Flag Counter

Flag Counter

Sunday, December 24, 2017

لماذا يجب علينا إستعادة التوازن لحياتنا وإنقاذ كوكب الأرض؟

نتعرض يوميا وبشكل مكثف لكافة انواع الدعاية المتعلقة بالعادات الغذائية للإنسان التي تستخدم عامل الخوف كأسلوب رئيسي من أجل الوصول لغاياتها التسويقية. المسألة الوحيدة التي لا تتحدث عنها تلك الدعايات المضللة هي أسلوب الحياة المتوازن سواء في مأكلنا أو في مشربنا وفي حياتنا بشكل عام وحاجتنا إلى إستعادة ذالك التوازن من أيدي شركات صناعة الأغذية والأدوية التي تبيعنا المرض والعلاج في الوقت نفسه مدعومة بشركات الدعاية والإعلان التي تقاوم كافة الضغوط المتعلقة بمحاولة تحديد نطاق عملها والأساليب التي تستخدمها في الدعاية لمنتجات زبائنها. خلال العصور الغابرة, كان أجدادنا يمارسون حياتهم بطريقة متوازنة خصوصا في عاداتهم الغذائية ويعمرون طويلا متمتعين بموفور الصحة والعافية. إن أحد مجالات الدعاية التي أعتبرها مضللة نوعا ما هو المتعلق بالحمية الغذائية النباتية والإنقطاع الكامل عن كافة المنتجات الحيوانية كاللحوم بأنواعها والبيض والحليب. المشكلة في تلك الدعاية هي أنها لا تتضمن تفسيرات منطقية للصحة والعمر الطويل الذي يتمتع بهما سكان مناطق مثل الأسكيمو الذي يعيشون في القطب المتجمد الشمالي وتعتمد حميتهم الغذائية على اللحوم خصوصا الفقمة والأسماك والدببة القطبية. إن أولئك السكان يعيشون حياتهم بشكل طبيعي متوازن مع البيئة الطبيعية المحيطة بهم فلا صيد جائر ولا قتل الحيوانات من أجل المتعة. أو لا يقدمون تفسيرات للصحة الجيدة التي يتمتع بها سكان الصحراء من البدو رغم حميتهم الغذائية التي تقتصر على منتجات اللحوم والحليب ومشتقاته والتمر.
الحمية الغذائية التي تعتمد المنتجات النباتية تكون على نوعين: النوع الأول وهو مايطلق عليه نباتي(Vegetarian) والنوع الثاني هو خضري(Vagan). وإن صحت الترجمة وأعتذر مقدما عن أي خطأ في المصطلحات فإن الفرق بين الحميتين هو أن من يتبع أسلوب الحمية النباتي ليس عليه إلا أن يمتنع عن تناول منتجات اللحوم على مختلف أنواعها الحمراء كلحوم الأبقار والأغنام, والبيضاء كلحوم السمك بينما يمكن ان يستمر في تناول منتجات كالحليب والبيض, بينما في الحمية الخضرية, يتوجب الإمتناع عن تناول أي مادة غذائية لها علاقة مباشرة أو غير مباشرة بمنتج أي نوع من أنواع الحيوان كالأبقار والأغنام وغيرها. المشكلة أن علماء من الذين ينتمون لجميع الأطراف ذات العلاقة كل ينشر أبحاثه في مواقع ومجلات علمية ويزعم أنه على صواب. إن البحث المعمق في مصادر تمويل تلك الدعاية سوف يكشف كيف أن شركات الأغذية والأدوية والنفط والتكتلات الصناعية تقف وراء تمويل تلك الأبحاث في الجامعات والمراكز العلمية في ما يشبه الحروب التجارية. إن البحث في تلك المسألة يماثل تماما البحث في مسألة التغير المناخي والإحتباس الحراري حيث لم ولن يتفق الأطراف المتخاصمون حول تلك المسألة فهم يقفون على طرفي نقيض: الطرف الأول تمثله منظمات الدفاع البيئة التي تحولت إلى نوع من المنظمات البيروقراطية التي يحتوي كادرها الوظيفي على أشخاص لا يؤمنون بحماية البيئة بل بالترقي الوظيفي والراتب المرتفع بينما على الطرف الأخر شركات النفط والصناعات الكيميائية وغيرها من المصالح الصناعية.
إن الفرصة قد اتيحت لي للقرائة والإطلاع في ذالك المجال فقد قمت بكتابة عدد من المواضيع في ذالك المجال حذرت فيه من المخاطر الصحية لعاداتنا الغذائية المبنية على القيم الإستهلاكية وعدم إحترام الطبيعة والإسائة إلى الحياة الطبيعية. إن الغوص في تفاصيل العلاقة بين طيف واسع من المنظمات التي تهتم بأمور كالبيئة والصحة العامة وبين شركات صناعة الأغذية وشركات النفط سوف تكشف أن الطرف الأول يتلقى تمويلا من مؤسسات الطرف الثاني حيث يفترض عدم حصول ذالك بسبب تعارض الأجندات(Conflicts of Interest). ولذالك لن تجد مناصري الحمية الخضرية يخصصون مساحة واسعة من نشراتهم لإدانة ممارسات المزارع الجماعية التي تعتمد على المحاصيل المعدلة جينيا والمبيدات الحشرية بشكل مكثف يقضي على أي شكل من أشكال الحياة الطبيعية في تلك المناطق. كما أنك لن تجد مناصري الحمية النباتية ينتقدون مثلا أمورا متعلقة بطرق إنتاج الحليب والبيض. كما أنه شركات إنتاج اللحوم والمنتجات الحيوانية كالبيض والحليب تقوم بشن حملات إعلامية تهدف إلى إقناع المستهلكين بضرر التقليل من إستهلاكهم للحوم فما بالكم بالموقف الذي سوف تتخذه تلك الشركات ضد الدعاية التي تدعو للإمتناع عن تناولها. إن لي رأي شخصيا هو أن تناول جميع المنتجات في توازن لن يضر بصحة الإنسان على العكس تماما لأن تكامل العناصر الغذائية وتنوع مصادرها ينعكس بشكل إيجابي على حياتنا وحياة أطفالنا. هناك أبحاث وأوراق علمية يتم نشرها تتحدث عن الأثار السلبية للحمية المنخفضة الكربوهيدرات على المدى الطويل وأنها قد تتسبب في أنواع من مرض السرطان بينما تناقضها أوراق علمية وأبحاث أخرى تزعم أن النقص في البروتين الذي ينتج من الإمتناع عن تناول اللحوم لا يمكن تعويضه من مصادر نباتية.
ولو نظرنا إلى الأمر بواقعية لوجدنا أننا نعيش في دائرة مغلقة فيما يتعلق بعاداتنا الغذائية, لا مكان للهرب. النباتات ملوثة بالمبيدات الحشرية وهناك إنتشار للطعام المعدل جينيا(GMO). لحوم الحيوانات خصوصا الأبقار مليئة بهرمونات النمو والمضادات الحيوية. الحليب هو عبارة عن هرمون نمو لا يصلح للإستهلاك الأدمي حتى في أفضل الأحوال لأنه غذاء أساسي للعجول الصغيرة حيث يسبب نموها في فترة زمنية قياسية مقارنة بالإنسان. وحتى تكتمل الدائرة فإن كوكبنا مهدد بالفياضانات والكوارث الطبيعية التي نتجت عن الإحتباس الحراري والتغير المناخي. ولكن البعض يعتبر أن الكوارث الطبيعية وموجات الجفاف ليس لها علاقة بالتغير المناخي والإحتباس الحراري لأنهما مجرد كذب وخداع, الولايات المتحدة إتهمت الصين بأنها تقف وراء الحملة الإعلامية المتعلقة بتلك المصطلحات بهدف الحفاظ على أفضلية تنافسية لصادراتها مقارنة بالولايات المتحدة. إن مجرد إطلاق تلك الإتهامات هو محاولة لإستخدام تلك الظواهر لأهداف سياسية ولكن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أثبت أنه جاد في تصريحاته خلال حملته الإنتخابية حيث إنسحب من إتفاقية باريس 2015 للمناخ بذريعة أن التغيير المناخي هو خدعة لمنع الشركات الأمريكية من النمو وتحقيق المكاسب. ولكن أين تكمن الحقيقة؟ مرة أخرى سوف أعبر عن رأي شخصي بأننا فعلا نعاني من ظواهر كالتغير المناخي والإحتباس الحراري ولكنها لم تصل للمستوى التي تتحدث عنه وسائل الإعلام ومنظمات حماية البيئة حيث أن من يسمتع ويتابع عمل تلك المؤسسات ليتخيل إليه أن العالم سوف يغرق غدا بسبب إرتفاع مياه البحر نتيجة ذوبان الجليد في القطبين الشمالي والجنوبي. سوف أذكر مثالا بسيطا, مع العلم بتوفر أمثلة أخرى كثيرة, على إسائة إستخدام مفاهيم الإحتباس الحراري والتغيير المناخي, وهو أن حكومة جزر المالديف تقوم بإجبار المواطنين على إخلاء جزر معينة ومناطق تشرف على البحر بذريعة تعرضهم لخطر الغرق بسبب إرتفاع منسوب المياه بينما تقوم في الوقت نفسه بمنح تصاريح بناء منتجعات وفنادق فاخرة لشركات سياحية في نفس تلك المناطق.
إن الإنسانية تعاني من مشكلة أخلاقة تكاد توصل الجنس البشري إلى حافة الهاوية فيما يتعلق بتاّكل المنظومة الأخلاقية التي تحافظ على بقائه. إننا كأفراد شركاء في الجريمة حيث نقوم بإلقاء كميات هائلة من المأكولات في القمامة لمجرد أننا مصابون بداء الإستهلاك بدون سبب واضح حيث نقوم بالشراء زيادة عن حاجتنا وكأننا نريد الإستحواذ على أكبر كمية ممكنة وحرمان الأخرين وإعتبار ذالك إنجازا نفتخر به. الحكومات تقوم بإلقاء كميات كبيرة من المواد الغذائية خصوصا الحبوب في البحر للحفاظ على سعر مرتفع لها بدلا من التبرع بها للجائعين في أفريقيا ودول أخرى. إن من يبحثون عن إنقاذ منظومة الرأسمالية والتي يعتبرونها أنها تمثل رمزية بقاء الجنس البشرية ونجاته خلال الأزمات القادمة قد أضاعوا البوصلة في بحث عن الأسباب الحقيقة التي تقف وراء إنهيار تلك المنظومة. فالبعض يرى أن الرأسمالية تعاني من مشكلة التوزيع بينما يرى البعض أنها تعاني من مشكلة الإنتاج بينما يدعو البعض الأخر إلى تقليص عدد سكان الأرض إلى 500 مليون نسمة وذالك سوف يكون كافيا لإنقاذ الرأسمالية. إن مشكلة الرأسمالية هي عبارة عن مشكلة أخلاقية لأن الجفاف والتصحر والفقر الذي تعاني منه بلدان أفريقية وأسيوية سببه أنانية وجشع المجتمعات التي إبتليت بداء الإستهلاك الزائد عن الحاجة والجشع والرغبة في الإستحواذ لمجرد الإستحواذ على كميات زائدة عن الحاجة من مواد أساسية كالقمح بينما هناك من يعاني النقص ويكون في أمس الحاجة إلى كل حبة قمح فائضة عن الحاجة. إن موارد الكرة الأرضية تتعرض للإبتزاز بشكل متسارع بسبب الثقافة الإستهلاكية والأنانية وحب الذات التي كانت الرأسمالية هي السبب الرئيسي في تعزيز تلك المفاهيم بل وإخراج بعضها إلى حيز الوجود.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية
رابط الموضوع على مدونة علوم وثقافة ومعرفة
الرجاء التكرم بالضغط على رابط الموضوع بعد الإنتهاء من قرائته لتسجيل زيارة للمدونة
النهاية

No comments:

Post a Comment