبعات إجتماعية ولكن في الوقت نفسه تنظر إليها دوائر صنع القرار في الغرب ومعاهد التفكير والأبحاث نظرة قلقة.
ثالث تلك الأهداف هو تقليص الكتلة العسكرية التي من الممكن أن تدافع عن السيادة الوطنية لتلك البلدان في وجه الهجمة الشرسة من قبل كبريات الشركات العالمية التي لن تسمح بخروج تلك الأسواق المربحة من نطاق عملياتها التجارية. الصين تمتلك أكبر قوات عسكرية عاملة في العالم حيث يبلغ تعداد القوات البرية لوحدها مايزيد عن 1.6 مليون مقاتل.
المفهوم الرئيسي لأجندات المنظمات الغير حكومية أن البشر ملوِّثون وقد قام هنري كيسنجر مستشار الأمن القومي الأمريكي بتقديم مذكرة(NSSM-200, National security study memorandum 200) والتي كانت بعنوان(Implications of Worldwide Population Growth for U.S. Security and Overseas Interests)(تأثير النمو السكاني العالمي على أمن الولايات المتحدة ومصالحها وراء البحار - دراسة الأمن القومي - إن إس إس إم 200) والتي جعلت تقليص النمو السكاني على المستوى العالمي وللمرة الأولى أولوية للسياسة الخارجية الأمريكية.
كانت النخب الحاكمة والأسر التي كانت مسيطرة على حركة التجارة ورأس المال حول العالم قلقة من نزعة عالمية قد تتبلور بالتسائل عن تلك الأسر النخبوية وكيفية سيطرتها وتحكمها بكميات هائلة من الأموال في حالة إستمرار الإزدهارالإقتصادي والتنمية الإقتصادية لفترات زمنية طويلة بدون أزمات وكوارث إقتصادية وسياسية وإجتماعية لإشغال السكان حول العالم عن التفكير بالكيفية التي تمكنت بها مانسبته 1% من السكان من السيطرة على أكثر من 50% من الثروات في العالم.
هناك أدوات أخرى تعد فعالة وتم إستخدامها في الفترة التي سبقت الأزمة النفطية سنة 1974 ومازالت مستمرة إلى وقتنا الحالي مثل مؤتمر التغيير المناخي(The Climate Change Summit) ومؤتمر الأرض(Earth Summit) والذي بدأ بالإنعقاد في العاصمة السويدية ستوكهولم سنة 1972 وهيئة المحافظة على البيئة(1001-ِ A nature trust) والتي قام بتأسيسها الأمير الهولندي بيرنهارد(Prince Bernhard of Lippe-Biesterfeld) الذي يعد مؤسس مايعرف بإجتماعات بيلدبيرغ(Bilderberg) والراعي الرئيسي لتلك المؤسسة.
هيئة المحافظة على البيئة(1001-ِ A nature trust) والذي يعتبر الأمير الهولندي بيرنهارد(Prince Bernhard of Lippe-Biesterfeld) مؤسسها سنة 1961 حيث تحوم حوله شبهات حول عضويته في الحزب النازي الألماني يتم توجيه الدعوات سنويا وبطريقة حصرية للتباحث حول دعم مايعرف بالصندوق العالمي للحياة البرية(WWF-World Wild Fund) حيث صرح العضو المؤسس بيترماركهام سكوت(Sir William Markham Scott) بأن السكان هي المشكلة الأكبر التي يعاني منها العالم وأنه يتوجب وضع حد أعلى لسقف النمو السكاني العالمي.
العالم برأيهم كان مليئا بالفقراء ممن لاتسمح لهم دخولهم بالإنفاق وتسبب ذالك بهبوط مداخيل الشركات مما إضطرها لخفض التكاليف عبر تقليص كلفة الأيدي العاملة سواء بالإستغناء عنهم أو تخفيض رواتبهم. الرأي العام كان لايسمح مثلا بإرتكاب مجازر علنية من أجل تخفيض التعداد السكاني للحدود الدنيا المطلوبة فكان لابد من تمرير تلك الأجندات بطريقة أخرى لا تلفت الأنظار ولا تثير الإنتباه.
الأمير فيليب والذي كان يشغل في تلك الفترة مدير الصندوق العالمي للحياة البرية في كلمته للمنتدي الإقتصادي العالمي في مدينة دافوس السويسرية سنة 1986 أن التعداد السكاني يجب أن تتم معاملته كقطيع الخراف الذي يمكن التحكم به من ناحية العدد.
إن كل ماسبق ذكره هو محاولات لتبرير أجندات سياسية لها علاقة بالسيطرة والتحكم بالموارد تحت مسمى المحافظة على البيئة وترشيد الإستهلاك خصوصا في مجال الطاقة حيث يتحول ذالك إلى وسيلة لإستخدامها للسيطرة على المستوى المعيشي بشكل عام وفرض حالة من التقشف.
بعض دعاة الحفاظ على البيئة ممن يستخدمون تلك الدعوات كستار لأجندات تستهدف بلدانا معينة قد ذهبوا في تطرفهم بعيدا حين قاموا بالترويج لإنهيار الدول الصناعية كحل لمشكلة الإحتباس الحراري. أحد هؤلاء هو كندي يدعى موريس سترونج(Maurice Strong) وهو من أشهر المشتغلين في مجال النفط في كندا وقد تولى منصب رئيس مؤتمر الأرض التابع للأمم المتحدة في العاصمة السويدية ستوكهولم سنة 1972. وتحضيرا للمؤتمر المنعقد سنة 1972 والذي كان موريس سترونج رئيسه فقد قام بالطلب تأليف كتاب (Only one earth: The care and maintenance of a small planet) من أحد أعضاء الهيئة التدريسية في جامعة روكفلر رينيه ديوبس(Rene Dubos) وباربارا وورد(Barbara Ward) الناشطة البريطانية في مايعرف (Carnegie Foundation) وهو أحد معاهد الأبحاث الأمريكية. الكتاب تم الترويج له بوصفة صيغ بعناية فائقة وإحتوى كما غزيرا من المعلومات والتقارير مثل تلك التي ذكرت في كتاب (حدود النمو-The Limits of growth) ونتائج إجتماعات نادي روما ومؤسسة الحياة البرية العالمية من أن سكان الأرض هم السبب الرئيسي للتلوث(People Pollute) وكان كبريات الشركات الصناعية التي تصب مخلفات إنتاجها في البحار والأنهار والبحيرات ليس لها أي علاقة بالتلوث البيئة الذي نعاني منه.
بحلول سنة 1976 تم إستغلال الفراغ السياسي الذي حدث إثر إنتهاء حرب فيتنام حيث تم ملئ ذالك الفراغ من قبل معاهد تفكير وأبحاث وجمعيات إستغلت الفرصة لملئ الفراغ من قبل شبان وشابات يبحثون عن قضية تستحق النضال من أجلها من وجهة نظرهم.
التمويل المقدم لتلك الجميعات ومعاهد الأبحاث الموجودة والتي تكون قيد الإنشاء مصدره كبريات شركات النفط والطاقة وذالك أمر قد يثير الإستغراب ولكن من المعلوم أن تلك الشركات هي المستفيد الأكبر من الأجندات التي تتصدرها تلك الجميعات والمؤسسات وخصوصا الأرباح التي تحققها بسبب التلاعب بأسعار النفط بذريعة ندرتها وتناقصها الكميات المستخرجة منها بإستمرار.
تلك الجميعات والمعاهد بدأت في تركيز هجومها الإعلامي على الصناعة والدول الصناعية خصوصا في الأوساط الشبابية حيث تم الترويج للدول الصناعية بأنها الشر بعينة والنمو السكاني تم تشبيهه بأنه سرطان يهدد الكرة الأرضية بأكملها.
التلوث مشكلة حقيقية وموجودة وهي بالتأكيد تهدد صحة الإنسان وخصوصا التلوث الناجم عن عوادم السيارات والتي بنيت أغلبها بدون أي مواصفات فنية لتقليل التلوث ولكن إعتبار التلوث هو السبب الرئيسي في مشكلة الإحتباس الحراري فتلك فبركات إعلامية يتم الترويج لها تحت ستار الحفاظ على البيئة.
في كتاب الثورة العالمية الأولى (The First Global Revolution) فقد إعترف مؤلفة أليكساندر كينج(Dr. Alexander King) العضو المساعد في تأسيس نادي روما(Club Of Rome) ومؤسس نادي(The 1001: A Nature Trust) بما يلي:
(في بحثنا عن عدو جديد يوحدنا فقد خطرت في بالنا فكرة التلوث, الخطر الناجم من الإنحباس الحراري, نقص المياه والمجاعة وأن تلك الأفكار كافية لتحقيق أهدافنا. كل تلك الأخطار ناجة عن التدخل البشري وأنه يمكن التغلب عليها من خلال تغيير سلوكنا وتصرفاتنا. العدو الحقيقي في تلك الحالة هو الإنسانية نفسها).
وقد يتسائل البعض عن الهدف من كون الشركات الأكثر مساهمة في تلويث البيئة والتي تستمر في ممارسة تلك السلوكيات تقوم بتمويل جمعيات لمكافحة تلك الظاهرة وخصوصا أن لها تأثيرات متعلقة بإنخفاض النمو في الدول الصناعية؟
الجواب هو السيطرة على قطاع الطاقة وعلى رأسها النفط حيث يتسترون بتلك الأجندات والأهداف الإنسانية التي يزعمون تحقيقها للسيطرة على دول بأكملها.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية
النهاية

Sunday, May 14, 2017

ماهي التحديات التي تواجه الأفراد والشركات في ظل ثورة الإنترنت والإتصالات؟

قامت أوروبا بالإستثمار بالبنية التحتية خصوصا المواصلات العامة حيث لايحتاج المواطنون الأوروبيون حتى ممن يملكون سيارة خاصة بهم لإستخدامها إلا في الحالات الضرورية لإمتلاكهم خيارات نقل عام متنوعة. على العكس من أوروبا فقد قامت الولايات المتحدة على وجه الخصوص بالإستثمار في الطرق السريعة حيث تم صرف مليارات من أموال دافعي الضرائب لربط المدن الأمريكية بشبكة واسعة من الطرق بداية من سنة 1956 في عهد الرئيس الأمريكي أيزنهاور حيث تمت تسمية المشروع بقانون الطرق الخارجية(Interstate Highway Act)  والذي تمحور حول بناء 41 ألف ميل من الطرق السريعة وربط أي مدينة عدد سكانها 50 ألف أو يزيد بتلك الشبكة من الطرق بالإضافة إلى توسيع عدد من الطرق القائمة. الشخص الذي قام بتقديم ذالك المشروع للرئيس الأمريكي كان ليوكس.د.كلاي(Lucius D Clay) أحد أعضاء مجلس إدارة شركة جنرال موتورز للسيارات.
في سنة 2008 قام الأمريكيون بقيادة سياراتهم مسافة 83 مليون ميل في الربع الأول من تلك السنة مقارنة بنفس الفترة من سنة 2007 كما زادت نسبة ركوب وسائط النقل العامة المتوفرة بنسبة 5%. يخطئ الكثيرون حين يظنون أن رفع أسعار النفط سوف يؤدي بمواطني الدول المتأثرة إلى التخلي عن سياراتهم بشكل جماعي بل سوف يتم ترشيد المسافة المقطوعة وزيادة إستخدام وسائل النقل العامة. المشكلة هي عدم جاهزية البنحية التحتية في أغلب مدن أمريكا الشمالية وبلدان أخرى مثل أستراليا ونيوزيلندا للدورة الإقتصادية القادمة التي سوف يرتفع فيها سعر وقود السيارات ويكلف ملئ خزان سيارة عادية 100 دولار أمريكي بما سوف يجبر الكثير من المواطنين على إستخدام الباصات وخطوط المترو والسكة الحديدية.
تعتبر مدينة ديترويت الأمريكية في نظر الكثيرين مدينة صناعة السيارات في العالم كما أنها في فترة العشرينيات كانت إحدى المدن التي تمتلك أفضل بنية تحتية في مجال النقل في العالم مؤلفة خصوصا من عربات النقل الكهربائية(Trolleybus) . في الفترة حتى نهاية الحرب العالمية الثانية سنة 1945 فإن وسائط النقل العامة في مدينة ديترويت كانت تسجل حركة نقل مواطنين بنسبة إستخدام مليون مرة في اليوم. في العشرة سنين اللاحقة فإن ذالك النظام الذي كان يعتبر من أشهر مظاهر تلك المدينة قد تمت إحالته للتقاعد.
في سنة 1920 فقد كان العالم يبدو, وحتى أقرب الصورة, كما لو ان سعر برميل النفط 100 دولار, مواطن من بين عشرة في الولايات المتحدة يمتلكون سيارة و90% من التنقلات تتم بواسطة وسائط النقل العام. الكثيرون كانوا يظنون أن مبيعات السيارات كانت متدنية بسبب تشبع الأسواق وشركات صناعة السيارات تخسر أموالا طائلة. الحل كان بإيجاد أسواق جديدة أو طريقة جديدة لتصريف الإنتاج فشركة جينرال موتورز مثلا تصنع السيارات والباصات وليس القطارات والعربات الكهربائية. لم تكن شركة جينرال موتورز هي الوحيدة المستفيدة من زيادة مبيعات السيارات بل شركة نفط كاليفورنيا(Standard Oil of California) وشركة إطارات السيارات فايرستون(Firestone) كانتا أيضا من أكبر المستفيدين.
البداية كانت سنة 1930 وإستمرت حتى سنة 1956 حين أقر الرئيس الأمريكي قانون (Interstate Highway Act). الحرب العالمية الثانية كانت سببا في إيقاف أو تأجيل عملية إحلال وإستبدال وسائل النقل العامة خصوصا عربات(Trolleybus) بالسيارات والباصات بسبب الحاجة إلى الوقود لظروف الحرب مما لايسمح بتوفير ذالك الكم الهائل للإستهلاك المدني. قام تحالف مؤلف من الشركات الثلاثة بإنشاء شركة خطوط المدينة الوطنية(National City Lines) سنة 1936 حيث تفرعت عنها شركة أخرى هي شركة خطوط المدينة الباسيفيكية(Pacific City Lines) وشركة أخرى تدعى شركة الخطوط المدنية الأمريكية(American City Lines) سنة 1983. تلك الشركات الثلاثة قامت وعبر طرق نظامية أو ملتوية وبإستخدام الرشوة وأساليب الضغط المختلفة بشراء خطوط العربات الكهربائية وشركات السكة الحديدية في أكثر من 1000 بلدية(مدينة) أمريكية حيث تم تحويلها لإستخدام المركبات التي تعمل على الوقود السائل. تلك العملية إمتدت حتى كندا ولكن بوتير أقل سرعة حيث لاتزال بعض خطوط العربات الكهربائية تعمل في مدن مثل تورنتو والتي تعتبر عاصمة ولاية أونتاريو الكندية. الحكومة الأمريكية قامت بدورها مساندة لتحالف الشركات الثلاثي حيث قامت بفرض ضريبة مجهود حربي على تذاكر السكة الحديدية والعربات الكهربائية(Trolleybus).
تلك الأساليب الإحتيالية أثارت إنتباه هيئة قضاة فيدرالية سنة 1949 والتي أدانت شركة جينرال موتورز والشركات المتحالفة معها بالإحتيال والتلاعب بخصوص إيقاف شركة خطوط السكة الحديدية في مدينة لوس أنجلوس عن العمل كما أن لجنة فرعية للتحقيق في التلاعب والإحتكار أدانت سنة 1974 شركة جينرال موتورز بخصوص الإستيلاء على خطوط العربات الكهربائية بغرض إيقافها عن العمل. المشكلة أنه في سنة 1974 لم يتبقى خطوط عربات كهربائية عاملة في الولايات المتحدة حيث تم بيعها للمكسيك والتي على الرغم من تقادمها قامت بالعمل بكل كفائة  حتى تم تدميرها في الزلزال الذي ضرب العاصمة المكسيكية سنة 1985.
هناك في الولايات المتحدة حوالي 57 مليون شخص يشكلون نصف العدد الإجمالي من الأمريكيين ممن يمتلكون سيارة واحدة على الأقل في نفس الوقت الذي يتمكنون فيه من إستخدام وسائل النقل العامة ومن بين هؤلاء 57 مليون يتوقع أن يستجيب 12 مليون منهم لإرتفاع أسعار الوقود بمحاولة إيجاد بدائل كالمشي للعمل الذي يستغرق في المتوسط 30 دقيقة أو إستخدام وسائل المواصلات العامة المتوفرة. كما أنه هناك 24 مليون أسرة لايزيد دخلها السنوي عن 25 ألف دولار وتمتلك سيارة واحدة على الأقل بينما هناك 10 ملايين أسرة من أصل 25 مليون وتمتلك سيارتين. من يستطيع شراء أنواع السيارات الفارهة التي تتميز بالشراهة في إستهلاك الوقود مثل الفيراري واللمبرجيني لن يشكل إرتفاع أسعار الوقود لديه أي مشكلة بينما تلك الأسر التي دخلها لايزيد عن 25 ألف دولار سنويا فهي التي سوف تشكل الفرق, أسرة من أصل خمسة سوف تجد نفسها مضطرة إلى ركن سيارتها أو أحدهما في حال إمتلاك إثنتين. بالنسبة لتلك الأسر فإن المسألة هي إما شراء الطعام أو مستلزمات الحياة الضرورية أو ملئ خزان وقود السيارة. في سنة 2008 فإن فاتورة إنفاق تلك الأسر على الوقود قد تجاوزت إنفاقها على شراء حاجيات الطعام والشراب. ولكن على الرغم من محاولة الكثيرين تقليص الأميال المقطوعة بواسطة مركباتهم بين سنتي 2004-2008 بسبب إرتفاع أسعار الوقود, فإن المبيعات قد إزدادت خمسة أضعاف.
إن القدرة على إستخدام وسائل النقل العامة في الولايات المتحدة تتوزع على النحو التالي: 75% في المدن, 50% في الضواحي و25% في الأرياف. في الضواحي حيث الكثافة السكانية قليلة فإن الجدوى الإقتصادية من إستخدام قطار الأنفاق منخفضة وحتى باصات النقل العامة لا تعد مجدية حيث تنعدم الخدمات مثل مراكز التسوق والدوائر الحكومية.
سوف يكون من الصعب على الكثيرين التكيف مع الإرتفاع المتوقع في أسعار الوقود فحتى من يسكنون في المدن الكبرى ولديهم القدرة على إستخدام وسائل النقل العامة أو الذهاب في رحلة قصيرة سيرا على الأقدام لشراء الحليب مثلا من بقالة مجاورة فإنه سوف يكون من الصعب التخلي كليا عن السيارة والتي قد تكون مربحة حين إستخدامها في شراء البقالة الشهرية للمنزل أو إصطحاب الأطفال للنزهة.
إن وصول أسعار الوقود لمبلغ 7 دولارات للجالون سوف يجعلها تتجاوز بسهولة مستوى الأسعار أثناء أزمة الحظر النفطي في السبعينيات. سوف يجبر ذالك الكثيرين على إعادة التفكير في نمط الحياة الذي سوف يتبعونة وإعادة ترتيب أولوياتهم.
سنة 1982 كانت علامة فارقة في تاريخ صناعة السيارات حيث كانت أخر سنة تكون المبيعات منخفضة عن مستوى 10 ملايين سيارة في الولايات المتحدة. مشكلة شركات السيارات والتي تتخذ من مدينة ديترويت مركزا لعملياتها هي بيست إنخفاض عدد المبيعات السنوية تحت مستوى 10 ملايين سيارة سنويا خصوصا في حالة كان الإقتصاد يمر بفترة ركود, بل عدم عودة المستوى الطبيعي للمبيعات بعد التعافي الإقتصادي والتي في الكثير من الحالات تكون متلازمة مع إرتفاع في أسعار الوقود.
وكما نعلم فإنه كل سنة هناك عدد من السيارات سوف تحال للتقاعد إما بسبب إنتهاء عمرها الإفتراضي وتكلفة الصيانة المرتفعة أو بسبب كونها من الأنواع التي تستهلك كميات كبيرة من الوقود. حاليا فإن ذالك المعدل يبلغ في الولايات المتحدة 13 مليون سيارة تقريبا بما يعني أنه هناك 13 مليون سيارة جديدة سوف يتم شرائها كل سنة ولكن ماذا لو كان عدد السيارات المباعة 10 مليون مقابل 13 مليون محالة للتقاعد؟ إن ذالك يعني 3 ملايين سيارة أقل تسير على الطرقات كل سنة وهناك 3 ملايين شخص قرروا التخلي عن وجود السيارة في حياتهم والتكيف مع الواقع الجديد.
ليس كافة الشركات السيارات سوف تتأثر بإنخفاض المبيعات بنفس النسبة حيث تعد شركات مثل دايملر كرايسلر والتي تقوم بتصنيع الشاحنات الخفيفة من بين أكثرها تأثرا بإنخفاض مبيعات قد يصل إلى 70%.
ليست الولايات المتحدة هي البلد الوحيد الذي تنخفض فيه مبيعات السيارات بنسبة قد تصل إلى 41%, ففي بريطانيا إنخفضت الطلبات المقدمة لتسجيل السيارات الجديدة بنسبة وصلت إلى 22% ونفس الشيئ في أستراليا. في كندا إنخفضت مبيعات السيارات بنسبة 28%, اليابان 32%-35% وألمانيا 14%.
صناعة السيارات تمر حاليا بأزمة جعلت بعض الشركات على حافة الإفلاس إثر الأزمة الإقتصادية العالمية 2007-2008 حيث تم تقديم حزمة دعم تبلغ 25 مليار دولار في الولايات المتحدة, 40 مليار يورو لشركات صناعة السيارات الأوروبية. أما في كندا فقد قامت شركات السيارات بالتهديد لنقل مصانعها وألاف الوظائف للخارج في حال لم تحصل على حزمة إنقاذ حكومية مماثلة والتي بلغت 4 مليارات دولار. وفي نهاية سنة 2008 أعطى الكونجرس الأمريكي موافقته على منح شركتي جينرال موتورز وكراسيلر 17 مليار دولار لمنع إنهيار الشركتين.
النفط يكون رخيصا عندما يكون الشخص قادرا على تعبئة خزان سيارته بالوقود بدون أن يضطر لإعادة ترتيب ميزانيته الشهرية. المستهلكون يجدون أنفسهم غير مضطرين للتخلي عن شاحناتهم وسياراتهم التي تستهلك كميات كبيرة من الوقود بدون مواجهة مستوى أسعار 7 دولار للجالون. وفي النهاية حتى مع توجهات الحكومة الأمريكية لجعل حزمات المساعدة لشركات السيارات مرتبطة بإنتاج مركبات أكثر كفائة في إستهلاك الوقود, فإن المستهلك في النهاية هو من يقرر نوعية السيارات التي يرغب في شرائها.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية
النهاية

Sunday, May 7, 2017

كيف تم إستخدام مفاهيم المجاعة والإكتفاء الذاتي لتحدي الطبيعة والحد من الجنس البشري؟

تخرج علينا وسائل الإعلام يوميا وبلا إنقطاع تتحدث عن عدد سكان الأرض الذي يزداد بإضطراد حتى تعدى حاجز 7 مليارات نسمة وكيف أن الكرة الأرضية سوف تكون عاجزة عن توفير وسائل العيش الكافية لإطعام ذالك العدد الكبير وأنه يجب الحد من النمو السكاني وهناك من يتحدث عن تقليص عدد سكان الأرض لتعداد 500 مليون نسمة. التحذير من الكوارث الطبيعية خصوصا المجاعة هو السمة الغالبة لتلك الحملات الإعلامية.
المجاعة ليست كارثة طبيعية بل هي من صنع الإنسان الذي مازالت محاولاته مستمرة لتحدي الطبيعة وقوانينها التي وضعت من أجل التوازن بين مختلف مكونات الحياة على وجه الكرة الأرضية.
يتم يوميا إنلاف كميات هائلة من الطعام إما بدفنها في مقالب القمامة أو إلقائها في البحر كما أن حكومات دول عديدة تقوم بإلقاء فائض إنتاجها من الحبوب والقمح على وجه الخصوص في البحر للمحافظة على مستوى سعري معين وذالك بدلا من التبرع بها لإطعام الجياع في دول مختلفة خصوصا دول في أفريقيا وأسيا. كما أن مساحات الأراضي التي تزرع لإطعام البشرية تتأكل لصالح إنتاج الأغذية المعدلة وراثيا المخصصة لإطعام الحيوانات وإنتاج الوقود الحيوي أو المعروف بإسم إيثانول-85(E-85) والذي هو مشروع فاشل بكل المقاييس والمعايير. إسائة إستخدام أو توزيع الموارد هو سبب أخر من أسباب المجاعة حيث أنه يؤدي إلى إرتفاع أسعارها وعجز محدودي الدخل أو حتى معدومي الدخل ممن يعيشون على دولار واحد يوميا من توفير حاجياتهم الأساسية منها.
مثال بسيط على إسائة توزيع الموارد هو مادة القمح والتي تصنف على أنها من السلع الحيوية والهامة والتي من المفترض حصر أولوية إستخدامها بالأساسيات وهي صنع رغيف الخبز على إختلاف أنواعه وأشكاله وذالك في سبيل أن تتوفر المادة بأسعار مقبولة في الأسواق العالمية. في العالم المليئ بالجشع والأنانية فإن من يمتلكون الثمن ليدفعوا من أجل إستخدام تلك السلعة في أمور غير أساسية وغير ضرورية كصناعة الحلويات الفاخرة هم السبب في إرتفاع أسعار المادة وإنخفاض الكميات المخصصة للإستخدامات الأساسية وبالتالي التسبب بالمجاعات وسوء التغذية وليس إرتفاع عدد سكان الأرض.
القمة الهزلية للإنسانية الغربية المزعومة وجمعيات الرفق بالحيوان التي من الممكن أن تقوم بالتلاعب بالرأي العام بخصوص أسائة معاملة القطط والكلاب أو تقوم بحملة إعلامية بشأن حمار مريض في الجهة المقابلة للكرة الأرضية بينما لا تحرك ساكنا بخصوص مئات الملايين من الحيوانات على إختلاف أنواعها التي يساء معاملتها في مزارع لاتتوفر فيها أدتى الشروط الإنسانية حيث يتم حجز الأبقار في أقفاص ضيقة المساحة حيث بالكاد يسمح لها بالوقوف كما أن الأوضاع في مزارع الدجاج ليست بأفضل حالا.
سنة 1910 كانت هي السنة التي وضعت أحد اللبنات الأساسية لما يسمى الزراعة الصناعية(Industrial Farming) حيث إكتشف إثنان من العلماء الألمان كيفية تحويل النيتروجين المتوفر بكثرة في الغلاف الجوي إلى أمونيا والتي تعد مكونا أساسيا في الأسمدة الصناعية والمتفجرات(T.N.T).
وفي الفترة التي تلت الحرب العالمية الثانية فإن بعض الدول خصوصا بريطانيا قد تعلمت الدرس المتعلق بالإكتفاء الذاتي بطريقة قاسية حيث تسبب نشاط البحرية الألمانية خصوصا الغواصات في تقليص الإمدادات الغذائية للحد الأدنى حيث إضطرت الحكومة البريطانية إلى فرض نظام حصص غذائية والقيام بحملة إعلامية من غايتها حث المواطنين على ترشيد إستهلاكهم.
في سنة 1947 صدر القانون الزراعي في بريطانيا والذي تضمن تمويلا حكوميا في سبيل مايسمى الإنتاج المكثف(Mass production) بإستخدام أحدث ماتوصل إليه العلم تقنيات الإنتاج بإستخدام الألات والمنتجات الصيدلانية والمواد الكيميائية. في سنة 1933 صدر قانون المزارع(Farm Bill) في الولايات المتحدة على إثر فترة الكساد الإقتصادي التي تلت أزمة 1929 وتضمن دعما حكوميا للمزارعين وشراء فائض الإنتاج بأسعار مجزية منعا لهبوط سعره مما اعطى دورا أكبر للحكومة التحكم بالكيفية التي يتم فيها إنتاج طعام المواطن الأمريكي. كما أن مصانع إنتاج الأمونيا والتي تعد أساسية في صناعة الذخائر الحربية قد تم تحويلها لإنتاج السماد الصناعي. المبيدات الحشرية التي تم إستخلاصها من مخزون غاز الأعصاب المستخدم كسلاح كيميائي تم إستخدامها ضد الحشرات والأعشاب الضارة. طرق إنتاج جديدة فيما يشبه بداية مايعرف بالأغذية المعدلة وراثيا قد تم إخراجها إلى حيز الوجود خصوصا محصول الذرة والذي يتم إستخدامه بشكل رئيسي في سبيل إطعام حيوانات المزارع الصناعية. الإنتاج النوعي مفهوم أصبح في غياهب النسيان وتم إستبداله بمفهوم أخر وهو الإنتاج الكمي لتلبية حاجات السوق بغض النظر عن جودة المنتج.
مفهوم الإنتاج الكمي صاحبته سلبيات كثيرة منها الترخيص بإستعمال المضادات الحيوية على الحيوانات للتغلب على الأمراض التي بدأت بالظهور والإنتشار بسبب إبقاء عدد كبير من الحيوانات في تلك المساحة الضيقة. كما أن إستعمال الهرمونات أصبح شائعا لتسريع نمو الحيوان مما أدى إلى وصول الحيوانات لمرحلة الإستهلاك في فترة قياسية. تلك الفترة بالنسبة للدجاج قد لاتتعدى ستة أسابيع مقارنة بفترة 12 أسبوعا سابقا.
في المناطق الريفية في الولايات المتحدة وبريطانيا على وجه الخصوص فقد إختفت تلك النوعية من المزارع المختلطة حيث يزرع أكثر من نوع من النحاصيل مداورة وتربية عدد من الحيوانات ليحل محله مزارع متخصصة بإنتاج نوع معين من المحاصيل بمساعدة الأسمدة الصناعية أو تربية نوع محدد من الحيوانات. هرمونات النمو والمضادات الحيوية أصبحت تستخدم بكثافة مما ادى مع مرور الوقت إلى ظهور بكتيريا وفيروسات مقاومة لأقوى المضادات الحيوية ليس في الحيوانات فقط بل في الإنسان.
مستشارون زراعيون متخصصون وبتكليف حكومي بدأوا بزيارة المزارعين في مناطق الريف البريطاني لتقديم النصيحة لهم بالتحول إلى الزراعة الصناعية والمتخصصة وإلا فإنهم سوف يواجهون الإندثار. العملية بغاية البساطة فبمجرد توقيع المزارع للعقد فإنه يستطيع شراء صغار الحيوانات سواء الأبقار أو الدجاج والطعام المخصص لها من شركات متخصصة ثم تربيتها وبيعها لنفس الشركات التي تمتلك اماكن متخصصة تقوم بالتعامل مع تلك الحيوانات ومن ثم تسويقها.
السياسية الزراعية المشتركة للإتحاد الأوروبي (CAP - Common agricultural policy) والتي خرجت إلى حيز الوجود سنة 1962 تحولت إلى أحد أكبر البنود في ميزانية الإتحاد الأوروبي حيث تلتهم سنويا في وقتنا الحالي مايقرب 50 مليار يورو سنويا من أموال دافعي الضرائب على شكل إعانات مالية للمزارعين. في الولايات المتحدة تبلغ الإعانات السنوية المخصصة للمزارعين 30 مليار دولار تقريبا حيث يتم تخصيص 75% منها للمزارع التي تمتلكها الشركات الزراعية الضخمة الأكثر نفوذا وهي لا تعد 10% من إجمالي عدد المزارع كما أن نسبة كبيرة من ذالك الدعم يتم تخصيصه للشركات التي تقوم على إنتاج محصول الذرة المخصص كعلف للحيوانات وإنتاج الوقود الحيوي.
مؤخرا بدأ الوضع بالتحسن حيث تم منع إسائة معاملة الأبقار في الإتحاد الأوروبي بحبسها في أقفاص ضيقة كما تم حظر إستخدام مادة (DDT) عالميا حيث كانت تعد من أسوأ أنواع المبيدات المستخدمة في الزراعة. دول مثل الدانيمرك والسويد والنرويج تعد رائدة في سن قوانين لمنع إسائة معاملة حيوانات المزارع وخصوصا الدانيمرك المشهورة بمزارع الأبقار ومصانع إنتاج الزبدة حيث تحاول بعض وسائل الإعلام الضغط لتغيير رأي عام واعي تشكل عبر عشرات السنين وعبر التجربة والخبرة ولكن حتى هذه اللحظة فهي لم تحقق نجاحات تذكر على الأقل في الدول الإسكندنافية بشكل عام. كما أن فرنسا أصدرت مؤخرا قانونا يحظر على محلات السوبرماكت والطاعم والمدارس إلقاء الطعام الصالح للأكل والزائد عن الحاجة في القمامة وحيث أجبرت مثلا محلات السوبرماركت على توقيع عقد مع جمعيات خيرية التي تقوم بتوزيع ذالك الطعام على المحتاجين.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية
النهاية