Flag Counter

Flag Counter

Saturday, March 10, 2018

الرأسمالية والعولمة, سقوط الأقنعة

لم يكن هناك يوم في حياتي أسعد من اليوم الذي أقرأ أو أشاهد خبرا عن إغلاق مؤسسة من التي يطلق عليها الشركات العابرة للقارات أو العابرة للحدود(Trans National). اليوم هو أحد تلك الأيام حيث الأخبار والتقارير الصحفية تشير إلى أن شركة متاجر الألعاب تويز أر أص(Toys 'R' Us) سوف تتم تصفيتها الأسبوع المقبل وتغلق جميع متاجرها في الولايات المتحدة أبوابها وبالتالي بداية تصفية الشركة على مستوى العالم. وحتى نعي ونفهم حجم تشابك العلاقات والأعمال التجارية في عصر العولمة وإتفاقيات التجارة الحرة فيكفي أن نعلم أن شركة تويز أر أص(Toys 'R' Us) هي أخر شركات ترويح الألعاب العملاقة(Mega Store) أو لنكن أكثر وضوحا الإحتكارية وإحتمال تصفيتها الأسبوع المقبل قد أثر على أسهم عدد من شركات تصنيع الألعاب خصوصا شركتي Hasbro التي هبطت أسهمها 3.5% وشركة Mattel التي هبطت أسهمها 7%. وحتى شركات الألعاب الصغيرة كشركة Jakks Pacific الكندية هبطت قيمة أسهمها 5%. خسائر بعض شركات الألعاب كانت مضاعفة كشركة الألعاب العملاقة ليجو(Lego) والتي جائت تلك الأخبار في توقيت غير مناسب خصوصا مع معاناة الشركة في وقت مبكر من هاذا الأسبوع لأول هبوط في مبيعاتها خلال ثلاثة عشرة عاما.
هناك نقطة لا بد من المرور بها ولو سريعا وهي أن إغلاق شركة متاجر الألعاب تويز أر أص(Toys 'R' Us) ليس نهاية الرأسمالية أو إتفاقيات التجارة الحرة ولن ندفن العولمة مع أفول نجم الشركة كأضخم شركة متاجر للألعاب على مستوى العالم. فعالم الإقتصاد الأمريكي من أصول نمساوي جوزيف شومبيتر(Joseph Alois Schumpeter) قد تحدث عن الدورات الإقتصادية وأن الرأسمالية لا تموت بل تبعث من رماد الأزمات الإقتصادية  بهيئة جديدة وتبدأ فصول دورة إقتصادية جديدة, شركات اغلقت تحل مكانها شركات أخرى تفتتح أبوابها. ولكن أفول نجم أي شركة عابرة للحدود أو متعددة القوميات(Multinational) يعني أن فصلا من فصول المعاناة البشرية قد أغلق أبوابه ولو مؤقتا مع الأمل بأن الفصل الجديد القادم سوف يكون أكثر إشراقا. فما تركته لنا تلك الشركات من بقايا الحياة أو لأكون أكثر دقة من بقايا الإنسانية هو الأمل والحلم بغد أفضل.
شركة متاجر الألعاب تويز أر أص(Toys 'R' Us) هي شركة إحتكارية بكل ما تحمله الكلمة من معنى وهي تقوم على نفس الممارسات التي تتبعها شركات كوول مارت(Wal-Mart) حيث تضغط على المصنعين للإمتناع عن توريد بضائع معينة لشركات أخرى حتى تمنع المنافسة. هيئة التجارة الفيدرالية الأمريكية(FTC) أدانت في سيبتمبر 1997 شركة ويز أر أص(Toys 'R' Us) بإستخدام أساليب غير قانونية للضغط على المصنعين للإمتناع عن بيع ألعاب تلقى شعبية في أوساط المستهلكين لشركات أخرى. إن هيئة التجارة الفيدرالية الأمريكية قد تم تأسيسها منذ اكثر من مائة عام بهدف حماية المستهلك الأمريكي ومنع الممارسات الإحتكارية والتجارية التي تصنف بأنها غير قانونية. في الوطن العربي هناك هيئة حماية المستهلك والتي من المفترض أنها تقوم بنفس المهمة ولكن بشكل معكوس فمهمتها حماية الشركات والتجار والتغطية على ممارساتهم الغير قانونية. كما أنها لا تتحرك في قضية ما وتقوم بعملها إلا إذا تم إثارة القضة إعلاميا وتحولت إلى قضية رأي عام.
إن الشركات العابرة للحدود وحتى تتهرب من المسؤولية الأخلاقية والقانونية تقوم بتوقيع عقود مع وكلاء تصنيع وشركات فرعية في بلدان تقدم تسهيلات تجارية وضريبية ضمن إتفاقيات التجارة الحرة كالجات والنافتا حيث تقام المصانع في المناطق الحرة او المخصصة للتصدير(EPZ) وأغلب العمل يعمل بأجور لا تزيد عن دولارين في اليوم الواحد وبدون أي تأمين طبي أو تأمين ضد العطالة أو حق تشكيل نقابة أو تقاضي زيادة عن وقت العمل الإضافي. بتاريخ 10\مايو\1993, وقعت حادثة حريق في مصنع  Kader Toy Factory في تايلاند وصفت بأنها أسوأ حادثة صناعية في تاريخ البشرية حيث قضى 188 شخص نحبهم وأصيب بجروح أكثر من 500 شخص, الوفيات والجرحى هم من موظفي المصنع أغلبهم من الفتيات القاصرات القادمات من أرياف تايلند الفقيرة بحثا عن عمل في المدن. أما السبب الذي يقف وراء عدد الضحايا الكبير هو عدم تمكن أي من موظفي المصنع من الخروج في بداية الحريق لأن إدارة المصنع كانت تغلق الأبواب في أغلب أوقات الدوام لإبقاء من يوصفون بأنهم نقابيون يحرضون العمال على المطالبة بحقوقهم. كما أن المصنع كان يفتقر لأبسط شروط السلامة العامة خصوصا مخارج الطوارئ وأنظمة إطفاء الحريق وممتلئ بالمواد السريعة الإشتعال المستخدمة في ألعاب الأطفال.
إن كارثة مصنع Kader Toy Factory ليست أول كارثة ولا أخر كارثة صناعية تحدث بهاذا الحجم الكارثي ولكنها حتى هذه اللحظة فمازالت الأضخم والأسوأ خصوصا من ناحية عدد الضحايا وأعمارهم التي لم تزد عن تسعة عشرة عاما وبلغت أربعة عشرة عاما لبعض العاملات. فبتاريخ 25\مارس\1911, وفي مدينة نيويورك, أدت حادثة حريق مصنع Triangle Shirtwaist Factory, والتي وصفت بأنها الأسوأ حنى تاريخه, إلى وفاة 146 موظف منهم 123 عاملة و23 عامل نتيجة الحريق أو إستنشاق غازات سامة أو القفز من نوافذ المصنع ملتحفين أغطية سميكة حتى يتم التعرف على جثامينهم من قبل ذويهم لدفنهم بمراسم لائقة. إن كلتا الحادثتين, في Kader Toy Factory و Triangle Shirtwaist Factory ورغم الفارق الزمني بينهما, فإنهما تحملان بصمة مشتركة تدل على عدم حدوث أي تغيرات لها علاقة بحقوق العمال في بيئة عمل أمنة وخالية من المخاطر حيث المصانع بدون أي أنظمة حماية من الحرائق أو إجرائات للسلامة العامة وبدون مخارج للطوارئ, وبل في الحالتين تبين أن مخارج الطوائ كانت وهمية. إن حادثة مصنع Kader Toy أثارت إهتماما مؤقتا من قبل منظمات حقوق العمال وحقوق الإنسان ومن صحفيين ومحطات تلفزيونية وإخبارية تسعى لمجرد تسجيل سبق صحفي بدون أي تعاطف إنساني أو أخلاقي أو مطالبة مستمرة بتغيير جذري في طريقة وألية عمل تلك المصانع أو الضغط على الشركة الأم أو وكلائها الفرعيين.
والسؤال هو إلى متى السكوت عن تلك الشركات العابرة للحدود وممارساتها الغير إنسانية بداية بالأجور التي تقل عن حد الكفاف مرورا بحرمان العاملين من حقوقهم وليس إنتهاء بإستخدام عمالة الأطفال والسجناء والإستغلال الجنسي للعاملات. هل من الممكن أن نتخيل أن درجة الوقاحة بتلك الشركات دفعتهم لإستغلال عمال داخل بلدان الشركات الأم في ظروف وصفت بأنها عبودية معاصرة! ففي مايو\1996, تم الكشف عن فضيحة لها علاقة بخط منتجات ملابس مملوك من قبل الكاتبة والمغنية الأمريكية Kathie Lee Gifford والذي يلقى رواجا ويباع حصريا من خلال متاجر عملاق البيع بالتجزئة وول مارت. الفضيحة والتي تحولت لقضية رأي عام بعد أن كشف ناشطون أن ملابس Kathie Lee Gifford يتم حياكتها في مصانع غير قانونية تفتقر إلى أبسط شروط السلامة العامة وفي ظروف أشبه بالعبودية المعاصرة فيما يعرف بمصانع(Sweatshops) وذالك في بلدين هما الهندوراس ويا للمفاجأة في مدينة نيويورك في الولايات المتحدة. وفي الوقت نفسه كانت هناك فضيحة كشف عنها قسم العمل(The department Of Labour) في ولاية كاليفورنيا حيث تبين أن أحد المتعهدين الذي يعملون لصالح خط ملابس Guess jeans والذي تعمل لصالحه العارضة الألمانية الشهيرة كلوديا شيفر قد خالف القانون وبمعرفة الشركة حين قام بدفع أقل من الحد الأدنى من الأجور لعماله. وبتاريخ أغسطس\1995, وداخل الأراضي الأمريكية في مدينة ألمونتي(El Monte) في مدينة كاليفورنيا, وبعد أن قام قسم العمل في الحكومة الأمريكية(Department Of Labour) إثر ورود بلاغ عن إستغلال عمال بشكل غير قانوني بغارة على مجمع سكني في المدينة ليتبين إحتجاز 72 عامل ملابس من الجنسية التايلندية وذالك بالتعارض مع إرادتهم(قسريا) وفي ظروف عمل تمثل العبودية المعاصرة, بعضهم محتجر في المجمع منذ سبعة سنين. المصنع مملوك لأحد المتعاقدين الذي كان يقوم بصنع الملابس لصالح مجموعة من متاجر التجزئة الشهيرة كتارغيت(Target) ,سيرز(Sears) والتي اعلنت إفلاسها مؤخرا و Nordstrom.
إن قضية حقوق العمال وحقوق الإنسان بالمجمل وذالك بالنسبة للقيادات السياسية الغربية والأوروبية هي قضية إنتقائية تخضع لدوافع وإعتبارات سياسية وليس أخلاقية أو إنسانية. فلو كان حريق مصنع Kader Toy Factory وقع في بلد كالولايات المتحدة أو ألمانيا أو أيطاليا لملئت الأخبار الجرائد والصحف لشهور طويلة ولتناولته وسائل الإعلام بالتحليل والتدقيق والتمحيص ولتم فتح تحقيقات موسعة مع جميع المسؤولين عن تلك الكارثة سواء بشكل مباشر أو غير مباشر ولسقط نواب وسيناتورات في الإنتخابات ولأقيل مسؤولين ولسجن بعضهم بتهم مختلفة. سوف نقول ذالك إن كنا صريحين وواضحين مع بعضنا البعض والكلام موجه لمن هم مفتونين بدعاية جليسة الأطفال الغربية التي تهتم بطفل الأسرة العربية في غيابهم, الدول الغربية القلقة على الأوضاع في وطننا العربي وعلى حقوق الإنسان وعلى قمع الحريات وإلى أخر تلك الأجندات والبروباغندا التي ترافقها والتي تذكرني بفيلم صحارى(Sahara) الأمريكي حين أجاب القائد العسكري في جيش دولة مالي على مدير شركة دفن النفايات السامة الذي طالب بإيقاف العمل مؤقتا إثر تسرب أخبار للإعلام عن شركته: It is Africa, No body care about it Africa
روابط:

A Sweetheart Becomes Suspect;Looking Behind Those Kathie Lee Labels


Kathryn Lee Gifford

sweatshop

مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية
النهاية

No comments:

Post a Comment