Flag Counter

Flag Counter

Monday, April 30, 2018

ماهي التحديات التي تواجهنا في العالم الرقمي خلال القرن الواحد والعشرين؟

إن أغلب مستخدمي شبكة الإنترنت ليس لديهم أي فكرة عن الطريقة التي تعمل بها الشبكة العنكبوتية وبعضهم قد يكون لديه فكرة غير واضحة عن ألية عملها. هناك مئات الملايين من الأجهزة والخوادم التي تعمل على إرسال وإستقبال ومعالجة كافة أنواع البيانات سواء كانت مكتوبة أو سمعية او بصرية. إن الطبيعة اللامركزية للشبكة العتكبوتية تجعل من الصعب على الحكومات التحكم فيها أو السيطرة عليها بشكل كامل على الرغم من جميع الجهود المبذولة والتكنولوجيا المستخدمة وذالك على المستوى الدولي أما على المستوى المحلي, فإنه يمكن لأجهزة تطبيق القانون النفاذ إلى الخوادم المحلية وإستخلاص المعلومات منها مباشرة. شركات كغوغل وشبكة عرض الأفلام نيتفليكس(Netflix) تخضع للقوانين المحلية في بعض الدول كحظر بعض المنتجات بناء على الموقع الجغرافي. كما أن موقع يوتيوب بدأ مؤخرا بالتوسع في تطبيق قوانين الملكية الفكرية وحقوق النشر خصوصا مع محتوى عرض بلغات أخرى غير الإنجليزية كالأفلام والأغاني العربية. إن الأفراد والحكومات  من الممكن أن يستفيدوا من حرية النفاذ للشبكة العنكبوتية ولكن ليس بنفس المستوى.
هناك توقعات بإنضمام أكثر من ملياري شخص حول العالم لقائمة مستخدمي الشبكة العنكبوتية وذالك خلال فترة زمنية لا تتعدى ١٥ عاما ونسبة كبيرة منهم سوف تكون في القارة الأفريقية ممن يستخدمون لوحة مفاتيح الكمبيوتر أو الأجهزة اللوحية لأول مرة في حياتهم. إن ذالك أصبح ممكنا بفضل عدد من مشاريع تطوير الإنترنت خصوصا التي تقودها شركات كغوغل(مناطيد غوغل-Google Loon) وفيسبوك(Internet.org) ومشروع لانتيرن(Lantern) للإنترنت الفضائي. إن تلك المشاريع أثارت الجدل حيث يُفتَرض أن لها علاقة بتوسيع سوق الدعاية والإعلان الذي تسيطر شركات كغوغل وفيسبوك على حصة الأسد منه ولكنها في الوقت نفسه تفرض تحديات على الحكومات والأفراد على حد سواء. فالحكومات تواجه تحديات قانونية للتعامل مع المستجدات في العالم الرقمي خصوصا قرصنة المعلومات وأمن الشبكات, بينما الأفراد يواجهون تحديات غير مسبوقة للحفاظ على الخصوصية التي تتآكل يوما بعد يوم. فمؤخرا تفجرت فضيحة تسريب بيانات ٨٧ مليون مستخدم لموقع فيسبوك لصالح شركة كامبردج أناليتيكا البريطانية للإستشارات حيث تم إستخدام تلك البيانات في محاولة للتأثير على العملية الإنتخابية الأمريكية. وسبقتها سنة ٢٠١٦ فضيحة سرقة بيانات ٥٠٠ مليون مستخدم لموقع ياهو وقيام الموقع بفحص ملايين من رسائل المستخدمين بدون علمهم وبالنيابة عن الحكومة الأمريكية.
إن القضايا المتعلقة بتسريب معلومات المستخدمين لمواقع التواصل الإجتماعي كفيسبوك وبيانات مستخدمي مواقع الترفيه كبلاي ستيشن وإكس بوكس أشبه بسباق تكنولوجي بين الحكومات وقراصنة الإنترنت وشركات أمن المعلومات ومستخدمي الشبكة العنكبوتية. إن المستخدم العادي لشبكة الإنترنت هو الحلقة الأضعف في ذالك السباق حيث تتعرض خصوصيته للإنتهاك من قبل الحكومات وقراصنة الإنترنت على حد سواء, كما أن حرية دخوله للشبكة العنكبوتية تتعرض للتقييد من قبل الحكومات التي تفرض أنظمة حماية وجدران نارية(Firewalls) مهمتها تقييد الدخول لشبكة الإنترنت بذريعة حماية الأخلاق العامة. هناك الكثير من الذرائع التي تستخدمها الحكومات في محاولة لتبرير إستخدام انظمة الحماية والجدران النارية كحجب مواقع مخلة بالأداب العامة وهي الأكثر شيوعا بينما على أرض الواقع, منع محتوى مواقع سياسية معينة هو الهدف لإستخدام تلك الأنظمة. إن المشهور أن الصين هي أحد أكثر الدول إستخداما لأنظمة الحجب والجدران النارية ولكن على أرض الواقع فإن دولا كالمملكة العربية السعودية تستخدم أنظمة حجب وحماية في غاية القوة والفعالية تمكن الجهات المعنية من تتبع مستخدمي وسائل التواصل الإجتماعي وإعتقالهم في حالة معارضتهم العلنية للحكومة في كتاباتهم وتدويناتهم. كما ان تركيا مؤخرا هددت بحجب مواقع التواصل الإجتماعي كتويتر وفيسبوك ومواقع مشاركة الفيديوهات كاليوتيوب بعد نشر فضائح فساد موثقة بالصوت والصورة ومرفقة بالمستندات للرئيس التركي جب طيب أوردوغان وأبنائه. وهناك دول كمصر قامت بإيقاف خدمة الإنترنت خصوصا التي تكون عبر الهواتف الذكية بعد أن تبين لها أن أعمال الشغب والأعمال الإرهابية يتم تنسيقها خلال أحداث سنة ٢٠١١ بإستخدام وسائل التواصل الإجتماعي وخدمات البريد الإلكتروني.
إن إستخدام أنظمة الحجب والجدران النارية لا يقتصر على دول كالصين أو المملكة العربية السعودية بل هناك دول أوروبية تستخدم تلك الأنظمة في حالات معينة وضمن إطار قانوني معين. الحكومة الألمانية لديها قوانين متعلقة بالمواقع التي تحرض على العنف والكراهية وتكون تابعة لمجموعات النازيين الجدد. بينما تقوم جميع الدول الأوروبية بحظر المواقع التي تقوم على ترويج صور غير مناسبة لأطفال قاصرين. الحكومة الماليزية تقوم على حجب مواقع مشاركة الملفات بذريعة إنتهاكها لقوانين حقوق النشر والتأليف. حتى أن دولة كالولايات المتحدة تعد رمزا للحريات وحقوق الإنسان تقوم بمراقبة مستخدمي الإنترنت بدون إستخدام الأذونات القانونية اللازمة. هيئة الإتصالات الفيدرالية الأمريكية خلال تصويت بتاريخ ديسمبر\2017 على إلغاء أي قانون أو تشريعات تضمن حرية ومجانية النفاذ للشبكة العنكبوتية( net neutrality). إن هناك مصطلح بدأ بالظهور مؤخرا وهو بلقنة(Balkanization) شبكة الإنترنت ويعني ظهور شبكات إنترنت فرعية أو إقليمية وهي فكرة بدأتها مجموعة دول البريكس التي بدات ببناء شبكة تبادل للمعلومات والبيانات بين دول المجموعة تكون مستقلة عن شبكة الإنترنت العالمية في محاولة لتكوين تكتل إقليمي مستقل عن الهيمنة الأمريكية. أو قد تقوم مجموعة دول سنية ببناء شبكة إنترنت مستقلة وفق نموذج دول البريكس لا تسمح بعرض أو النفاذ لأي محتوى ديني أو سياسي معارض. إن الصراع بين مستخدمي الشبكة العنكبوتية والحكومات هو صراع أزلي مستمر إلا ما لا نهاية. فالحكومات من جهة تحاول مراقبة مستخدمي الشبكة العنكبوتية بذريعة حماية الأخلاق العامة والأمن القومي بينما يقاوم المستخدمون ذالك بذريعة حماية حرية الرأي والتعبير مستخدمين الوسائل المناسبة خصوصا أنظمة إختراق البروكسي وجدران الحماية.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية
رابط الموضوع على مدونة علوم وثقافة ومعرفة
الرجاء التكرم بالضغط على رابط الموضوع بعد الإنتهاء من قرائته لتسجيل زيارة للمدونة

النهاية

Wednesday, April 18, 2018

إتفاقية سايكس بيكو2 برعاية السعودية ودونالد ترامب ونتنياهو

صمت الإعلام السعودي صمت القبور عن تصريحات ولي العهد الأمير محمد إبن سلمان لصحيفة الأتلانتك الأمريكية والتي إعترف بحق اليهود بوطن يعيشون فيه بسلام وأجزل المديح لدولة الكيان الصهيوني. وفي الوقت نفسه يرفض عدد من علماء اليهود وأحبارهم نظرية الوطن القومي لليهود في فلسطين ويدينون الممارسات الصهيونية بحق الشعب الفلسطيني, جماعة ناطوري كارتا وليس جماعة الذباب الإلكتروني السعودي هي إحدى تلك الجماعات اليهودية التي تؤيد حق إقامة الدولة الفلسطينية وتقوم في مظاهرات في أوروبا بحرق العلم الإسرائيلي. الإعلام السعودي الإلكتروني أو ما يعرف بالذباب الإلكتروني أو الدبابيس والذين ينتشرون في المنتديات والمواقع ينكرون مصداقية الوثيقة التاريخية التي أعلن فيها الملك عبد العزيز أل سعود موافقته على أن يكون لليهود وطن في فلسطين كما في الوثيقة الوجهة للسير برسي كوكس والذي كان يشغل منصب المقيم السياسي  البريطاني في منطقة الخليج العربي. إن موضوع تلك الوثيقة مشكوك في صحته من الناحية التاريخية حيث أنه لم يجري عليها أي بحث مستقل أو وجود نسخة منها في أرشيف وزارة الخارجية البريطانية ولكن التشكيك في مصداقة تلك الوثيقة لا يعني التشكيك في مصداقية الدور البريطاني في تقديم الدعم لعبد العزيز أل سعود خدمة لأهداف الإمبراطوية البريطانية في السيطرة على منابع النفط والذي كانت تعلم بوجوده في المنطقة منذ زمن طويل بالإضافة إلى تأمين الطريق إلى الهند درة التاج الإمبراطوري البريطاني.
إن ذالك الدور القذر في تنفيذ السياسات البريطانية في المنطقة خصوصا تلك المتعلقة بدعم عبد العزيز أل سعود تولى الإشراف علها بشكل مباشر الحاج جون فيلبي أو الحاج عبدالله وهو الإسم الذي أطلق عليه بعد إسلامه نفاقا وكذبا ومن أجل تجنب إحراج مضيفه أمام شيوخ قبائل البدو الموالية له وجماعة إخوان من طاع الله عن تعاونة مع شخص يوصف في أدبياتهم بأنه كافر. الأمير طلال أحد أولاد الملك عبد العزيز ووالد الأمير الوليد أحد أغنى رجال الأعمال في العالم إعترف بأن والده(الملك عبد العزيز) كان يتقاضى راتبا شهريا من الإنجليز حسب وثائق وزارة الخارجية البريطانية والتي أفرج عنها بموجب قانون رفع السرية عن الوثائق التي يمر عليها خمسون عاما أو أكثر, الوثيقة رقم (NA-CAB 244/110/40) أوضحت بما لا يدع مجالا للشك أن بريطانيا كانت تدفع راتبا شهريا للأمير عبد العزيز أل سعود يبلغ 5 ألاف جنيه شهريا وأن كانت هناك مجموعة إقتراحات لزيادته أحدها من السير برسي كوكس ووينستون تشيرشل, الأول إقترح مضاعفته إلى 120 ألف جنيه إسترليني سنويا والثاني إقترح بالأكتفاء بمبلغ 100 ألف جنيه إسترليني في السنة. البريطانيون لم يكونوا يكنون الود لأل رشيد وللكثير من القبائل التي كانت ذات علاقة وثيقة بالعثمانيين وتهدد مصالحهم في منطقة شبه الجزيرة العربية خصوصا في منطقة الكوت والتي كانت تتبع محافظة البصرة وأطلق عليها فيما بعد إسم الكويت على يد مبارك الكبير الذي وقع إتفاقية حماية مع بريطانيا وإنفصل بالكوت عن الدول العثمانية.
إن مبعث قلق الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس من موضوع الكوت(الكويت) كان الإتفاق بين الدولة العثمانية ممثلة بالسلطان عبد الحميد الثاني والإمبراطورية الألمانية ممثلة بغليوم الثاني الذي زار دمشق سنة 1898 حيث وأن السلطان العثماني قرر ومن أجل موازنة علاقاته مع الدول الغربية حيث كان يتعرض لمطالب بريطانيا المستمرة المتعلقة بإمتيازات وحقوق الرعايا الأجانب في الإمبراطورية العثمانية فقام بمنح الإمبراطورية الألمانية إمتياز خط سكة حديد برلين-بغداد والذي لاحقا كان مقررا أن يتم إكماله إلى الكويت مما أفزع بريطانيا لأن في ذالك تهديد لمستعمرتها في الهند حيث سوف تمنح ألمانيا منفذا بحريا على الخليج العربي ومن ثم قناة السويس بما يعني سيطرتها على حركة الملاحة في المنطقة خصوصا المتجهة إلى الهند. غير أن ذالك لم يكن السبب الوحيد الذي جعل الحكومة البريطانية تشعر بالإنزعاج من الإتفاق العثماني-الألماني بل كان هناك سبب أخر وإن كان غير معروفا إلا لقلة من المهتمين بالشأن التاريخي وهو أن الحكومة العثمانية قد منحن بإسم السلطان عبد الحميد الثاني وبموافقة منه للحكومة الألمانية إمتياز للتنقيب عن الثروات الطبيعية بمحيط عشرين كيلومترا على جانبي السكة الحديدية حيث أن منطقة الموصل وما حولها وقسما كبيرا من الأراضي الممتدة في المناطق التي يمر بها خد السكة الحديدية تم ضمه للأملاك الشاهانية(السلطانية) بمرسوم سلطاني من عبد الحميد الثاني وذالك بعد أن إكتشفت البعثات التنقيبية التي أؤسلها ينابيع نفط في تلك المناطق. إن ذالك أحد الأدلة على معرفة ليس فقط الدولة العثمانية بل الدول الغربية التي كانت تصلها التقارير من جواسيسها في المنطقة بإكتشاف النفط فيها منذ زمن سابق لإعلان ذالك بطريقة رسمية والتمهيد بالتالي لإبتلاع كامل المنطقة وإستعمارها وإحتلالها عسكريا وإعلان ذالك في إتفاقية حملت إسم سايكس-بيكو.
إن تصريحات ولي العهد السعودي بأحقية اليهود بوطن خاص بهم وبأن هناك الكثير من الأمور المشتركة بين السعودية وإسرائيل هو إعلان عن وجود إتفاقية سايكس-بيكو2 بشكل رسمي تتويجا لجهود حملة إعلامية قامت جهات سعودية رسمية وغير رسمية خصوصا الجنرال السعودي المتقاعد أنور عشقي بالإعلان عنها في وسائل الإعلام والمنتديات والمواقع وتبدأ بإتهام الفلسطينيين ببيع أراضيهم للصهاينة وتنتهي بإتهامهم بالجبن والهروب والتخاذل وذالك في محاولة مفضوحة لتمييع القضية الفلسطينية والضغط على القيادات الفلسطينية والشعب الفلسطيني للقبول بخطة سلام سعودية-إسرائيلية-أمريكية مشتركة تتضمن التنازل عن القدس وحق العودة وأغلب أراضي الضفة الغربية التي أقيمت عليها المستوطنات والقبول ربما ببلدة أبو ديس في ضواحي القدس كعاصمة للدولة الفلسطينية المستقبلية والتي سوف تكون منزوعة السلاح والسيادة. إن تلك ليس أول تصريح لأمير سعودي يحاول فيها التودد للصهيونية العالمية لأسباب ربما لها علاقة بتهيئته لمنصبه القادم كملك على السعودية بعد والده الملك الحالي سلمان إبن عبد العزيز, حيث تصريحات الملك السابق فيصل لصحيفة الواشنطون بوست أن السعودية هي منبع اليهودية وأن اليهود كانوا ساكنين المدينة وإن كنت لم أجد مصدرا مباشرا لتلك المعلومة ولكن تقاطع الأحداث يجعلها أقرب للصواب منها للخطأ.

Saudi Crown Prince: Iran's Supreme Leader 'Makes Hitler Look Good'

مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية

النهاية

Tuesday, April 17, 2018

نكسة الإعلام العربي في زمن ربيع برنارد هنري ليفي

سقط الكثير من المفكرين الغربيين كنعومي تشومسكي وحتى النخب العربية كمارسيل خليفة في فخ المثالية عن تحليلهم لما أصطلح إعلاميا على تسميته الربيع العربي. فكر نعوم تشومسكي متشبع بمفاهيم العدالة الإجتماعية والمدينة الفاضلة ومارسيل خليفة سوف يصدر قريبا ألبوم أناشيد إسلامي بدون موسيقى لإرضاء التيارات الدينية التي لديها أجندات معادية لكل شيئ جميل في الحياة. لست أعلم الحكمة في أن يستحضر ثوار الربيع العربي المزعوم ماضي الإستعمار الغربي والتركي ويرفعون أعلامه وحتى الأعلام الإسرائيلية. ماهذه القمة الهزلية للغباء وإستحمار العقل العربي الذي يقوم به الإعلام الغربي والعربي المتأخون الذي يريد أن يقنعنا بإنسانية دولة إحتلال قامت على جماجم السكان الأصليين يطلق جنودها النار على المواطنين المكبلين من مسافة صفر وتقوم في الوقت نفسه بمعالجة جرحى التنظيمات الأصولية وتقديم الدعم العسكري لها في محاولة لإعادة تجربة جيش لحد الجنوبي في لبنان ولكن بنكهة أخرى, إسلامية وليس مسيحية مارونية.
الحملة الإعلامية الغربية المؤيدة والمناصرة للربيع العربي يقابلها نكسة أخرى على غرار نكسة حرب-1967 ولكنها هذه المرَّة تعد نكسة إعلامية. الإعلام العربي صامت صمت القبور والمثقفين والنخب العربية كما ذكرت في بداية الموضوع سقطت في فخ اللعبة الإعلامية بان الأولوية لإسقاط الأنظمة حتى لو كان البديل هو أحزاب سياسية بنكهة دينية تعتنق الفاشية الإسلامية وذالك حتى يتم تبرير التواجد الغربي في المنطقة حيث أن تلك الفاشية لا تختلف عن الفاشية التي ظهرت في إيطاليا زمن موسوليني والنازية التي ظهرت في ألمانيا زمن هتلر إلا بالتسمية ولكن بنفس المبادئ التي حتى ولو أنكرها أولئك الفاشيون الإسلاميون, فقد تبين صحتها خصوصا بعد التعاون بين الأحزاب الإسلامية وبين الولايات المتحدة وبريطانيا بل وتلقيهم في مصر تمويلا أمريكيا للوصول إلى الحكم وتنفيذ الأجندة الغربية بإقتطاع أراضي سيناء في سبيل ضمها لقطاع غزة وتنفيذ مخطط الوطن الفلسطيني البديل.
المستوى الثقافي والمعرفي للإعلاميين العرب والنخب العربية متدني بطريقة لا تحتمل المنافسة مع ألة الدعاية الغربية التي تعمل وفق مخطط دقيق لا يترك للصدفة مجالا. فعلى سبيل المثال, فإن المطرب اللبناني مارسيل خليفة وهو من غنى للحزب الشيوعي ومجد القيم الشيوعية في أغانيه, يقوم بالدعاية للتنظيمات الأصولية التي تتواجد على الساحة السورية والتي تتنوع وتتوزع ولكنها في النهاية ترجع لفكر الإخوان المسلمين ومؤسسهم حسن البنا ومنظرهم سيد قطب. كما أنني ضحكت مؤخرا عند مشاهدتي تسجيلا مصورا للقاء مع المخرج الأردني فيصل الزعبي وهو شيوعي سابق, حيث ظهر وهو يدافع عن فكرة سوريا الطبيعية وأن الثورة السورية عندما تنتصر, كما يتمنى, فسوف تعمل على إستعادة تلك الجغرافيا. ذالك الشخص قد دعا الشيوعيين العرب في مناسبة سابقة إلى التخلي عن الجمود الفكري وإجراء مراجعات فكرية. ولعل ذالك يذكر بالدعوة إلى إجراء المراجعات الفكرية التي قامت بها الحركات الجهادية بتوصية أمريكية وبريطانية في محاولة فاشلة منها لتبييض صفحتها وتقديم أنفسهم أمام الرأي العام العربي والغربي كحركات تحمل الفكر الإسلامي وفق النموذج الغربي. تلك الثورة المزعومة والتي تعالج جرحاها في دولة الإحتلال الصهيوني وترفع علم تلك الدولة بدون خجل بل ويقوم منظروها خصوصا يوسف القرضاوي ومن على منابر الجوامع بإرسال رسائل واضحة للدول الغربية بأن عليهم أن لا يقلقوا على أمن ربيبتهم, إسرائيل, سوف تقوم بإعادة سوريا الطبيعية إلى ماقبل إتفاقية سايكس-بيكو.
المشكلة التي يعاني منها الإعلام الوطني في جميع البلدان العربية بلا إستثناء هو انه إعلام مقيد بقيود سياسية ومعايير وظيفية غير موضوعية. الإعلام الوطني مكبل بالمحسوبية السياسية والوظيفية والواسطة ومايسمى الرقابة التي يعمل فيها أشخاص هم في الأصل أعداء للقرائة والكتب ويتبعون جهات لا يحتاج أي قارئ للكثير من الذكاء ليعلم ماهيتها. أطلقوا الإعلام الوطني من عقاله, حرروا الصحفيين المخلصين من من قيود الرقابة وكليشية الإسائة للدول الشقيقة وشعرة معاوية والحفاظ على خط الرجعة وتوقفوا عن التشكيك بهم وبوطنيتهم. إن القيام بكل ذالك أمر لا مفر منه حتى يكتمل الإنتصار العسكري على الإرهاب وأحزاب الإسلام السياسي ويكون هناك نصر إعلامي يواكب كل عمل عسكري وحتى لا نسمح لأشباه المثقفين والطابور الإعلام الخامس وقنوات الكذب والتلفيق وأصحاب النظرية المثالية بأن يسيطروا على ساحة العمل الإعلامي وعلى عقول الجماهير فتنطلي عليهم تلك النظريات خصوصا النظرية المثالية الطوبائية التي أعتبرها من أشد اعداء الواقع والحقيقة.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية
رابط الموضوع على مدونة علوم وثقافة ومعرفة
الرجاء التكرم بالضغط على رابط الموضوع بعد الإنتهاء من قرائته لتسجيل زيارة للمدونة

النهاية

Friday, April 13, 2018

جذور الصراع في سوريا, نفط وغاز وحرب إعلامية ونفسية

بداية إقتضى التنويه أن الأمر ليس بمسأله شخصية وأنه ليس لدي ضد السعودية أو أي شخصيات وقيادات سياسية فيها أي ضغينة ولست أحقد على السعوديين بسبب ثروتهم النفطية ففي النهاية المال لا يصنع رجالا ولا يصنع كرامة دولة. فعلى سبيل المثال إن دوة كوبا وعلى الرغم من ضئالة مساحتها الجغرافية وإمكانياتها الإقتصادية المتواضعة فقد حققت نجاحا في التصدي للهيمنة الأمريكية وقامت بخدمة شعوب الدول الفقيرة والنامية بإرسال مئات الأطباء وإستقبال المرضى من الدول النامية للعلاج وساهمت جامعاتها في تخريج ألاف الطلاب الدوليين. الأمر برمته متعلق بالتاريخ ولن أقول حقائق لأن تلك مسألة نسبية تختلف فيها وجهات النظر, الحقيقة عند طرف ما قد تكون ليس إلا مجرد أكاذيب عند الطرف الأخر. كما أنه ليس عندي أي مشكلة في أن تقوم حكومة أي بلد بتوظيف مجموعة من العاطلين عن العمل للترويج لإنجازاتها(ذباب إلكتروني ويطلق عليهم في السعودية دبابيس) فلو كانت هناك إنجازات على أرض الواقع لما إحتاجت الحكومات للترويج لها عبر نشرها في مواقع ومنتديات بعضها يسبق وسائل الإعلام الحكومية في نشره للخبر. إن حجم تهويد أو لأكون أكثر دقة صهينة العقل العربي هو أحد أهم إنجازات الألة الإعلامية الغربية والصهيونية الجبارة والتي تعمل بلا كلل ولا ملل منذ ألاف السنين وليس منذ سنة 1948 أو حتى سنة 1917 تاريخ وعد بلفور المشؤوم.

الصراع السني-الشيعي هو أحد أهم الأدوات التي إستثمرتها الألة الدعائية الغربية خصوصا بعد أن إنتهاء صلاحية الصراع الإسلامي-المسيحي ولم يعد ذا منفعة لخدمة مشروع تقسيم الوطن العربي. السنة والسلفية والوهابية لا تهم التسميات قد دعموا المشروع الأمريكي لإسقاط نظام الرئيس العراقي صدام حسين بإعتباره بعثيا وكافرا ثم أقاموا البكائيات على سقوط حارس البوابة الشرقية لأن البوابة بقيت بدون حارس حتى دخلتها المعارضة العراقية على ظهور الدبابات أمريكية(كما يزعمون) ثم قام إعلامهم المتصهين بذرف دموع التماسيح على سقوط العراق بيد إيران والشيعة. وفيما بعد دعموا كل مشروع أمريكي للعبث بالمنطقة بداية من ربيع أوباما ونتنياهو والفوضى الخلاقة وليس إنتهاء بدعم جماعات إرهابية فيما يعرف بالبؤر الساخنة بالمال والسلاح والإرهابيين وتسخير الإعلام لتلميع صورتهم تحت مسمى مجاهدين أو معارضة معتدلة أو نشطاء حقوقيين أو حتى قبعات بيضاء. أسقطوا حسني مبارك وهو حليفهم ثم ساهموا في صعود الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي ثم بدؤوا في التامر عليه ومحاولة الضغط عليه إقتصاديا ليقبل بإسقاط الجيش المصري في مستنقع اليمن مع أنهم لم ولن يتعلموا من دروس التاريخ فهم يكررون نفس الأخطاء.

الرئيس الأمريكي أوفى بوعده للمواطن الأمريكي بانه سوف يحلبهم حتى أخر قطرة وذالك لا يشمل فقط السعودية بل حتى قطر تقوم بالتوقيع على صفقات سلاح لن يتم إستخدامها حيث أنها سوف تصدأ في المخازن. المضحك في الموضوع أن محطة الجزيرة تقوم ببث البرامج عن ثروات اليمن المنهوبة وعن المبالغ التي دفعتها السعودية على الحساب خلال زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب, ولا نسمع خبرا من سطر أو سطرين عن ثروات قطر المنهوبة وعن حجم الفساد والسمسرة في إقامة منشئات إستضافة كأس العالم 2022 ولا عن حجم المبالغ المدفوعة كرشى للفوز بحق تنظيم المونديال. المشكلة أن ممارسة المراهقة السياسية إنتقلت من المنتديات والمواقع لتشمل كبار الصحف والإذاعات ووسائل الإعلام بشكل عام التي تروج لأخبار مكذوبة ليس فقط عن قطر وسوريا بل عن إيران كخبر مكذوب عن وكالة أخبار إيرانية نشره موقع العربية بدون ذكر رابط أو مصدر مباشر من موقع الوكالة للخبر وملخصه أن ولي العهد السعودي هو من يحلب الغرب وأن السعودية لن تضر بالقضية الفلسطينية على الرغم من خروج ولي العهد السعودي في مقابلة مع صحيفة أتلانتك الأمريكية أجزل في المديح لدولة الإحتلال الصهيوني وأنه لا مانع من التعاون في المستقبل بينها وبين السعودية وأعلن أنه يحق للإسرائيلين أن تكون لهم أرضهم الخاصة بهم. الإعلام العربي بشكل عام والسعودي بشكل خاص مصاب بإنفصام الشخصية وهو إعلام منافق مع شهادة أيزو 9001 في الكذب والتملق, فهو ينشر أخبار عن مشاريع عملاقة تكلف المليارات من الدولارات مترافقة مع إستثمارات في الولايات المتحدة وبريطانيا وإسبانيا وفرنسا بمئات المليارات بدون أي توضيح كيف لدولة مصابة بعجز في ميزانيتها وتطلب إقتراض 16 مليار دولار من أسواق المال الدولية أن تقوم بتمويل تلك المشاريع. تخيلوا أن الإستثمارات السعودية وصلت إلى كل مكان بإستثناء السعودية نفسها حيث أعلن مؤخرا عن نية شركة النفط السعودية(أرامكو) بناء مصفاة نفط في الهند بطاقة تصل إلى 60 مليون طن سنويا ومصنع للبتروكيماويات على الساحل الغربي للهند في تناقض مع خبر بدء عملية بيع الشركة نفسها(تخصيصها) سنويا بنسبة 5% وصولا للتخصيص الكامل.

والأن نأتي للمسألة السورية, والتي تم إتباع النموذج السابق سنة-شيعة في محاولة لإسقاطها في الفوضى الخلاقة, وذالك خصوصا مع التهديدات الأمريكية وهي ليست الأخيرة بتوجيه ضربة عسكرية لسوريا بذريعة إستخدام السلاح الكيميائي والتناغم بين الإعلام الأمريكي والإعلام العربي المتصهين الذي يمارس دبلوماسية الشيكات وشراء الذمم والمواقف لأنه لا يملك أي كفائات أو مؤهلات محلية قادرة على القيام بعبئ حتى الدفاع عن بلدانهم إعلاميا, فهم فاشلون في ذالك فكيف بهم بشن حملات إعلامية ضد الأخرين. ومرة اخرى أكرر أن البعض مصرون حماقتهم وعلى عدم قرائة التاريخ وأجزم بأنه لو أشعل الرئيس السوري أصابعه العشرة فلن ترضى عنه الولايات المتحدة والسعودية ودولة الكيان الصهيوني حتى يلبي الشروط التالية:
1- القبول بمشروع خط أنابيب القطري-التركي لنقل النفط والغاز إلى أوروبا.
2- القبول بخصخصة البنك المركزي السوري وفق نموذج بنك الإحتياطي الفيدرالي الأمريكي وبنوك مركزية أخرى حول العالم مملوكة ليس للحكومات بل لمستثمرين من القطاع الخاص.
3- القبول برفع الدعم بشكل كامل عن كافة الخدمات والسلع وتحرير كامل للتجارة وقطاع الخدمات والبنية التحتية في سوريا وذالك يشمل خدمات المياه والكهرباء وخدمات أخرى أساسية تشمل قطاعات كالتعليم والصحة.
4- القبول بمنح إمتيازات التنقيب عن الثروات الطبيعية خصوصا النفط والغاز لشركات أمريكية وبريطانية ومؤخرا دخلت فرنسا على الخط لتطالب بحصتها بإعتبار سوريا مستعمرة فرنسية سابقة.
5- القبول بإتفاق سلام مع دولة الكيان الصهيوني مقابل إستعادة الجولان ناقص 400-500 متر تتحكم ببحيرة طبرية والقبول بسفارة صهيونية في دمشق وتطبيع كامل للعلاقات.
6- التخلي عن حركات حماس وحزب الله والجهاد الإسلامي وعدم السماح لهم بالعمل إنطلاقا من الأراضي السورية أو التواجد حتى على مستوى مكاتب تمثيل.

إن تلك هي شروط الولايات المتحدة وأذنابها في المنطقة مقابل التخلي عن المعارضة السورية فالمسألة ليست حقوق إنسان والرئيس يقتل شعبه فحتى المملكة العربية السعودية قد تم قبولها في لجنة حقوق المرأة ومجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة على الرغم من إدانة ممارساتها المتعلقة بحقوق الإنسان من قبل دول غربية ووصفها بأنها ممارسات تعود للقرون الوسطى. إن ذالك يذكرني بالإتهامات المتبادلة بين السعودية وقطر والمتعلقة بدعم الإرهاب كمثال على إزدواجية السياسة الأمريكية وكيف أنها تلعب على جميع الحبال وتوهم كل طرف بأنه هو المنتصر, فكلا البلدين تم توجيه الإتهامات لهما في وسائل الإعلام الغربية بدعم الإرهاب ومؤخرا تم إخراج قانون جاستا من الأدراج ونفض الغبار عنه والتلويح به كعصا لكل دولة في المنطقة لا تقبل بأن تسير في ظل السيد الأمريكي ولا تقبل بدعم سياسات الولايات المتحدة في المنطقة. الولايات المتحدة توجه الإتهامات للجميع وتقبض من الجميع وتبيع السلاح للجميع كما جرت العادة خصوصا خلال الحرب العالمية الأولى حيث كانت تبيع السلاح لألمانيا وعندما قامت الأساطيل البريطانية بحصار طرق الإمداد الألمانية إحتجت شركات السلاح الأمريكية لدى حكومتها والتي إنضمت سنة 1917 للتحالف ضد ألمانيا وخلال الحرب العالمية الثانية حيث إستمر الدعم الأمريكي لألمانيا الهتلرية خصوصا في مجال التمويل عن طريق بنوك سويسرا خصوصا بنك التسويات الدولي. إن سوريا سوف تنتصر والنهديدات الأمريكية بضرب سوريا ليست إلا دليلا على أنها تقف حجر عثرة في وجه المخططات الأمريكية والوهابية في المنطقة وأنها أخر قلاع الصمود قبل أن تبتلع الفوضى الخلاقة الأمريكية الوطن العربي بأكمله.

مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والمعرفة

رابط الموضوع على مدونة علوم وثقافة ومعرفة
الرجاء التكرم بالضغط على رابط الموضوع بعد الإنتهاء من قرائته لتسجيل زيارة للمدونة
النهاية


Sunday, April 8, 2018

الباحثة فدوى نصيرات تدك حصون الإسلام السياسي وأيتام الخلافة العثمانية

أصيب المؤدلجون من أيتام الخلافة العثمانية وأنصار الإسلام السياسي المتمثل بحزب الإخوان المسلمين وتفرعاته وحزب التحرير الإسلامي والرئيس التركي أردوغان ومازالوا إلى يومنا هاذا  بصدمة تكتونية تعادل زلزال بقوة 10 ريختر مترافقا مع هزات إرتدادية وذالك منذ سنة 2014 تاريخ صدور كتاب الباحثة الأردنية الدكتورة فدوى نصيرات بعنوان "دور السلطان عبدالحميد الثاني في تسهيل السيطرة الصهيونية على فلسطين (1876-1909)," والذي كشف بالأدلة والوثائق والأرقام حقيقة السلطان عبد الحميد الثاني ودوره في تسهيل الهجرة اليهودية لفلسطين وعملية الخداع التي مارسها هو بنفسه وأتباعه وأنصاره من بعده لتزوير الحقيقة والتستر على دورهم المشبوه في عمليات الإستيطان الصهيوني التي شكلت بداية النهاية لإبتلاع كامل أرض فلسطين وفق أساطيرهم التوراتية المزعومة.
والملاحظ من ردود أنصار أوردوغان والخلافة العثمانية هو تغليب العاطفة والبعد عن الوقائع التاريخية وإلقاء اللوم على جمعية الإتحاد والترقي  ونفي جميع المصادر التي تعد بالمئات والتي إستخدمتها الكاتبة وغيرها ممن يحاولون تقديم رواية تاريخية على قدر من المنطقية والعقلانية لفترة زمنية زمنية عصيبة عاصرت فيها منطقة الوطن العربي على وجه العموم وفلسطين على وجه الخصوص أحداثا تاريخية مهدت لقيام دولة الكيان الصهيوني. حتى أن التعاطي مع الويثقة التاريخية التي يقال أن كاتبها السلطان نفسه وموجهة إلى الشيخ السوري محمود أبو الشامات شيخ الطريقة الشاذلية كان عاطفيا بدون أي بحث أو تمحيص تاريخي حيث بحثت عن دراسة تاريخية محايدة أو حتى من أنصار الإسلام السياسي لتلك الوثيقة حيث يزعم عدد من المواقع المجهولة الهوية أنها تنفرد بنشر نصها وأن عائلة الشيخ محمود أبو الشامات قاموا بتسليم الوثيقة للرئيس السوري بشار الأسد شخصيا وأنهم رفضوا بيعها رغم العروض المغرية التي عرضت عليهم, خبر لم أجد له أي مصداقية ولا أي دليل على صحته ولم يذكره أي موقع حكومي أو حتى مواقع خاصة.
إن وثيقة "أبو الشامات" عبارة عن رسالة سرية موجهة من السلطان عبد الحميد الثاني إلى شيخ الطريقة الشاذلية في الشام محمود أفندي أبي الشامات مؤرخة بتاريخ 22 أيلول 1329هجرية حيث نفى فيها السلطان عبد الحميد الثاني أي دور له في شراء الأراضي في فلسطين لصالح الوكالات الصهيونية وأنه قاوم الأطماع الصهيونية فيها وأن ذالك هو السبب الذي بموجبه تم خلعه من عرش السلطنة. الباحثة فدوى نصيرات تذكر في كتابها مجموعة من العوامل للتشكيك بصحة تلك الوثيقة بما يبرر تعريضها للمزيد من أساليب البحث التاريخي والتدقيق لمحاولة إعطاء رأي حيادي قدر الإمكان في صحة تلك الوثيقة من عدمه. من الممكن تلخيص ماذكرته الباحثة فيما يتعلق بتلك الوثيقة بالنقاط التالية:
1- الدور المركزي الذي لعبته تلك الوثيقة فيما يتعلق بمسألة هامة ومحورية في تاريخ المنطقة وهي برائة السلطان عبد الحميد الثاني من المسؤولية عن ضياع فلسطين لصالح الحركة الصهيونية العالمية  حيث أدى ذالك وبحسب رأي الباحثة إلى "تجاهل أدوات التأريخ مثل التحليل, ربط الحوادث, الإستنتاج المنطقي, المقابلة المباشرة أو إستنطاق تواريخ شفوية أو سوى ذالك." بل إن الدور الذي تلعبه الوثائق في التاريخ قد تتحول كما نقلت الباحثة على لسان المؤرخ البريطاني الشهير إدوارد كار إلى "مقبرة للحقائق" متجاهلة الحقائق وعملية التحليل التاريخي.
2- هل الرسالة مكتوبة بيد السلطان نفسه أم كتبها شخص من أنصاره في مرحلة لاحقة حيث أراد تبرئة السلطان من تلك التهمة الشنيعة؟ إن هناك مجموعة أسباب للتشكيك في مصداقية تلك الرسالة وأن كاتبها هو السلطان عبد الحميد الثاني. السبب الأول أنها في مقدمها تذكر أنها جائت ردا على رسالة الشيخ محمود أبو الشامات للسلطان ولايوجد في الأرشيف سواء العثماني أو الأرشيف الأوروبي أو أرشيف أسرة الشيخ محمود أبو الشامات أي ذكر لمراسلات بين السلطان والشيخ أو أي معلومات عن طبيعة العلاقة بينهما. السبب الثاني أن الشيخ محمود أبو الشامات توفي سنة 1923 وأن السلطان عبد الحميد توفي سنة 1918, فلماذا أبقى الشيخ أبو الشامات تلك الرسالة سرا مكتوما ولم يظهرها للعلن في تلك الفترة الحرجة بل ولم تظهر الرسال أول مرة إلا سنة 1972 من قبل أحد أحفاد الشيخ. السبب الثالث هو اللغة المستخدمة في الرسالة كعبارة "تفضلوا بقبول فائق إحترامي" وهي تبدو عبارة معاصرة ولكن الباحثة ذكرت أن ذالك قد يكون ناتجا عن خطأ في الترجمة حيث لم ينشر للأن النص الأصلي للوثيقة مكتوبا بخط يد السلطان والمنشور هو ترجمة باللغة العربية. كما ذكرت الباحثة أن توقيع تاريخ كتابة الرسالة هو أيلول من نفس السنة مع ذكر تاريخ السنة بالهجري, فلماذا لم يستخدم السلطان الشهر الهجري المناظر لأيلول وهو شهر رمضان.
ولا يستبعد تحليل المؤرخة لمسار الأحداث في تلك الفترة التاريخية أن الهدف من كتابة تلك الوثيقة مع إقتراض صحتها هو تصفية حسابات سياسية بين السلطان وخصومه. السلطان عبد الحميد قام بإرسال تلك الرسالة إلى الشيخ محمود أبو الشامات وليس إلى أحد وزرائه أو رجال الدولة الموثوقين لمعرفتهم بتاريخ مفاوضاته مع الحركة الصهيونية العالمية ممثلة بتيودور هرتزل بينما سوف تحكم العاطفة الشيخ أبو الشامات خصوصا بعد مقدمة الرسالة بما فيها من تبجيل والتي تلعب على أوتار العاطفة الدينية. وتضع الكاتبة العديد من علامات الإستفهام حول محتوى الرسالة خصوصا ماذكره السلطان أن عزله كان بسبب رفضه التخلي عن فلسطين, وتسأل عن أسباب عدم التنازل عنها بعد إسقاطه وخلعه خصوصا أن من تولى السلطة من بعد هو محمد السادس ومن ثم من بعده عبد المجيد الثاني أخر الخلفاء العثمانيين و كانا مجرد دمى بيد جمعية الإتحاد والترقي فلماذا لم تقم تلك الجمعية بفتح باب الهجرة الصهيونية لفلسطين بدلا من خوض حروب ومعارك خصوصا وأن سقوط القدس بيد القوات البريطانية تأخر بسبب مقاومة الحامية العثمانية.
السلطان عبد الحميد الثاني, وكما ذكرت المؤلفة, كان على مستوى من الذكاء والنباهة ومتابعا مستمرا لوسائل الإعلام خصوصا الأجنبية التي كان يأمر بترجمة ملخصات لأهم المواضيع الواردة فيها والتي لها علاقة بالسلطنة العثمانية وبالتالي مدركا لأبعاد المؤامرة الصهيونية خصوصا مع تزايد المستعمرات الصهيونية في فلسطين خلال فترة حكمه وتزايد عدد سكانها وعن عدم إتخاذ السلطان إجرائات حازمة لوقف الهجرة الصهيونية لفلسطين.إن مناقشة صحة تلك الوثيقة والتي إحتلت مكانة مركزية في دفاع أنصار السلطان عبد الحميد الثاني عن التهمة الموجهة ضد بالتخلي عن فلسطين ليست هي الإشكالية الوحيدة التي ناقشتها المؤرخة والكاتبة الأردنية فدوى نصيرات بل تمتلئ صفحات الكتاب بالأدلة والمراجع التي أوردتها الكاتبة لدعم وجهة نظرها بإعتبارها باحثة تاريخية ومؤرخة تحمل شهادتي البكالوريوس والماجستير في التاريخ من جامعة اليرموك في الأردن ودكتوراه فلسفة في التاريخ من الجامعة الأردنية. الكتاب أكثر من رائع ويعد من نوعية الكتب التي تناقش مسائل مسكوت عنها تاريخيا حتى أنها تحولت إلى مسلمات مقدسة تؤخذ بالإيمان وليس عن طريق البحث والتدقيق التاريخي كما يفترض بذالك منطق التعامل مع تلك المسائل الحساسة.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية

النهاية